تشهد بساتين ديالى الشهيرة بإنتاج أجود أصناف الحمضيات والتمور، تراجعاً في مساحاتها لأسباب مختلفة في مقدمتها الجفاف والتجريف الممنهج والاهمال الحكومي، إضافة الى الحرائق غامضة الأسباب، التي تتكرر بين حين وآخر.
وتضم المحافظة أكثر من 134 ألف دونم من البساتين المغروسة بالنخيل ومختلف أشجار الفاكهة والحمضيات، التي يصل انتاجها لمختلف مدن العراق ويصدر للخارج أحيانا.
وفي السنوات الأخيرة بدأت تلك البساتين تتعرض لعمليات تجريف معظمها ممنهج، عبر الإهمال المتعمد أو الحرق من قبل أصحابها أو الذين يريدون الاستيلاء عليها لاستثمارها. حيث تخمد فرق الدفاع المدني شهريا عشرات الحرائق التي تلتهم البساتين، بينما تبقى أسباب معظمها مجهولة، أو تعزى إلى عبث أطفال أو تماس كهربائي.
4 حرائق في أسبوع
تنقل وكالة أنباء "شفق نيوز" عن مصدر أمني في ديالى، قوله أن "المحافظة سجلت الاسبوع الماضي 4 حرائق لبساتين في قضاء المنصورية وناحية السلام ضمن قضاء الخالص، فضلا عن مدينة بعقوبة. وكان آخرها حريقا اندلع في بساتين تطل على ضفاف نهر ديالى، قرب منطقة شفتة"، مضيفا أن "هناك شكوكا حول الحريق الأخير، كونه اندلع في بستان يحتل موقعا استراتيجيا ومهما، سياحيا واقتصاديا".
ويشير المصدر الذي حجبت وكالة الانباء اسمه، إلى ان "فرق الدفاع المدني والأدلة الجنائية فتحت تحقيقا بالحادث الأخير والحوادث الأخرى، لمعرفة ملابساتها ودوافعها".
فقدان 50 في المائة من البساتين
من جانبه، يقول عضو مجلس محافظة ديالى ورئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في المحافظة رعد مغامس التميمي، أن "بعقوبة على وجه التحديد، والتي كانت تعرف ببساتينها الشهيرة والغنية بالانتاج، فقدت أخيرا 50 في المائة من بساتينها، بدءا بالفيضان الذي حدث عام 2019، مرورا بالعطش والإهمال الحكومي والتجريف من قبل جهات متنفذة".
ويضيف في حديث صحفي قائلا أنه بسبب دخول المحاصيل المستوردة بكثرة وتأثيرها على قيمة وسعر المنتج المحلي، إضافة إلى التدمير الذي لحق بالبساتين، كل ذلك اضطر آلاف المزارعين إلى تحويل بساتينهم الى قطع أراض وبيعها، مشيرا إلى ان "فقدان البساتين أثر بشكل سلبي على البيئة والغطاء النباتي وأدى إلى ارتفاع معدلات التصحر في المدينة".
ويلفت التميمي إلى ان "ملف الزراعة والبساتين يحتاج الى اهتمام حكومي، وإلى محاسبة المجرفين والحفاظ على ما تبقى من البساتين".
تدمير ممنهج
من جانبه، يقول قائم مقام بعقوبة عبد الله الحيالي، أن "بعض المزارعين يعمدون إلى ترك بساتينهم بلا عناية، او يحرقونها لتحويلها الى اراض سكنية وبيعها، بالتنسيق مع جهات متنفذة".
ويلفت في حديث صحفي إلى ان "الفترة الماضية شهدت تحريك دعاوى قضائية بحق اكثر من 20 فلاحاً واحالة ألف فلاح للمحاكم لتجريفهم بساتينهم واراضيهم الزراعية"، مؤكدا أن "بعقوبة وحدها فقدت أكثر من 4 آلاف دونم من البساتين، وان معظم الحرائق الغامضة التي تحدث مفتعلة من أجل بيع تلك البساتين كقطع اراض".
ويشير الحيالي إلى أن "الحفاظ على تلك الاراضي والبساتين يتطلب اجراءات رادعة بحق من يتسبب في الإضرار بها او في تجريفها".
غياب القانون
وفي سياق متصل، يؤكد المتحدث باسم مديرية زراعة ديالى محمد المندلاوي، أن "أبرز أسباب تراجع البساتين والمساحات الخضراء هو غياب القانون وعدم محاسبة المجرفين".
ويضيف في حديث صحفي قوله أن "أبرز البساتين التي تتعرض للتجريف هي تلك القريبة من المناطق السكنية او التي تقع في داخل بعقوبة، من أجل تحويلها إلى قطع سكنية وبيعها"، مبينا أن "المساحات التي فقدتها بعقوبة خلال السنوات الأخيرة، صار يتم تعويضها بمزارع نموذجية لانتاج التمور، لا سيما الاصناف النادرة كالبرحي والبريم والمجهول، وذلك في الخالص والمقدادية. وهذا سيساهم في إحياء الواقع الزراعي في المحافظة خلال الفترة المقبلة".