قال الرفيق حميد مجيد موسى، ان ذكرى استشهاد الرفيق الشيوعي البطل وضاح عبد الأمير (سعدون – أبو كفاح) ابن كربلاء الباسلة، يوم حزين علينا نحن الشيوعيين، فقد ارتكب ارهابيو النظام الدكتاتوري المنهار المتحالفون مع التنظيمات الإرهابية هذه الجريمة النكراء، ونحن لم نستطع ملء هذا الفراغ الذي خلفه الرفيق سعدون طوال هذه السنوات، فقد كان الفقيد شعلة من النشاط والحركة والجرأة والعمل الدؤوب لأجل خير الحزب والطبقة العاملة والكادحين.
وتحدث الرفيق موسى عن عمله مع الشهيد سعدون عن قرب أيام كفاح الأنصار الشيوعيين في سنوات 1986 و1987 و1988 حينما كانا بالقرب من بعضمها في مدينة أربيل وقراها واريافها وجبالها وفي موقع زيوه، حين كان الرفيق سعدون متطوعاً للعمل داخل الوطن وهو النصير الشاب الذي ترك الدراسة في الاتحاد السوفيتي مبكراً ليسهم في بناء ونشاط ومهمات حركة الأنصار، وليعمل على تهيئة وتوفير مستلزمات إعادة بناء التنظيم داخل الوطن في بغداد ومدن العراق الأخرى.
الذكرى العشرون لاستشهاد أبو كفاح
وجاء حديث الرفيق أبو داود سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سابقا في الذكرى العشرين لاستشهاد الرفيق سعدون، في حوار اجراه معه المركز الإعلامي للحزب، والذي سوف يعرض اليوم فيديويا في حفل استذكار الرفيق الشهيد أبو كفاح.
وذكر الرفيق حميد موسى، ان “الرفيق سعدون مميز في مثابرته وجرأته في تنفيذ المهمات التي توكل اليه، ففي ذلك الوقت وصل الى بغداد، وهيّأ لنفسه ولرفاقه أماكن الاختفاء والعيش في بغداد لإعادة تنظيم الحزب وترتيب الصلة بالرفاق المقطوعين عنه ولبناء الجديد من التنظيم. وقد نجح الرفيق مع رفاقه في تدبير ذلك برغم مواجهتهم صعوبات كثيرة، في مواجهة نظام وحشي سافل وقاس، بل هو مجرم وإرهابي يبطش بكل حركة معارضة، لذلك كان يصعب التحرك بسهولة من قبل الرفاق في بغداد”.
وتابع القول: “مع ذلك استطاع الرفاق الوصول، واستطاعوا الإبقاء على شعلة الحزب وهاجة وحيّة، في مدن العراق المختلفة، وابتكروا أساليب عمل بارعة للتملص من مراقبة الامن”، لافتاً الى ان “الرفاق نجحوا في بعض الأحيان ولم ينجحوا في أحيان أخرى، حيث كانت الخسائر كبيرة في تلك المهمة الصعبة”.
دوره في إعادة بناء تنظيمات الداخل
وأضاف، ان “للرفيق سعدون خبرة جيدة - وهي موضع اعتزاز الحزب وتثمينه - في إعادة بناء تنظيمات الداخل حتى سقوط النظام، إذ كان الرفيق يعيش في بغداد بعد ان غادر كردستان لفترة طويلة. وبعد انتفاضة 1991 وامتدادها الى مدن العراق المختلفة وفي إقليم كردستان، الذي تحررت مدنه وقصباته من قبضة الدكتاتورية، وبات منطقة تديره وتحكمه قوى الحركة الوطنية، وحينها ونتيجة للمضايقات والمصاعب التي عاناها التنظيم الذي يديره الرفيق سعدون في بغداد، قرر الحزب سحبه الى كردستان، لكي يكون بعيدا عن متناول أيدي الأجهزة الأمنية الاجرامية، حيث كلف بعد انتقاله الى شقلاوة إدارة مقر الحزب المركزي هناك”.
وعن تلك المرحلة، يقول الرفيق حميد مجيد موسى إن الرفيق سعدون “أظهر خلال عمله في شقلاوة مهارة وكفاءة إدارية جيدة لإعادة الاتصال بتنظيمات الحزب في مدن العراق الأخرى والرفاق الذين يعملون علنياً في إقليم كردستان، وساعد على تجميع الرفاق في منظمات ديمقراطية ومهنية في الإقليم وايصال صوت الحزب عبر إذاعة صوت الشعب العراقي الى محافظات الوطن، فكان عمله بمشاركة الرفاق الآخرين مأثرة كبيرة يعتز بها الشيوعيون بعد أن طبّل النظام واشاع انه قضى على الحزب الشيوعي”.
وواصل حديثه، ان “الشيوعيين بجرأتهم المعهودة واخلاصهم _ ومن ضمنهم الرفيق سعدون الذي كان في مقدمة الصفوف _ استطاعوا ان يبرهنوا ان الحزب لا تستطيع اجتثاث جذوره أي قوة غاشمة سوداء، ويستطيع إعادة بناء تنظيماته رغم كل المحن والصعوبات سواء كانت الخارجية او المحلية الداخلية، فالمعروف اننا حين باشرنا العمل العلني في شقلاوة، كانت الأوضاع العالمية وبالخصوص الحركة الشيوعية عصيبة، بعد انهيار الدول الاشتراكية والاتحاد السوفيتي، واهتزت قناعات شخصيات غير قليلة، ودب اليأس في نفوس البعض والتشاؤم، لكن الشيوعيين الاصلاء ثبتوا وبرهنوا على ان بالإمكان، وبالتضحية والوعي والتنظيم الجيد يستطيعون إعادة بناء تنظيم الحزب ومواصلة مسيرتهم النضالية لخلاص الشعب من شر الدكتاتورية وأجهزتها الأمنية القمعية”.
منظم بارع
وعن صفات الرفيق وضاح عبد الأمير “سعدون” يقول الرفيق أبو داود: أنه كان “منظماً بارعاً وشخصية جذابة ومحبوباً بين الرفاق، ويساعد الجميع ويتعاطف مع مشاكلهم، ويفرح لأفراحهم ويحزن لأحزانهم فاكتسب موقعاً خاصاً في قلوب الرفاق وهيبة واحتراما لدى جماهير شقلاوة واربيل، حينما شاع وذاع اسمه اثناء تصديه لقوات الحكومة التي ارادت ان تعيد غزو كردستان واستباحة أربيل بعد انتفاضة اذار 1991”.
وتابع، لقد “صمد سعدون مع رفاقه صمود الابطال، وتحملوا كل المعاناة وشظف العيش والمضايقات ومحاولات التخريب والتسميم التي شنها النظام وأصبح الحزب صوتاً هادراً يبشر الشعب بإمكانية الانتصار وعدم جعل الرعب والإرهاب سيفاً مسلطاً على رقاب المناضلين، وتجرعوا المر في سبيل إعادة بناء تنظيمات الحزب في أغلبية مدن العراق ليقيموا الصلات المناسبة في تلك الظروف العصيبة كي تعمل منظماتنا بسلاسة ومقدرة، مراعين الظروف الصعبة ومتطلبات ظروف العمل السري”.
الانتقال إلى مرحلة أخرى في العمل
وانتقل حديث الرفيق حميد مجيد موسى، الى مرحلة أخرى من حياة الشهيد وضاح عبد الأمير، خصوصاً مرحلة انتخابه الى عضوية اللجنة المركزية ومن ثم في المكتب السياسي للحزب، وعن ذلك يقول: لقد تطورت الأمور وكان الشهيد سعدون من أبرز الرفاق المناضلين، وحين وصلنا الى نقطة إعادة الشرعية لمؤسسات الحزب توجهنا الى عقد المؤتمر الوطني الخامس، وحينها كان شهيدنا مثابراً في التحضير والنشاط لإنجاز هذه المهمة الجليلة بعد انقطاع مؤسسات الحزب عن النشاط منذ فترة طويلة، أي منذ المؤتمر الرابع حيث لم نعقد مؤتمراً، رغم انها فترة طويلة نسبياً، وكان النظام الداخلي ينص على عقد المؤتمر كل اربع سنوات، وفي فترة التحضير للمؤتمر الخامس، استجمع الحزب قواه في داخل الوطن وخارجه وفي كردستان وجمع الشيوعيين المؤهلين المنتخبين شرعياً وديمقراطياً من منظمات الحزب لعقد المؤتمر، الذي انتخب فيه الرفيق سعدون عضواً في اللجنة المركزية الجديدة التي تشكلت مما يقرب من 50 في المائة من الشباب الجدد والذين وضعوا انفسهم تحت قرار الحزب وجنّدوا طاقاتهم لإعادة بنائه في أي مكان يتطلبه الأمر، للعمل في الداخل او الخارج، في حركة الأنصار او خارجها في العمل المدني.. هكذا كان المناضلون اشداء وبارعين في تجاوز كل الصعوبات والعقبات التي تحول دون انتشار منظمات الحزب في داخل الوطن وحوله”.
ويتابع “بعد حين وحيث كنا نسعى جاهدين لترجمة قرارات المؤتمر الخامس على أرض الواقع، بدأت الأجواء العراقية تكفهر أكثر والازمة تشتد وحاجات النضال تتزايد، كان التدخل الخارجي بيناً بسبب ممارسات النظام المتهورة وكان قمعه للشعب فاضحاً ومكشوفاً ومؤلماً، فصارت الاعدامات والقتل والمطاردات على قدم وساق وحينما نمت لدى الشعب حاجة بضرورة الخلاص من النظام الدكتاتوري، واجترح الحزب في وجهته شعار ( لا للحرب .. لا للدكتاتورية) وطالب أيضا برفع الحصار الاقتصادي عن الشعب، وربط ربطاً ديالكتيكياً بين هذه الأوجه فالذي يناضل ضد الدكتاتورية لا يعني انه يؤيد الحرب والغزو، ولا يعني انه يريد الحصار الاقتصادي ضد الشعب، بل نحن كنا نسعى ان يكون الحصار ومفاعليه مكرسة مباشرة على النظام الدكتاتوري وازلامه وقياداته، ووضعنا البرامج التفصيلية لتحركات الحزب في هذه الميادين، بحيث لا تختلط وتتداخل المشاعر المضطربة في ذلك الوقت بترجمة وتفسير هذه الشعارات”.
وعن تلك الفترة يواصل الرفيق حميد مجيد موسى حديثه، ان “سعدون كان عضوا نشيطا في اللجنة المركزية، وانتخب لاحقاً عضواً في المكتب السياسي فهو أحد المساهمين الجديين في صياغة سياسة الحزب التي أصبحت منهجا لكل الشيوعيين العراقيين، وصيغت السياسة بديمقراطية وعبر الرأي الجماعي، عملاً وتطبيقياً وتوسيعاً لحرية الرأي بعد المؤتمر الوطني الخامس الذي اطلقنا عليه (مؤتمر الديمقراطية والتجديد)، فالشيوعي شعر بميدان اكبر للمساهمة في صياغة سياسة الحزب، وهكذا تطورت الأمور داخل الحزب الشيوعي العراقي”.
إعادة بناء تنظيمات الحزب
ويشير الى ان الرفيق سعدون كان يساهم مع لجنة التنظيم المركزية في إعادة بناء التنظيمات والاتصالات والبحث عن الأساليب والوسائل التي تمكن تلك التنظيمات من توسيع صفوفها وتفعيل وتكثيف نشاطها، وان تكون في الصدارة في نشاط الجماهير المعادي للدكتاتورية الفاشية، واستمر في ذلك العمل الذي كان حساساً جداً بسبب الظروف آنذاك وكان عليه ان يسهم ايضاً في عمل العلاقات الوطنية وهو الشخصية الاجتماعية المعروفة في الوسط السياسي والحزبي، كممثل للحزب في الكثير من المناسبات، فمع كل هذه الكفاءات كوّن الشهيد تجربة شخصية فذة، في الإدارة والتنظيم والعلاقات الوطنية، وكان هذا عاملا أساسيا لنجاحه في ان يسهم مساهمة فاعلة ومثمرة في صياغة سياسة الحزب وحياته عموماً”.
اما عن “مرحلة سقوط النظام الدكتاتوري الذي كنا نتمنى ونعمل على اسقاطه والخلاص منه، ولكننا كنا نسعى ان ينجز ذلك ليس عبر الغزو والتدخل الأجنبي، وانما عبر تفعيل العامل الداخلي وتوحيد القوى الوطنية العراقية وقوى الشعب والجيش وكل الشرفاء في الوطن، لأننا كنا ندرك أن للغزو الخارجي اثمانه وابعاده الخطرة والمؤثرة، ونحن مقتنعون _ كما اشرنا الى ذلك قبيل السقوط في وثائق الحزب _ ان الغزو والاحتلال لا يجلب الديمقراطية ولا يسهل التنمية الاقتصادية، ولا يجلب الاستقرار في البلد. وكنا ندرك هذه الحقيقة، لكن توازن القوى على الصعيدين العالمي والعراقي لم يكن في أيدينا، بل كان لصالح القوى الأخرى التي خطت طريقاً خاطئاً”.
ويذكر الرفيق أبو داود، ان “عملنا منذ الأيام الأولى ونحن نميز الحزب عن باقي القوى في رفض الغزو والاحتلال والتدخل الأجنبي وكنا نميزه بانه يسعى لاعادة بناء العراق مستقلاً ذي سيادة ونجمع القوى الوطنية على أساس برنامج وطني موحد يتلخص في بناء القاعدة المادية والسياسية والفكرية لتهيئة مستلزمات جلاء القوات الأجنبية وإعادة السيادة والاستقلال للوطن العراقي، ولم نخض كفاحاً مسلحاً في تلك الفترة لشعورنا ان الأوضاع غير ملائمة، وان توزان القوى ليس لصالح الحركة الوطنية، لكننا كنا نسعى الى تهيئة المقاومة السياسية، اذ ان المقاومة ليست عسكرية فقط، انما فيها أوجه عديدة سياسية وفكرية وثقافية وجماهيرية ، هكذا هي سياسة الحزب واسعة الافاق ومنفتحة الأركان لكي تصل الى النتيجة المرجوة وهي: استعادة استقلال العراق وإعادة بنائه على أسس وطنية سليمة تنفع الشعب وتفتح الطريق واسعا لإعادة بناء البلد بما ينسجم مع مصلحة الشعب العراقي الجذرية، ويفتح آفاق التطور”.
ويواصل الرفيق حديثه عن تلك الفترة التي جرت فيها تهيئة التدابير مع السعي الى نقل مركز الحزب الى بغداد، منذ بداية نيسان اذ بدأت طلائع التنظيمات تتحرك الى بغداد من كردستان ومن الخارج، ونجحنا في فتح مقرات للحزب، وكان الرفاق أبو حياة وجاسم الحلفي وملازم ماجد من الأوائل الذين وصلوا وبعدهم الرفيق أبو رافد وغيرهم من الكوادر التي كانت متهيئة ومؤهلة لإعادة بناء منظمات الحزب وتجميعها في بغداد والمحافظات الأخرى”.
“طريق الشعب”
ويضيف “جرى استجماع قوانا لفتح المقرات في بغداد والمحافظات وللتعبئة للاحتفال في الأول من أيار، وكان لهذا الحدث مذاق كبير للشيوعيين وغيرهم، وتأثير نوعي، وقبل ذلك كانت (طريق الشعب) توزع في شوارع بغداد حاملة اسم الحزب. وكان لذلك صدى كبير خارجيا وداخليا، وكانت تنجز بنشاط الرفاق أبو نيسان واكرم وماجد زيدان وسامي خالد ومجموعة أخرى كانت تساعد في تهيئة المواد الإعلامية للجريدة والإذاعة، وكان سعدون حاضرا ولولباً في كل هذه الناشطات، اذ كان يساعد الاعلام والعلاقات، ويدعم التنظيم، وكان عضواً في المكتب السياسي فضلاً عن مسؤوليته في إدارة مقر شقلاوة.
ويؤشر الرفيق موسى، ان الحاجات في تلك الفترة ليست قليلة لاعادة التنظيم، وكذلك تهيئة الوسائل المادية في ظل الظروف والامكانيات الشحيحة التي كانت تحتاج الى براعة وتدبير وعقلية إدارية راجحة حتى تنجح في تسهيل مهمة الرفاق في نقلهم وسكنهم وتوفير وثائقهم وغيرها من الأمور والمستلزمات في وقت كان الحزب جريحا لما ارتكب النظام بحقه من جرائم، لكن الشيوعيين بارعون في التضحية وتجاوز الصعاب وإعادة بناء المنظمات”.
ويشير الى انه بعد ان تهيأت الظروف سافرنا الى بغداد يوم 25 نيسان للاحتفال في مناسبة يوم العمال العالمي، وكي نسهم في تكريس وجود الحزب رسمياً في المقرات. وكان مقرنا في ساحة الاندلس هو المركز الأساسي. وسعى رفاق الحزب من الداخل والقادمون من الخارج والعائدون من كردستان لإعادة ترميم ما يجب ترميمه وتهيئته لبناء مقر جديد لائق للحزب، ولكثرة الجماهير التي التفت حوله بعاطفة جياشة وبنفس ثوري كبير ومفرح، فكان الأول من أيّار باكورة النشاطات الجماهيرية التي تعرف فيها الحزب إلى الكثير من الرفاق والأصدقاء المنقطعين عن الحزب في ذلك الوقت. وبدأ إعادة بناء التنظيم حسب المناطق، وحسب الهيئات، وشكلت اللجان المحلية. وكان الرفيق سعدون مسؤولاً عن المركز الحزبي في بغداد. وهذه مأثرة كبيرة في التعاون مع بقية الرفاق الذين يزيد عددهم على المئات. وبعد ذلك تمكنا من تذليل الكثير من الصعاب لكي يكون الحزب في موقع الصدارة. وهنا بدأنا نستعد للتحضير لنشاطات الحزب الأخرى الرسمية وغير الرسمية وفي اطار الحكومة والجمعيات والمؤسسات الشرعية مثل مجلس الحكم والمجلس الوطني والجمعية الوطنية والبرلمان.
المؤتمر الثامن للحزب
ويؤكد الرفيق موسى، ان الشهيد سعدون كان حاضراً في كل هذه النشاطات بفاعلية، لا يهاب الموت، كما كان في حركة الأنصار وتنظيم الداخل، وساهم في إعادة بناء الحزب عملياً وصمد بوجه كل الشدائد والصعاب. ونحن نحضر لإعادة بناء منظمات الحزب والتهيئة للمؤتمر الثامن كان سعدون من النشطاء الأوائل فيه.
ويذكر ان الرفيق سعدون كان مساهماً ايضاً في التحضير الى فعالية المؤتمر الثامن في ظل هذه الظروف الجديدة، واعدنا الاتصال بكل تنظيمات الحزب في المحافظات، وعشرات الاقضية والنواحي، ولم تعد هناك أي محافظة لا توجد فيها محلية للحزب الشيوعي، وباتت مؤسسات الحزب تنشط بعد إقرار الخطط والتوجهات للعمل.
خسارة الرفيق سعدون
اما عن جريمة اغتيال الرفيق الشهيد سعدون ورفاقه، فقال الرفيق حميد مجيد موسى، ان الحزب كان يهيئ لعقد اجتماع اللجنة المركزية، وصادفت في تلك الفترة مناسبة عيد، وكنا نحرص على إنجاز الوثائق مبكراً لتوزيعها على الرفاق الذين يقومون بمناقشتها، وحينها تأخر الرفيق عن الالتحاق بعائلته التي سبقته بالسفر الى شقلاوة، حيث مقر العائلة وبيتها الأساسي. تأخر عنهم الى ان اكمل كامل المهمات وشعر بأن العمل سيجري بشكل طبيعي بعد غيابه، وقرر السفر مع وجود معارضة لسفره، مع ان الحالة الإنسانية العاطفية لا يمكن ان تمنع رفيق وهو يصر ويعتقد ان هذا حق من حقوق عائلته عليه ان يكون معهم في أيام العيد.
ويكمل الرفيق حميد موسى حديثه: سافر الرفيق سعدون وهو مليء بالفخر والانجاز والثقة بالحزب وبإرادته وقدرته على المواصلة، سافر وكان العراق يمر في أيام عصيبة مع الأسف وكذلك أيام صعبة على الحزب والشعب. وفي طريق أربيل حصل ما حصل على يد الإرهابيين القتلة من بقايا النظام المتحالفين مع قوى الشر الظلامي مما سمي في آنذاك بتنظيم القاعدة، قبل ان يصل الرفيق سعدون ورفاقه الى إقليم كردستان.
واختتم الرفيق حميد مجيد موسى حديثه عن خسارة الرفيق سعدون بالقول بمرارة: قد تسنّم الشهيد مهمات كبيرة في الحزب وفي العلاقات الاجتماعية والوطنية، واصبح عضواً في المجلس الوطني العراقي وكان لفقدانه صدى خاص، لان سعدون كان ملء السمع والبصر في إعادة بناء الحزب والاتصال بمنظمات الحزب والحزبيين وبالقوى الوطنية والاجتماعية. لسانه جميل وكما يقولون بالعامية (يقطر عسل). صادق في اخلاصه للمشاعر المتضامنة مع رفاقه، يساعد ولا يتكاسل، شجاع بحق وحقيقة، وتسنم مهمات لم يستطع الكثير القيام بها بدلاً منه، لهذا نشعر على المستوى الحزبي أولا وعلى المستوى الاجتماعي ثانياً والشخصي بهول الخسارة وهول الفقدان. وسنبقى نتذكر سعدون البطل رمزاً من رموز الشيوعية العراقية الى ابد الدهر. نحبه ونعشق نضاله ونقتدي بخطواته فهو مثال ونموذج يفخر به الشيوعيون في كل مكان وازمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنويه: في مناسبة الذكرى العشرين لاستشهاد الرفيق سعدون.. تنشر طريق الشعب في الاعداد المقبلة لقاءات أخرى عن الشهيد وحياته الحزبية.