يعاني سكان قرية السحل، الواقعة على أطراف وادي حوران وسط محافظة الأنبار، من إهمال مستمر منذ عقود. ويقطن القرية حوالي 250 عائلة، تفتقر جميعها إلى أبسط الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء، المياه الصالحة للشرب، والمستوصف الصحي، فيما يعتمد السكان بشكل رئيس على مياه الأمطار لري مزروعاتهم، حيث تمثل الزراعة المصدر الأساسي لعيشهم.
غياب تام للقطاع الصحي
محمد الأنباري، أحد سكان ناحية البغدادي القريبة من قرية السحل، ذكر أنه قام بزيارتين للقرية أثناء إعداده بحثاً عن مشكلات المياه في القرى والأرياف بمحافظة الأنبار، حيث لاحظ حجم المعاناة التي يعيشها السكان بسبب نقص الخدمات الأساسية.
وتحدث الانباري لـ "طريق الشعب"، عن معاناة السكان في القرية، قائلا ان "المياه والكهرباء معدومة بالكامل، كما لا يوجد فيها مستوصف صحي. يضطر السكان الى القدوم الى ناحية البغدادي للعلاج، وحسب ما نقل لي السكان، هناك حالات وفاة حصلت بسبب الوصول المتأخر الى المستشفى".
وتُضطر العائلات في القرية الى نقل النساء الحوامل قبيل موعد الولادة إلى مستشفى في البغدادي لتأمين رعايتهن قبل أن الولادة.
ناس تعيش بالقرون الوسطى
وبين الناشط المدني، أن "الحياة في قرية السحل بدائية وبسيطة. يعتمد السكان على الزرعة وتربية المواشي"، مشيرا الى ان السكان يعتمدون على الهواتف الجوالة القديمة، فيما تسود العادات والتقاليد القديمة بشكل كبير، حيث لم نجد هناك نساء يتجولْن او يذهبن للدراسة".
وأشار الى وجود مضخة ديزل تسحب المياه من البئر، بعد استخراجها لتوضع في بركة مصنوعة من الاسمنت للاستخدام".
مسؤول محلي يحدد احتياجاتها
من جانبه، قال مدير ناحية البغدادي أن قرية السحل، تبعد حوالي 25 كيلومترًا عن مركز الناحية، قد شهدت تحسنًا ملحوظًا في البنية التحتية والخدمات خلال العامين الماضيين.
وقال لـ "طريق الشعب"، أن "القرية، التي كانت تفتقر سابقًا إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والطرق، أصبحت الآن تتمتع بشبكة كهرباء وطرق معبدة".
وأشار المدير إلى أن القرية لا تزال بحاجة إلى بعض الخدمات الضرورية، مثل إنشاء مركز صحي أو وحدة طبية لتلبية احتياجات السكان المحليين. وأضاف أن غياب الخدمات الصحية يجبر السكان على التنقل لمسافة 25 كيلومترًا للوصول إلى أقرب مركز صحي في ناحية البغدادي.
وفيما يتعلق بخدمات الإنترنت والاتصالات، اكد انها منقطعة مستدركا بالقول أن شركة "آسيا سيل" قامت بنصب برج في القرية، ولكن أغلب السكان يعتمدون على خدمات شركة "زين" للاتصالات.
ودعا إلى تحسين البنية التحتية الرقمية في القرية لتلبية احتياجات السكان بشكل أفضل.
واختتم مدير الناحية حديثه بالتأكيد على أهمية دعم القرى النائية مثل السحل بالخدمات الأساسية لتحسين مستوى المعيشة وضمان توفير احتياجات المواطنين في هذه المناطق.
الانبار تنتظر التخصيصات
يقول سعد المحمدي، عضو مجلس محافظة الأنبار، أن "الخطط التنموية في المحافظة تعتمد على تحديد الأولويات بناءً على احتياجات الوحدات الإدارية المختلفة".
وبيّن المحمدي لـ "طريق الشعب"، أن "رؤساء الوحدات الإدارية يقومون برفع خططهم وفقاً للأولويات المحلية، حيث يمكن أن تختلف الاحتياجات من ناحية وقرية إلى أخرى. على سبيل المثال، قد تكون قرية معينة بحاجة ماسة إلى مشاريع في قطاع التربية، بينما تفضل أخرى التركيز على الصحة أو البنية التحتية مثل الطرق والجسور".
وأكد المحمدي، أن "توزيع الميزانية يتم وفق هذه الأولويات لضمان تحقيق أفضل استفادة ممكنة لجميع النواحي والأقضية والقرى في المحافظة".
ومع ذلك، أشار إلى "وجود تحديات كبيرة في العام الحالي، أبرزها عدم وصول الموازنة المخصصة للمحافظة، مبينا بالقول: ان “الموازنة التي كنا نعول عليها لم تصلنا، حيث استحوذت الحكومة الاتحادية عليها، ما جعلنا عاجزين عن تنفيذ العديد من المشاريع المخطط لها، وتركنا في موقف صعب أمام المواطنين".
واختتم المحمدي حديثه بالتأكيد على التزام مجلس المحافظة بتقديم الخدمات لجميع المناطق ضمن الإمكانيات المتاحة، معرباً عن أمله في تحسين الأوضاع المالية في المستقبل لتلبية احتياجات السكان بصورة أفضل.