اخر الاخبار

يستثمر مدرسون كثيرون وسائل التواصل الاجتماعي في ترويج دروسهم الخصوصية، لغرض جذب عدد واسع من الطلبة، وبناء سمعتهم بطريقة جديدة بعيدا عن الوسائل الترويجية التقليدية.

يأتي ذلك في الوقت الذي أصبح فيه التدريس الخصوصي عنصرا أساسيا من عناصر التعليم، وبات الطلبة يتهافتون على المعاهد والمراكز التي تُقدم دروسا خصوصية، اعتقادا منهم بأنهم لن يحققوا النجاح دون تلك الدروس، في ظل تراجع التعليم الحكومي وتردي البيئة التعليمية وافتقارها للكثير من مستلزماتها ومقوماتها – حسب ما يراه متابعون. 

وخلال العقدين الأخيرين اتسع التدريس الخصوصي بشكل كبير، ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والنشر الالكتروني، صار المدرسون الخصوصيون يروجون دروسهم عبر تلك الوسائل الالكترونية، ويستعينون بفنيين ومصورين في إنجاز مقاطع إعلانية وصور ترويجية جذابة.

لا وجه شبه بين الأمس واليوم

تقول منى الحسيني، وهي تعمل مدرّسة منذ أكثر من 26 عاماً: “أنا على أبواب التقاعد، ولم أعد أرى أوجه تشابه بين التدريس اليوم والحال قبل عقدين”، واصفة نفسها في حديث صحفي بأنها “من مدرّسي الجيل القديم الذي يرفض التدريس الخصوصي، ويعطي خلاصة ما عنده خلال حصص التعليم في المدرسة”.

وتُبدي الحسيني أسفها لعدم بقاء إلا القليل من مدرّسي الجيل القديم، مشيرة إلى أن “هناك معلمين يتنافسون اليوم بشدة للحصول على أكبر عدد من الطلبة، لإعطائهم دروسا خصوصية، وباتوا يبتكرون طرقاً عدة لفعل ذلك، ويستغلّون التكنولوجيا الحديثة في تحقيق غاياتهم”.

ورغم أن التدريس الخصوصي يساعد الطالب في تحقيق النجاح، إلا ان الحسيني ترى أن “هذه الوسيلة تخرج عن سياق التعليم الرصين، وتقلل من أهمية وشخصية المدرّس داخل المدرسة، وتلغي الدور الحقيقي للمدرسة في تربية وتعليم وبناء الأجيال”.

ويتضمن نظام الدروس الخصوصية أسلوب التعليم الحضوري أو عن بعد.

ويستلزم الحضوري وجود الطلبة مع آخرين في قاعة ضمن مركز للتدريس الخصوصي.

أما التعليم عن بعد فيتم عبر إعطاء مجموعة من الطلبة حصة دراسية في وقت محدد من خلال تطبيق “تليغرام”.

وقد تمتد المحاضرة نحو ساعتين في نظامي التدريس الحضوري وعن بعد، وتُقدم عادة 3 مرات أسبوعياً.

دخل مالي كبير

توفر الدروس الخصوصية دخلا ماليا كبيرا للمدرس. ويعتمد الأمر على شهرته ونسبة النجاح التي يحققها طلبته. ويعني ذلك أن “المدرّسين يجب أن يملكوا ثلاثية الشهرة والتمكن والقدرة” - حسب ما يقول المدرّس المتخصص في مادة الرياضيات عماد الكروي في حديث صحفي.

ويقدم الكروي دروساً خصوصية حضورية وعن بعد، ويتقاضى 600 ألف دينار عن تدريس طالب واحد في العام الدراسي الذي يمتد نحو 10 شهور. علماً أنّ عدد الطلبة الذين يدرّسهم سنوياً قد يصل إلى 150 طالبا.

ويوضح الكروي أنّ “المدرّس يجب أن يملك كفاءة عالية، وقدرة على إيصال المعلومات للطلبة بأسهل الطرق وأبسطها، وأيضاً الشهرة التي تتقدّم اليوم على الكفاءة والقدرة على توصيل المعلومات”.

لكنّ مدرّسين آخرين يرون أن “ثلاثية الشهرة والتمكن والقدرة لم تعد الأساس في نجاح المدرّسين، ونيلهم عدداً كبيراً من الطلبة بما يحقق لهم مكاسب جيدة”.

وعن ذلك تقول مدرّسة مادة الفيزياء شيماء الحديثي، أن “مدرّسين كثيرين يفتقرون إلى الكفاءة، استطاعوا نيل سمعة جيدة بين الطلبة بفضل الترويج الالكتروني”.

وتضيف في حديث صحفي قائلة أنه “يجب أن يخصص المدرّس رأسمالا للترويج، ويستمر في الترويج لنفسه على مدار العام باعتماد أساليب متجددة ومبتكرة. لذا يلجأ كثيرون إلى إعلاميين واختصاصيين في الترويج وخبراء في الإعلام الحديث ومصورين محترفين كي يساعدوهم في كسب الشهرة. وقد نجح بعض هؤلاء المدرّسين في استقطاب أعداد كبيرة من الطلبة من خلال هذه الطرق، وحققوا مكاسب مالية بعد أن زاد عدد الطلبة الذين يدرّسونهم. علماً أن بعضهم لديه أكثر من 500 طالب وطالبة”!

ظاهرة التخريب!

وفيما يطرح السؤال نفسه في شأن كيف يمكن أن يستمر نجاح مدرّس حقق شهرة من خلال الترويج من دون أن يملك الكفاءة والقدرة على إيصال المعلومات للطلبة، تجيب ريم أحمد، وهي مدرّسة لمادة التاريخ، أنها تكتفي بالتدريس العام داخل المدرسة، وترفض أن تكون جزءاً مما تصفه بـ “ظاهرة التخريب عبر التدريس الخصوصي”.

وتوضح في حديث صحفي، أن “المدرسين الذين يبنون شهرتهم على الترويج يعتمدون على قدراتهم الشخصية في إيصال انطباع للطلبة بأنهم يملكون كفاءة عالية، وتوجيه الكلام الرقيق والمظهر الحسن وحس الفكاهة. فهؤلاء خبراء في التعامل النفسي مع الطلبة، ويحببونهم بالمواد رغم أنهم يقدمون شرحاً عادياً”.

وتؤكد مدرّسة التاريخ، أن “الطالب لا يحتاج إلى التدريس الخصوصي. فكل ما يحتاجه لفهم مادة دراسية هو الانتباه إلى المدرّس داخل المدرسة، والمراجعة الجادة في المنزل”، مستدركة “لكن الطلبة لا يطبقون ذلك اليوم. لذلك يلجأون إلى الدروس الخصوصية”.

المناهج الدراسية صعبة

وتنتشر في مختلف مناطق البلاد اليوم، مراكز للتدريس الخصوصي يديرها أشخاص غالبيتهم مدرّسون يعتمدون بشكل كبير على أساليب الترويج الحديثة. ويتحدث طلبة عبر وسائل إعلام، عن عدم استطاعتهم النجاح من دون الحصول على دروس خصوصية “لأن المناهج الدراسية صعبة، ولا وقت كافياً لاستيعاب المواد. في حين أن الكوادر التدريسية ضعيفة، لذا نبحث دائماً عن مدرسين من أصحاب الكفاءة الذين يعطون دروساً خصوصية”.

ويقول الطالب أسامة موسى، انه يكتفي بالمحاضرات الخصوصية ومختصرات المواد الدراسية. أما زميله زيد طارق، فيسأل: “كيف يمكن أن ندرس في يوم واحد خمس أو أربع مواد علمية، ونحفظ المواضيع المطلوبة منا. ربما المدرّسون يتعمدون عدم إيصال المعلومات بشكل صحيح كي نلجأ إلى دروسهم الخصوصية”!