اخر الاخبار

يشكل دخول العمالة الأجنبية غير المنظمة إلى العراق، واحداً من أبرز أسباب تزايد أزمة البطالة في البلاد. وفي رصدنا لهذه المشكلة، تعرفنا على الشاب سجاد الحجي الذي تعرض مؤخراً للإقالة من عمله في أحد معامل القطاع الخاص بسبب هذه المنافسة، بعد أن كان يتقاضى راتبًا شهريًا يكفيه لدفع إيجار منزله وتوفير احتياجات عائلته، مما اضطره للعمل كبائع شاي على أحد الأرصفة، حيث يحصل على 7 آلاف دينار يوميًا.

سجاد، الذي يحمل شهادة الدراسة المتوسطة، يقول لـ "طريق الشعب": "تمت إقالتي بعد ثلاث سنوات من العمل ليتم استبدالي بعمالة أجنبية". وعند الاستفسار عن سبب استبداله، أوضح أن "أجور العمالة الأجنبية أقل من الأجر الذي يتقاضاه العراقي، حيث لا تزيد الرواتب عن 500 دولاراً فقط".

وفي هذا السياق، قال عضو لجنة العمل البرلمانية، جاسم الموسوي، في حديث صحفي تابعته "طريق الشعب": "نسبة العمالة الخارجية لا تتجاوز 20 في المائة في أي موقع عمل، وهذا يتماشى مع القوانين العراقية". وأوضح أن الشركات الأجنبية التي تتعاقد مع الحكومة تحتاج إلى عمالة خارجية، لكنها تبقى أعدادًا قليلة ولا تؤثر بشكل كبير في السوق المحلية.

طاقات بحاجة إلى تأهيل

وأشار الموسوي إلى ضرورة "رفع نسبة مشاركة العمالة الوطنية في سوق العمل"، حيث يمتلك العراق طاقات بشرية هائلة تحتاج إلى التأهيل لمواكبة التطورات التقنية. وشدد على "أهمية تدريب الشباب العراقي ليؤدوا دورهم بفعالية في دفع عجلة الاقتصاد الوطني".

وعن العمالة الوافدة بطريقة غير شرعية، أكد الموسوي على ضرورة "تحجيم هذه الظاهرة وزيادة الرقابة من قبل الجهات المعنية ووزارة العمل لمتابعة المخالفات". وشدد على ضرورة اتخاذ "إجراءات قانونية صارمة بحق المخالفين أو تسوية أوضاعهم القانونية".

من جانبه، أفاد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، د. مظهر محمد صالح، أن "غالبية العمالة الأجنبية في البلاد هم ممن انتهت عقود عملهم، أو هم عمالة وافدة بطرق غير شرعية". وأوضح أن "كلفة التحويلات السنوية للعمالة الأجنبية تقدر بملياري دولار على الأقل، في ظل وجود عمالة تعمل مع شركات النفط، حيث تشكل هذه العمالة 70 في المائة من العاملين في القطاع النفطي بالمحافظات الوسطى والجنوبية".

واحد من أبرز المشكلات

وأشار إلى أن "المنافسة على فرص العمل بين العمالة الأجنبية والمحلية تعد واحدة من أهم المشكلات في العراق، حيث أن زيادة أعداد العمالة الأجنبية، لا سيما غير الشرعية منها، تضغط على البنية التحتية وتؤدي إلى ضغط على الموارد والخدمات العامة مثل الإسكان والرعاية الصحية".

ويذكر أن أعداد العمالة الأجنبية في العراق تقدر بحوالي مليون عامل، 95 في المائة منهم غير شرعيين، و850 ألفًا منهم من ذوي المهارات المحدودة.

وحسب خبراء ومختصين، فإن أبرز المشاكل التي تواجه تنظيم العمالة الأجنبية وحمايتها تتعلق بعدم وجود بيانات رسمية دقيقة، بالإضافة إلى عدم قيام الجهات الحكومية بدورها في تنظيم سوق العمل، مما يؤثر سلبًا على حقوق العمال.

غياب التخطيط

ويرى أستاذ الاقتصاد، د. علي تويج، أن "السوق المحلية بحاجة إلى أيدي عاملة ماهرة، بينما أغلب العمالة الأجنبية غير ماهرة، وعملية استقطابهم لا تتناسب مع احتياجات السوق الفعلية". لافتًا إلى أن العديد منهم يدخلون العراق بتأشيرات للزيارات الدينية ثم يبقون، كما يدخل آخرون بدون تأشيرات عبر التهريب.

يوضح تويج لـ "طريق الشعب" أن "غياب التخطيط والانفتاح الفوضوي لاستقطاب العمالة الأجنبية يؤثر سلبًا على القوى العاملة المحلية، مما يستدعي وضع سياسات لتنظيم العمالة الأجنبية وتحويلها إلى سلوك طبيعي ضمن سوق العمل". مشيرًا إلى أن "وزارة العمل تتحمل جزءًا من هذه الفوضى، حيث يدعي أصحاب المكاتب التي تستقطب هؤلاء العمال أنهم يمتلكون تراخيص رسمية، بينما لا توجد حلول ملموسة بين الوزارة والجهات الأمنية للحد من هذه الظاهرة".

ويختتم تويج بالإشارة إلى أن التقديرات تشير إلى وجود حوالي "مليون عامل أجنبي غير مسجل رسميًا، باستثناء نسبة 10 بالمائة فقط، مما يظهر مدى عشوائية وفوضوية إدارة ملف العمل".