اخر الاخبار

لا يختلف واقع حقوق الطفل في العراق عن واقع حقوق الإنسان في البلاد بعامة. إذ ان تراجع تلك الحقوق لا يزال مستمرا على نحو خطير، في ظل مواصلة الفقر المدقع والنزاعات والانفلات الأمني وانتشار السلاح وغياب منظومة قانونية توفر الحماية للصغار.

هذا ما تفيد به الباحثة الاجتماعية أمل الكبايشي في مناسبة يوم الطفل العالمي 20 تشرين الثاني.

وتؤكد الكبايشي في حديث صحفي، ان “ارتفاع مستويات العنف بشكل خطير ضد الأطفال بات واضحاً وملموساً من خلال ما يتم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك ما يظهر من نسب الاعتداء على الأطفال”، مضيفة أنه “بالرغم من مصادقة العراق منذ سنوات على البروتوكول الخاص باتفاقية حقوق الطفل والالتزام بتوفير بيئة آمنة وصحية لجميع الصغار، إلا ان أطفال البلاد لا يزالون يواجهون تحديات أمام حصولهم على تلك الحقوق”.

وتوضح أن “الأطفال يواجهون تصاعداً في العنف وتراجعاً في مستويات التعليم في ظل ارتفاع نسب التسرب الدراسي نتيجة لفقدان الكثير من الوسائل التي تشجع الأطفال على الاستمرار في الدراسة، ومنها البنى التحتية الجيدة والخدمات المتكاملة وغيرها، فضلاً عن التراجع على المستوى الصحي”.

وتشدد الكبايشي على ضرورة أن تفي الحكومة بالتزاماتها، بما جاء في الاتفاقية الدولية وما نص عليه الدستور من مواد تتعلق بحقوق الطفل، مشيرة إلى ان “العنف يعتبر من أكثر الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وهو في ارتفاع مستمر نتيجة لتشتت الطفل ما بين الأسرة المفككة في ظل ارتفاع مستويات الطلاق”.

انتهاكات متعددة

تتفاقم المعاناة التي يواجهها أطفال العراق بفعل ظواهر خطيرة لم تجد السلطات الحكومية حلولا لها، وأبرزها العمالة والتسرب الدراسي والاستغلال والاتجار بالبشر، فضلا عن المخدرات والعنف الأسري والنزوح القسري - حسب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، د. فاضل الغراوي.

ويذكر الغراوي في حديث صحفي، أن “الطفل العراقي بحاجة إلى نقلة نوعية في السياسات والإجراءات والبرامج للارتقاء بواقع حقوقه، خاصة أن العراق ملزم بمواثيق دولية في هذا الشأن”، مبينا أن “هناك سياسة وطنية للارتقاء بواقع حقوق الطفل، لكن التشريعات لا تزال بعيدة عن منظومة الحماية، ولا زال قانون حماية الطفل غير مُشرّع حتى الآن. كما لم تجر مراجعة شاملة لواقع حقوق الطفل وإمكانية الارتقاء به بما يتناسب ويتكامل مع فلسفة حقوق الإنسان وحقوق الطفل التي أرساها الدستور العراقي”.

وكان الغراوي قد أوضح في تصريحات سابقة، أن أسباب ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في العراق سببه الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، جراء ارتفاع معدلات البطالة والفقر والصراعات التي شهدتها البلاد والنزوح وارتفاع معدلات العنف الأسري ضد الأطفال وضعف منظومة التشريعات القانونية والاستراتيجيات الخاصة بحماية حقوق الطفل.

ويلفت الغراوي إلى أنه “بالرغم  من مصادقة العراق على الاتفاقيات الأساسية التي تحمي الأطفال من جميع أشكال العمالة، وهي اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن العمل، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1985، واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، بالرغم من ذلك كله، إلا ان نسب عمالة الأطفال في البلاد ما زالت مرتفعة”.

ويطالب الغراوي الحكومة والبرلمان بـ “الإسراع في تشريع قانون حماية الطفل وتعديل قانون العمل وتشديد العقوبات على أصحاب المصانع الذين يستخدمون الأطفال، فضلا عن خلق فرص اقتصادية للأطفال وإنشاء صندوق الأجيال ووضع نسبة فيه للطفل لحين بلوغه 18 عاماً”.

حقوق مضطهدة

يُفترض بالعراق أن يكون ملتزما بالاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل، والتي كان قد وقع عليها، مهما تغيّرت الحكومات، غير ان تلك الحقوق لا تزال مضطهدة -  وفق رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية، حقي كريم هادي، الذي يرى في حديث صحفي أن من مظاهر ذلك الاضطهاد: عدم تفعيل قانون التعليم الالزامي، وعدم مراقبة الأطفال الذين يعملون في أعمال شاقة أو في أعمال لا تناسب أعمارهم، وعدم وضع برامج للحد من تسول الأطفال في الشوارع، منوّها إلى انه “في ظل الوضع الحالي، فإن العراق مهدد بأمية كبيرة نتيجة تسرب الأطفال من المدارس”.

ويشدد هادي على أهمية “تفعيل قانون التعليم الالزامي الذي سيجبر أولياء الأمور على الحاق أطفالهم بالمدارس، كذلك تشريع قانون يحمي حقوق الطفل من الأسباب التي أدت إلى العمالة أو التسرب”.

ماذا عن قانون حقوق الطفل؟!

تذكر رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة في مجلس النواب، دنيا الشمري، أن لجنتها سعت إلى رفع قانون حماية الطفل لقراءته قراءة ثانية “رغم انه لا يفي ولا يتحدث عن حقوق واقعية للطفل العراقي، إنما هي حقوق موجودة فعلاً، منها اكتساب الجنسية والحقوق الصحية. كما يتحدث القانون عن أمور ليست موجودة في المجتمع العراقي”.

وتبيّن في حديث صحفي، أن “القانون طرأت عليه تعديلات عديدة تصل إلى 100 ورقة رغم ان مسودته لا تتجاوز 3 أوراق فقط”، مشيرة إلى ان “هناك مساعي لقراءته قراءة ثانية، لكن جاء كتاب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من قبل المستشار أحمد الفتلاوي، يفيد بأن لجنة المستشارين قررت التريث في الأمر لغرض إجراء بعض التعديلات على القانون”.

وتضيف الشمري أنه “تم تشكيل لجنة لكتابة بعض التعديلات والتصويت عليها واعطاء لجنة المرأة القانون الجديد، وتم الاتفاق على عقد جلسات لمناقشة هذا القانون بعد الانتهاء من التعداد السكاني”.

وعن التعديلات التي تسعى لجنة المرأة لإضافتها إلى القانون، تبيّن انها تتعلق بـ”محاربة التسول والاتجار بالبشر ودور الإيواء الأهلية التي لا يُعلم مصير الأطفال فيها. فهذه أهم القضايا التي يجب مناقشتها بالقانون، وستتم المطالبة بأن تكون دور الإيواء حكومية فقط. كما ان هناك أطفالا متميزين على مستويات عالية من الذكاء ولديهم جوائز عليا، منها في الذكاء الاصطناعي، فهؤلاء يجب توفير رعاية لهم من خلال القانون الجديد”.