يواجه عمال عقود قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، واقعاً صعباً بسبب تدني أجورهم وغموض مستقبلهم الوظيفي، على الرغم من أن معظمهم من خريجي المعاهد وحملة شهادات البكالوريوس. ويشير هؤلاء العمال إلى أن الأجور التي يحصلون عليها لا تتناسب مع الحد الأدنى للأجور ولا مع الارتفاع الكبير في أسعار السوق، مما دفع بالكثيرين منهم للبحث عن فرص عمل أخرى.
ظروف عمل غير مضمونة
أحمد علي، أحد العاملين وفق عقود عمال قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية والحاصل على شهادة بكالوريوس في اللغة العربية: يقول " بعد إعلان قوائم المقبولين، تم استدعاؤنا لتوقيع العقود في بغداد، وتم توزيعنا لاحقا على الدوائر الحكومية. وجرى تكليفي بالعمل في أمانة بغداد بعقد لمدة ثلاث سنوات وبراتب شهري قدره 300 ألف دينار فقط". ويضيف "يتجاوز عدد عمال عقود الأمن الغذائي في بغداد فقط 400 عامل، ولا تشملهم قوانين الخدمة المدنية أو الضمان الاجتماعي للعمال. ورغم وعود سابقة بزيادة الأجور إلى 450 ألف دينار بعد إقرار موازنة 2022، الاّ إنه لم يتحقق أي شئ من تلك الوعود مما أجبر أغلب العمال على البحث عن فرص عمل آخرى".
مخالفات قانونية في العقود
بدوره، يرى الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق، عدنان الصفار، أن عقود العمل ضمن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية تخالف قانون العمل النافذ، حيث تفرض أجورا تقل عن الحد الأدنى المقرر قانونًا، كما تحرم العمال من الحق في تقديم شكاوى لدى محكمة العمل في حال تعرضهم لأي انتهاكات وظيفية. ويوضح الصفار بأن هؤلاء العمال يعملون وفق قانون الأمن الغذائي وليس ضمن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، مما يجعلهم في وضع قانوني هش.
ويؤكد الصفار في تصريح لـ"طريق الشعب" أن "الجهات الحكومية تستغل حاجة الخريجين إلى العمل بفرض شروط تنتهك حقوقهم القانونية، خصوصا وأن قانون الأمن الغذائي شُرّع لأغراض اقتصادية مؤقتة ولم يُصمم لمعالجة أوضاع العمال وحماية حقوقهم".
ويستطرد قائلاً "أن وضع العمال بموجب هذا القانون بات غامضًا اليوم، حيث لا توجد شفافية حول مصير المبالغ التي خُصصت لهذا القانون، مع وجود معلومات تفيد بتصرفات مالية غير واضحة وجّهت إلى مجالات أخرى. فقد شرّع مجلس النواب القانون حينها، لأهداف انتخابية بحتة ولتهدئة غضب الخريجين العاطلين عن العمل، دون أن يقدم حلًا حقيقيًا لمشكلاتهم".
اتهامات بسوء إدارة الموارد
من جانبه، وصف المحامي جعفر صادق قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بأنه "سرقة قانونية"، مشيرًا إلى أن القانون خصص مبالغ مالية ضخمة دون وجود أي نصوص أو جداول أو تعليمات توضح كيفية التصرف بها. وأكد أن وضع العمال المشمولين بهذا القانون بات مجهولًا، وكذلك مصير الأموال التي صُرفت في إطار تنفيذه.
وأوضح جعفر في تصريح لـ"طريق الشعب" أن "الغاية المفترضة من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية كانت توفير السيولة المالية لأغراض التعاقد فقط، وكان من المفترض أن يخضع العمال المتعاقدون بموجبه، لقانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال، باعتبارهم متعاقدين مع الإدارات العامة. وبذلك، كان يجب أن يطبق عليهم الحد الأدنى للأجور المنصوص عليه في قانون العمل. إن أي تعاقد لا يتماشى مع الحد الأدنى للأجور يمثل مخالفة قانونية لحماية حقوق العمال".
وفيما يتعلق بوضع عمال عقود الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذين يعملون بصفة متدربين لمدة ثلاث سنوات، قال جعفر إن "القانون يتناقض مع العديد من القوانين النافذة. وعلى الرغم من حملات الاعتراض الواسعة التي أُطلقت في حينها، إلا أن الحكومة لم تستجب. فغالبية هؤلاء العمال هم من الخريجين، والشروط التي تضمنها القانون تعسفية ومخالفة لقانون العمل، الذي ينص على أن فترة تجربة العامل يجب أن تكون لمدة ثلاثة أشهر فقط، أو عام كحد أقصى وفق قانون الخدمة المدنية، مع ضمان المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين العمال الخاضعين للتجربة وزملائهم العاملين".
هدا وتجدر الإشارة الى أن مجلس النواب قد صوّت سابقًا على قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، الذي يضمن توفير 15 ألف عقد عمل للخريجين لمدة ثلاث سنوات، براتب شهري قدره 300 ألف دينار، على أن يتم توزيع هذه العقود بين 15 محافظة كجزء من مخصصات تنمية الأقاليم.