اخر الاخبار

يلمس العراقيون ارتفاعا في أسعار اللحوم الحمراء على نحو لافت في عموم المدن والمحافظات، الأمر الذي يحرم الكثيرين من المواطنين، لا سيما الفقراء وذوو الدخل المحدود، من شراء هذه المادة الغذائية المهمة. فيما يؤكد مربو مواشٍ تعرضهم إلى تحديات كبيرة تُرغمهم على رفع أسعار مواشيهم، أبرزها غلاء أسعار الأعلاف، وانعكاسات التغير المناخي على تربية المواشي، حيث الجفاف وقلة الحشائش الطبيعية. 

ومنذ مطلع العام الجاري، بدأت أسعار اللحوم الحمراء ترتفع تدريجيا. حتى وصل سعر الكيلو الواحد من لحم الغنم إلى 20 ألف دينار، وفي بعض المناطق تجاوز الـ24 ألف دينار. وقد انسحب ذلك حتى على أسعار اللحوم البيضاء والأسماك. الأمر الذي اضطر معظم العائلات إلى التوجه للحوم المستوردة.

وأخيرا، أعلنت وزارة الزراعة عن خطوات للحد من غلاء اللحوم، من خلال استيراد المواشي لأغراض الجزر والتربية، عبر منافذ جديدة، ومن بلدان شهيرة بتوريدها.

وكشف المتحدث باسم الوزارة محمد الخزاعي، عن فتح منافذ استيراد جديدة لتوريد الأغنام والعجول إلى البلاد، ضمن خطة لوقف ارتفاع أسعار اللحوم والبدء بخفضها تدريجيا.

وقال في حديث صحفي نهاية آب الماضي، أن الخراف الصومالية والجيبوتية مرشحة بقوة للاستيراد، وان الوزارة عازمة على تلبية احتياجات المواطنين من اللحوم بما يناسب قدرتهم الشرائية، مبينا ان الباخرة الشهيرة التي جاءت محملة من البرازيل بأكثر من 19 ألف رأس من الماشية، خلال شباط الماضي، استغرقت وقتاً طويلاً جداً حتى وصلت إلى الموانئ العراقية. لذا فدول أفريقيا أقرب للعراق من دول أمريكا الجنوبية.

وأكد أنه “سوف نختصر الجهد والوقت ونقلل كلف الشحن العالية لنحصل على مواشٍ بأسعار أقل من مثيلاتها في دول بعيدة. فبلدان أفريقيا تعتبر مورداً رئيساً للمواشي لدول الخليج، وتوفر بيئة آمنة للاستيراد”.

وفي آذار الماضي قرر المجلس الوزاري للاقتصاد في العراق، تخفيض الرسوم الكمركية على المواشي والأغنام المستوردة بنسبة 50 في المائة، لمدة سنة واحدة. وقبل ذلك، في شهر شباط، قررت الحكومة فتح باب استيراد الأغنام والعجول، بعد إغلاق دام 20 عامًا، بهدف معالجة أزمة ارتفاع أسعار اللحوم وتوفيرها للمواطنين بأسعار مناسبة.

سياسة العرض والطلب

في السياق، قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي ان “غلاء اللحوم يرتبط بسياسة العرض والطلب في السوق. فزيادة طلب الاستهلاك مقابل استمرار نسق العرض دون زيادة، مع عدم وجود متابعة حثيثة للسوق من قبل الجهات الرسمية، كل هذا يدفع لزيادة أسعار اللحوم”.

وطالب العبيدي في تدوينة له على “فيسبوك”، وزارة الزراعة واللجان التفتيشية بـ”ضرورة متابعة سوق اللحوم وتحديد أسعارها، والعمل على إعادة نسب التضخم لهذه المادة إلى مستوياتها الطبيعية، والضغط على مستوردي المواشي واللحوم لبيع بضاعتهم بأسعار محددة”.

المستورد لا يغني عن العراقي

من جانبه، رأى تاجر المواشي محمد مشعان، أن “المواشي واللحوم المستوردة لا تغني عن العراقية، بسبب الذائقة المحلية التي تفضل الى حد كبير اللحوم الوطنية عن غيرها من اللحوم المستوردة من البرازيل وكولومبيا وأفريقيا”.

وأضاف في حديث صحفي قوله، أن “اللحوم ليست في مأمن عن المشكلات المتعلقة بتغيّر النكهة وسوء الشحن والنقل والخزن. حيث تصل أغلب اللحوم المستوردة الى المستهلك بعد فترات طويلة من شحنها، ما يفقدها طعمها ونكهتها المعروفة، فضلاً عن ذلك ان الكثير من المواشي تأتي مصابة بالأمراض، ما يثير قلق المستهلك من تناول لحومها”.

ونوّه مشعان إلى ان “غلاء اللحوم المحلية سببه الجفاف وغلاء العلف الحيواني، إضافة إلى الطلب المتزايد على اللحوم، كونها مادة أساسية ضمن مواد المائدة العراقية”، مشيرا إلى ان “سعر الخروف العراقي يصل إلى 450 ألف دينار. فيما يتجاوز سعر العجل 2.5 مليون دينار، وهذا الارتفاع الكبير في الأسعار يفوق قدرة المواطن الشرائية في ظل محدودية دخل الفرد”.

تهريب الأغنام

مشعان لفت أيضا إلى أن “عمليات تهريب الأغنام نحو دول الجوار، بما فيها إيران وسورية وتركيا، أدت إلى تراجع المتوفر من الأغنام المحلية”، موضحاً أنه “بما أن سوق المواشي تخضع لقاعدة العرض والطلب، فإن تناقص المعروض يؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار”. وأفاد بأن “مربي وتجار المواشي في البلاد يعانون كثيراً ارتفاع تكاليف التربية والإنتاج، وهذا ينعكس عادة على أسعار البيع”.

 وختم مشعان حديثه قائلا أن “هناك أطرافاً متنفذة تسيطر على عمليات استيراد اللحوم والمواشي بسعر الدولار الرسمي البالغ نحو 1300 دينار للدولار الواحد، وفي المقابل هناك عدد كبير من التجار يستوردون المواشي اعتمادا على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والبالغ أكثر من 1500 دينار للدولار الواحد”.