اخر الاخبار

تزيد التوترات الأمنية والعسكرية والسياسية التي تشهدها المنطقة العربية اليوم، وما يرافقها من احتمالات الحرب الشاملة، الضغوط على العملة العراقية وحركة السوق ومجمل الواقع الاقتصادي في البلاد، حيث يعاني المواطنون اساسا من الغلاء وتردي الخدمات.

ومع تمادي الكيان الصهيوني في جرائمه وتوسيعه رقعة عملياته العدوانية، بات المواطنون قلقين من سيناريو الحرب الشاملة في المنطقة، الأمر الذي يدفع الكثيرين منهم إلى التوجه للأسواق وشراء ما يمكن شراؤه من المواد الغذائية وغيرها من المستلزمات القابلة للحفظ، لضمان مؤونة احتياطية.

وطبيعي ان يستغل التجار الجشعون الأمر، فيعمدون إلى رفع الأسعار، لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية، فيزداد الضغط المعيشي في النهاية على الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود – حسب ما يقول متابعون للشأن العام. وفي ظل هذه التوترات، سجل سعر صرف الدولار خلال الأيام الأخيرة في السوق الموازية 1540 ديناراً. ولا يستبعد اختصاصيون إمكانية صعود السعر إلى مستوى1600 دينار خلال الفترة المقبلة، وسط تحذيرات من انعكاس تأثيرات العدوان على لبنان على السوق وحجم الحوالات المالية من العراق إلى الدول الأخرى.

ويأتي هذا كله في وقت يعاني فيه سوق العملة من عدم الاستقرار، نتيجة عقوبات أمريكية فرضت على مصارف وشركات وشخصيات عراقية متهمة بتهريب العملة الى دول تخضع لعقوبات أمريكية، مثل إيران وسورية ولبنان.

مخاوف من تصاعد الأزمة

الخبير الاقتصادي علاء الفهد، أوضح أنه “في حالات الحروب أو عدم الاستقرار الأمني، يتزايد الطلب على المواد الغذائية والأساسية بشكل كبير، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى شح المعروض وبالتالي ارتفاع الأسعار”.

وأشار إلى أن “ما تشهده الأسواق حالياً من ارتفاع في الأسعار يعود إلى المخاوف من تصاعد الأزمة الأمنية واتساع رقعة الحرب”، مضيفا قوله أن “هذا الهلع والخوف قد يستغله بعض التجار لرفع الأسعار وتحقيق أرباح إضافية، رغم أن الأمور في الواقع طبيعية والتجارة مستمرة”.

ولفت الفهد إلى أن “هناك دائماً من يحاول استغلال الظروف القائمة لنشر حالة من الخوف وتحقيق مكاسب شخصية، لكن الضحية الأكبر في هذه العملية هو المواطن الفقير وذو الدخل المحدود، الذي يعاني ارتفاع الأسعار”.

انعكاس أزمة لبنان على الاقتصاد العراقي

وتنعكس الحرب التي تشنها قوات االعدوان الإسرائيلي ضد لبنان، على المشهد الاقتصادي في المنطقة. وقد تأثر العراق بالأحداث الجارية باعتباره من المحطات التي يمكن استهدافها.

وفي هذا السياق قال الباحث الاقتصادي علي العامري، أن “آثار العدوان على لبنان قد تنتقل إلى العراق، ما دفع التجار إلى تصفية حساباتهم بين المدينين والدائنين داخل العراق وخارجه. وهذا الخوف من عدم الاستقرار تسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار”.

وأشار في حديث صحفي إلى ان “كل حالة اضطراب في المحيط الإقليمي تنعكس بشكل مباشر على العراق الذي يعتمد على الاقتصاد الريعي من إيرادات النفط وعائداته الدولارية”، مؤكداً أن “أي خلل في المنظومة العامة للنظام النقدي سوف تؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار”.

ولفت العامري إلى ان “هناك تجارا ومتنفذين يحاولون استغلال الظروف الراهنة، لسحب وشراء مبالغ طائلة من العملة الصعبة من السوق الموازية، تمهيداً لبيعها بأسعار أعلى وفقاً لنظرية تقليل العرض لزيادة السعر”.

المواطن أول الضحايا

من جانبه، قال المواطن محمد قربج، انه “منذ بدء اتساع رقعة الهجمات الصهيونية وبلوغها لبنان، بدأت أسعار المواد الغذائية ومختلف السلع ترتفع بشكل واضح، وسط مخاوف المواطن من شمول العراق بهذه الحرب”.

وأوضح لـ”طريق الشعب” أن “مواطنين كثيرين باتوا يتوجهون إلى الأسواق لشراء المواد الغذائية من أجل تأمين قوتٍ احتياطي في حال تصاعد الأزمة، وهذا ما دفع تجارا كثيرين إلى استغلال الأمر بزيادة الأسعار، لتحقيق مزيد من الارباح على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود”.

وأشار قربج إلى انه “تحت وطأة التوترات الأمنية والعسكرية والسياسية الراهنة، وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، يكون المواطن أول المتضررين والضحايا”، مطالبا السلطات المعنية، بالسيطرة على سعر الدولار ومراقبة الأسعار في الأسواق ووضع حد للمضاربين بالعملة الصعبة والتجار الجشعين الذين يتلاعبون بأسعار المواد الغذائية والسلع.فيما قال مواطن آخر هو عادل مرير أن “الأسعار كانت مرتفعة أساسا بسبب عدم السيطرة على سعر صرف الدولار، وجاءت الأزمة الحالية لتزيدها ارتفاعا، الأمر الذي فاقم من عجز القدرة الشرائية للمواطن، لا سيما الفقير وذو الدخل البسيط”، مؤكدا لـ “طريق الشعب”، أن “معظم المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية، سواء المستوردة أم المحلية، طرأت على أسعارها زيادة، وهذا تتحمل مسؤوليته السلطات ذات العلاقة، التي من المفترض أن تراقب الأسواق وتحاسب التجار المضاربين والجشعين”. ونوّه مرير إلى ان “المواطن بات يضطر إلى حرمان عائلته من احتياجات غذائية أو سلعية، لم يعد قادرا على شرائها، بسبب المبالغة في رفع أسعارها بالشكل الذي يشل قدرته الشرائية”.