شأن غيرها من المحافظات، تشهد محافظة واسط منذ خمسة أيام، مع بدء اشتداد موجة البرد، تراجعا حادا في تجهيز الطاقة الكهربائية، بسبب توقف إمدادات الغاز المستورد من إيران، الأمر الذي قلل حصة المحافظة من الطاقة الكهربائية إلى 400 ميغاواط، بعد أن كانت بحدود 900 ميغاواط.
هذه الأزمة أثارت استياء الأهالي في مدينة الكوت، مركز المحافظة، وفي الأقضية والنواحي. إذ لم يعودا قادرين على تأمين الماء الدافئ، في ظل انخفاض درجات الحرارة، لكون فترة تجهيز الكهرباء لا تكفي لتسخين الماء في السخانات. إذ تُجهز الكهرباء ساعة كاملة مقابل انقطاع 3 أو 4 ساعات.
ومنذ بداية تشرين الثاني الفائت، تحوّل نظام المولدات الأهلية، إلى التشغيل الشتوي، من الساعة 5 عصرا حتى 12 ليلا، ما يعني أن أهالي واسط يقضون الليل، بُعيد منتصفه، في ظلام دامس وبرد قارس!
ولم تقتصر هذه الأزمة على محافظة واسط. إذ إن توقف إمدادات الغاز الإيراني تسبب في خروج العديد من محطات توليد الكهرباء الغازية، عن الخدمة، وبالتالي انخفض إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل كبير، وصار الاعتماد مقتصرا على الغاز الوطني الذي لا يمكنه تأمين حاجة جميع المحطات من الوقود.
وكانت وزارة الكهرباء قد أفادت قبل نهاية تشرين الثاني الفائت، بـ"توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة، لمدة 15 يوما، ما تسبب في فقدان 5.5 غيغاواط من الطاقة الكهربائية من الشبكة الوطنية"، مضيفة في بيان صحفي أن "الامدادات انقطعت عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط".
وفيما أكدت أنها سترفع تنسيقها مع وزارة النفط لتعويض ما خسرته المنظومة الكهربائية من الغاز، أعلنت قبل 3 ايام توقف عدد من محطات الإنتاج، بسبب عدم وصول إمدادات الغاز الإيراني.
"تنهار في ذروة حاجتنا إليها"!
المواطن عباس عبد الله من مدينة الكوت، يقول في حديث صحفي أن "الأوضاع في منازلنا باتت صعبة للغاية. إذ ان جدول تجهيز الكهرباء متذبذب وغير مستقر، وغالبا تأتينا الطاقة الكهربائية ساعة واحدة، مقابل ساعتين أو ثلاث إطفاء، وبالتالي لا يمكن للعائلة أن تُحظى بماء دافئ، ولا يمكن لها أن تُشغل المدافئ الكهربائية"، متسائلا في حديث صحفي: "لا نعرف لماذا تنهار الكهرباء في ذروة حاجتنا إليها؟!".
"منازلنا لا تعرف الدفء"!
من جانبه، يُعرب المواطن محمد قربج، من قضاء الصويرة، عن استيائه من تراجع تجهيز الكهرباء.
ويقول أنه "قبل حلول فصل الشتاء، مثلما مع بداية فصل الصيف، نكون على يقين من إقبالنا على أزمة كهربائية جديدة. فيبدو أن هذه الأزمة، التي بات حلّها عصيا على حكومات لا تمتهن غير إطلاق الوعود الزائفة، ستظل ترافقنا حتى الممات، ولعلها ستستمر أجيالا وأجيالا فيما إذا بقي الفساد متصدرا المشهد"!
ويؤكد لـ"طريق الشعب" أن "الكهرباء تنقطع فترات طويلة، تصل أحيانا إلى 4 و5 ساعات، مقابل ساعة تجهيز واحدة متذبذبة غير مستقرة"، لافتا إلى أن "منازلنا لم تعد تعرف الدفء، وأطفالنا يرتجفون بردا. فيما الظلام يُخيم علينا ليلا بعد إطفاء المولدات الأهلية".
وينتقد قربج الحكومة والمعنيين ساخطا: "بدلا من انشغالكم في مشاريع ثانوية، ربما هدفها الكسب الانتخابي، جدوا حلا لأزمة الكهرباء التي أرهقت المواطن وأتعبته، مثلما أتعبت ميزانية الدولة بلا أدنى جدوى"!
عودتها مرتبطة بعودة الغاز الإيراني
إلى ذلك، تنقل شبكة "964" الاخبارية، عن مصدر مسؤول في كهرباء واسط، قوله أن "حصة واسط في جدول الكهرباء الوطنية، كانت تتراوح بين 800 و900 ميغاواط، وهي في الحقيقة لا تكفي لتغطية الحاجة، ومع أزمة الغاز الإيراني انخفضت الحصة إلى حدود 400 ميغاواط".
ويضيف المسؤول الذي حجبت الشبكة اسمه، أن "محطة الزبيدية الحرارية الواقعة في شمالي المحافظة، لا تزال تعمل. فهي تتسلم الوقود من حقول المحافظة النفطية، لكنها مربوطة بالشبكة الوطنية وليست لدى المحافظة صلاحية في زيادة حصتها".
ويؤكد أن "الكهرباء ستعود إلى وضعها الطبيعي بمجرد عودة امدادات الغاز. وهذا الوضع طارئ ولن يستمر، لكن لسوء الحظ تصادف مع موجة البرد الشديدة".
وتشتمل محطة واسط الحرارية على 6 وحدات إنتاجية، تبلغ إنتاجيتها 2800 ميغاواط. وبحسب اختصاصيين في المجال الكهربائي، فإن واسط تحتاج إلى نحو 1500 ميغاواط، لتجهيزها بالكهرباء على مدار 24 ساعة.
وكثيرا ما نظم أهالي واسط احتجاجات على تدهور الطاقة الكهربائية صيفا وشتاء، رغم امتلاك محافظتهم محطة كهربائية، إلا ان تلك الاحتجاجات لم تفضِ إلى نتيجة. فالمحطة مربوطة بالشبكة الوطنية العامة، وحصة المحافظة من الطاقة الكهربائية تُحدد من قبل وزارة الكهرباء بشكل مباشر.