اخر الاخبار

وفقا لإحصائية أعلنتها لجنة الزراعة والمياه البرلمانية عام 2023، فإن العراق يضم، عدا إقليم كردستان، 1200 حقل دواجن، 500 منها للدجاج البياض، ونحو 700 حقل للدجاج اللاحم. هذا بالنسبة للحقول المجازة، أما غير المجازة فتُعد بالآلاف – حسب ما تنقله وكالات أنباء عن عاملين في هذا القطاع.

وبالرغم من إمكانية هذا العدد الكبير من الحقول في تغطية الحاجة المحلية من لحوم الدواجن وبيض المائدة، إلا انها تتعرض إلى خسائر كبيرة، بفعل المنافسة التي تواجهها من المنتجات المستوردة، خاصة المهربة التي تأتي بنوعية رديئة وتباع بأسعار تنافسية، الأمر الذي يُرغم العديد من أصحاب الحقول على إغلاق مشاريعهم، وتسريح عمّالهم، في ظل عدم قدرتهم على مقاومة تلك المنافسة – وفقا لعضو مجلس إدارة الجمعية العراقية لرعاية منتجي الدواجن، هاشم كماش.

وحسب دراسة أعدها جهاز الإحصاء المركزي العراقي عام 2020، فإن العراق كان يمتلك أكثر من 7 آلاف مشروع دواجن موزعة على المحافظات، ومنها محافظات الإقليم، لكن بسبب تراجع مستويات الإنتاج، مقابل استمرار عمليات التهريب وفتح أبواب الاستيراد وارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج منذ بداية أزمة سعر الدولار، كل ذلك تسبب في توقف الآلاف من تلك المشاريع.

توقف المشاريع

يذكر كماش في حديث صحفي، أن “كلفة إنتاج كرتون بيض المائدة تصل اليوم إلى نحو 54 ألف دينار، في حين يباع الكرتون بـ 40 ألف دينار. ما يعني ان صاحب الحقل يخسر نحو 14 ألف دينار في الكرتون الواحد. ولو جمعنا تلك الخسائر بما تنتجه مشاريع الدواجن يوميا من بيض المائدة، لوجدناها كبيرة جدا”.

وخلال فصل الصيف، يضطر أصحاب مشاريع الدواجن إلى تصريف إنتاجهم بشكل سريع، حتى لو اضطروا إلى البيع بسعر أقل من تكلفة الإنتاج، تلافيا لخسائر كبيرة سيتكبدونها في حال فساد المُنتج، في ظل عدم توفر وسائل جيدة لحفظه.

ويبيّن كماش أن “الإنتاج المحلي من بيض المائدة وفروج اللحم يغطي احتياج العراق، وأن (مشروع صحارى كربلاء) للدواجن، يسد لوحده بحدود 25 في المائة من الحاجة المحلية. حيث يعتبر من أضخم مشاريع الدواجن على مستوى العالم، ويضم كل حلقات العمل من الإنتاج إلى التوصيل، لكن المشكلة هي الحدود غير المسيطر عليها. حيث يتم تهريب كميات كبيرة من البيض والدجاج بأسعار تنافسية”.

ويؤكد أن “هذا القطاع يعتبر عموداً من أعمدة الاقتصاد العراقي، وإهماله يؤدي إلى حدوث مشكلات كثيرة، وفي مقدمتها إغلاق المشاريع، وتسريح أعداد كبيرة من العمال وضمها إلى طوابير البطالة”، مشيرا إلى ان “عمال تلك المشاريع لا يقتصر عملهم فقط على الإنتاج داخل الحقول، إنما هناك حلقات أخرى من العاملين تتمثل في السائقين والميكانيكيين والكهربائيين ومتعهدي وقود المكائن والمولدات، وغير ذلك من الوظائف المرتبطة بهذا القطاع. لذلك ان توقف مشروع الدواجن سيقطع سبل معيشة أعداد كبيرة من العمال”.

تسريح العمال

حيدر ناظم، عامل في حقل دواجن في البصرة، خسر وظيفته هو وأقرانه الآخرون، بعد أن اضطر صاحب الحقل إلى إغلاق مشروعه جراء تعرضه لخسارة مالية كبيرة، لعدم قدرته على منافسة المستورد والمهرّب من لحوم الدجاج وبيض المائدة. 

يقول ناظم في حديث صحفي، ان “مشكلة إغلاق مشاريع الدواجن لا تقتصر فقط على محافظة البصرة، ففي واسط أيضا أغلق العديد من تلك المشاريع للأسباب ذاتها، الأمر الذي قطع سبل معيشة العاملين، الذين غالبيتهم لا يمتلكون صنعة أخرى يزاولونها”، مشيرا إلى ان “العمل في حقول الدواجن يتطلب خبرة من حيث توزيع الأعلاف على الدجاج بنسب معينة، وتنظيف المكان وغير ذلك من المهام”. ويطالب ناظم الحكومة بدعم مشاريع الدواجن ووضع حد لتهريب لحوم الدجاج والبيض وغيرها من المنتجات التي صارت تنافس مثيلاتها المحلية وتضر بمصالح المنتجين المحليين. كما يطالب بتوفير فرص عمل للشباب الذين فقدوا وظائفهم والذين لم يسبق لهم ان حصلوا على وظائف. 

زيادة الرسوم الكمركية على المستورد

من جانبه، يقول مدير عام دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، وليد محمد رزوقي، أن “وزارة الزراعة، ومن أجل حماية المنتج المحلي، زادت الرسوم الكمركية على بيض المائدة بنسبة 70 في المائة، بعد أن كانت تبلغ 20 في المائة، وعلى الدجاج 50 في المائة. أما اللحوم المقطعة فإنه سيتم رفع رسومها من 1 في المائة إلى مستوى رسوم الدجاج”.

ويلفت في حديث صحفي إلى ان “المشكلة ليست في الاستيراد، إنما في التهريب الذي يحصل، وهو خارج قدرة وزارة الزراعة. ورغم ذلك تعمل الوزارة على خلق حالة توازن بين المستورد والمحلي”، مضيفا قوله: “أما في حال غلق الباب أمام المستورد فإن أسعار المحلي سوف ترتفع، ما يخلق أزمة أخرى”.

جدير بالذكر أن العراق يحتل المرتبة التاسعة كأكبر مستورد للحوم الدجاج عالمياً، بنحو 808 ملايين دولار سنويا. فيما حقق العام الماضي المرتبة الرابعة عربيا كأكبر منتج للحوم الدجاج  - وفق ما ذكرت خدمة الزراعة الخارجية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية في تقرير لها.

وشهدت صادرات لحوم الدجاج البرازيلية إلى العراق نمواً ملحوظاً بنسبة 118.6 في المائة إبان تموز الماضي، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتتمتع مشاريع الدواجن بأهمية اقتصادية كبيرة على مستوى العالم. إذ تُعد استثماراً مستقراً يوفر بروتيناً حيوانياً عالي الجودة بأسعار معقولة، وفرص عمل ودخلاً لأصحاب المزارع الصغيرة. كما تلعب هذه المشاريع دوراً حيوياً في ضمان الأمن الغذائي العالمي، وتلبية طلب المستهلكين على المنتجات الغذائية عالية الجودة.