بغداد ـ طريق الشعب
تُعاني مدينة الغراف، الواقعة في محافظة ذي قار، تحديات كبيرة على صعيد الخدمات والبنى التحتية. فبرغم تاريخها العريق وجمال طبيعتها، لا تزال المدينة تواجه نقصًا حادًا في الماء وفي الكهرباء وفي الخدمات الأساسية، وهو ما دفع بالمواطنين إلى إطلاق نداءات مستمرة للحكومة المركزية من أجل تحسين الأوضاع.
معاناة مستمرة
يقول سعد محمد، أحد سكان الغراف، في حديثه لـ "طريق الشعب"، ان "مبالغ كبيرة تم صرفها لصالح الغراف لكن المعاناة لا تزال هي هي، إذ لا نعلم إلى أين ذهبت تلك الأموال"، مؤكدا وجود "حاجة ماسة إلى الخدمات الأساسية، فالنفايات تنتشر في كل مكان".
ويضيف محمد ان "مطالبنا واضحة، نريد خدمات، شوارع معبدة، كهرباء، ومجاري. لم يتم تنفيذ أي من هذه المشاريع حتى الآن"، ومناشد الحكومة المركزية والمحافظ أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاهنا."
ويتابع ان "حي الحرية، وسط مدينة الغراف، لا يزال سكانها ينتظرون تحقيق الوعود الكثيرة التي تلقوها سابقًا. التي بقيت حبيسة الكلمات"، واردف بالقول "وعلى الرغم من الثروات الطبيعية التي تمتلكها المحافظة، إلا أن الاستفادة منها تظل ضئيلة، مما يزيد من معاناة المواطنين.
ويوضح ان "العديد من الأقضية والنواحي تعاني في محافظة ذي قار من الإهمال الحكومي وسوء الخدمات، وهذا دفع أبناء المحافظة للخروج بتظاهرات أمام الدوائر الحكومية، مطالبين بأبسط حقوقهم في الحصول على خدمات حقيقية تُعيد لمدينتهم رونقها السابق".
استثناء للقضاء
يقول ناشط من مدينة الغراف، غانم خالد إن "هناك ثورة في الأعمار حدثت بعد تشرين، حيث لم يشهد قضاء الغراف أي إعمار في البنى التحتية على مدار 17 عامًا حتى عام 2020، مثل إعادة تأهيل الشوارع والمجاري، وحتى وصل التبليط إلى القرى والأرياف." ويؤكد أن "هذا لا يخفى على أحد، إذ يشهد بذلك القاصي والداني."
وفيما يتعلق بتولي منصب القائم مقام، يوضح خالد أن "تسنم منصب القائم مقام حسن الخفاجي كان نتيجة لاختيار متظاهري الغراف وساحة الحبوبي." كما يشير إلى أن "الغراف شهد تغيرًا جذريًا، حيث تم فتح العديد من الحدائق العامة والمشاريع التي تخص القضاء، مما جعله واحدًا من أجمل الأقضية في محافظة ذي قار." ويضيف: "كسب القائم مقام تأييدًا شعبيًا وحكوميًا كبيرًا، وأصبحت أرض الغراف خصبة للمستثمرين وأصحاب المشاريع الكبيرة."
ومع اقتراب الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات، يلفت خالد الانتباه إلى أن "هذا المنصب أصبح مطمعًا لجميع الأحزاب المشاركة في العملية السياسية." ويضيف: "لكن في نفس الوقت، تتحكم شيوخ العشائر في الأقضية والنواحي. فمثلًا، قضاء الشطرة يسيطر عليه شيخ عشيرة عبودة، حيث لا يقبل الشيخ حسين خيون بتنصيب أي شخص من خارج العشيرة. كذلك، فضاء الغراف هو منصب لعشيرة خفاجة برئاسة الشيخ عامر غني صكبان، الذين يرفضون أي شخص خارج أسوار هذه العشيرة."
وفيما يخص نتائج هذه الصراعات، يوضح خالد: "أصبح الصراع على المنصب بين عشيرة خفاجة وأهالي الغراف والأحزاب السياسية. انتصرت الأحزاب على إرادة العشيرة وأهالي الغراف وتم إقالة قائم مقام قضاء الغراف حسن الخفاجي." ويضيف: "رشحت الأحزاب السياسية بعض الأسماء، لكن الشيخ عامر رفضهم لأنهم من عشائر أخرى، وبنفس الوقت رشحت عشيرة خفاجة بعض الأسماء من أبنائها، لكن الأحزاب رفضتهم. وهذا الصراع مستمر حتى الآن منذ ثلاثة أشهر، والغراف بدون قائم مقام إداري، حيث سلم ملفاته إلى قائم مقام قضاء الدواية، وتوقفت جميع المشاريع بدون أي رقابة حكومية."
مجلس المحافظة يرد
يقول الحقوقي أحمد سليم، الناطق الرسمي باسم مجلس محافظة ذي قار، ان "الوضع الحالي للمشاريع الخدمية والبنى التحتية في المحافظة، حيث تواجه بعض المشاريع تأخيرات وتحديات مالية تؤثر على سرعة الإنجاز، بينما تمضي مشاريع أخرى نحو الاكتمال لتلبية احتياجات السكان.
أكد سليم لـ "طريق الشعب"، أن "مشروع مجسر الشهيد حسن نصر الله (المعروف سابقًا بمجسر الإسكان الصناعي) يُعد من المشاريع البارزة في محافظة ذي قار، وقد بدأ العمل فيه بالفعل، مما يمثل إنجازًا طال انتظاره من قبل الأهالي، ويعتبر الآن قائمًا دون أي عقبات تُذكر".
وأشار أيضًا إلى كورنيش الناصرية كأحد المشاريع الحيوية التي يجري العمل عليها حاليًا. ويهدف هذا المشروع إلى تحسين المنطقة الترفيهية والنهوض بجمال المدينة وتوفير متنفس للسكان.
تحدث سليم عن بناية ديوان محافظة ذي قار، المشروع الذي يُقام بالقرب من مدينة الألعاب. هذا المشروع يواجه بعض الصعوبات والتأخيرات منذ سنوات، نتيجة للعوائق المالية والتحديات التي تواجه المقاولين، مما أثر على سير العمل فيه.
تطرق سليم إلى المشاريع القائمة في قضاء الغراف، مشيرًا إلى أن معظم المشاريع تم إنجازها أو هي قيد الإنجاز، باستثناء مشروعين يواجهان تأخيرًا، أحدهما مشروع كورنيش الغراف، الذي توقف حاليًا بسبب الحاجة إلى إعادة تقييم المشروع. ورغم هذا، أعرب سليم عن ارتياحه للوضع العام في قضاء الغراف، إذ تم إنجاز العديد من المشاريع هناك، مع استمرار الجهود لحل أي عراقيل متبقية.
أكد الناطق الرسمي أن المحافظة تسعى جاهدة لتجاوز التحديات المالية والإدارية التي تؤخر بعض المشاريع. وتبرز مشكلات السلف المالية المقدمة للمقاولين كأحد الأسباب الرئيسة لتعثر بعض الأعمال، ما أدى إلى التأخر في تسليم بعض المشاريع حسب الجداول الزمنية المحددة.