اخر الاخبار

يواجه عمال توصيل الطعام “الدليفري”، تحديات كبيرة وضغوطا أمنية شديدة بعد اقتران مهنتهم بعمليات اغتيال عديدة شهدتها بغداد ومحافظات أخرى. إذ يتنكر المجرم بهيئة عامل توصيل، ما يتيح له التنقل بسهولة وإخفاء هويته الحقيقية، لا سيما انه يرتدي الخوذة الخاصة بسائق الدراجة النارية.

ويشكو عمال كثيرون من الملاحقات الأمنية التي يتعرضون لها بين حين وآخر، سواء من الشرطة المحلية أم من رجال المرور. فيما يبدي العديد منهم قلقه من المخاطر الجسدية المترتبة على المهنة، في ظل عدم وجود ضمانات اجتماعية وصحية.

وإضافة إلى هذه الضغوط والمخاطر، يعاني هؤلاء الزحام الشديد في الشوارع، والذي يعيق حركتهم ويؤخر وصولهم إلى الزبائن في المواعيد المحددة، ما يتسبب في حصول مشكلات بين العامل والزبون تصل إلى رفض تسلم الطلب!

ويطالب العديد من متابعي الشأن العام، بضرورة تنظيم عمل ممتهني خدمة التوصيل، وتسجيلهم مع دراجاتهم بصيغة رسمية أو نقابية، حفاظا على الأمن العام، ورفع الضغوط والشكوك التي تحوم حولهم، والتي كثيرا ما تصل إلى تعرضهم لحملات أمنية ومتابعات وحجز الدراجات، لا سيما خلال فترات تنفيذ العمليات الإجرامية.

وخلال السنوات الأخيرة، نُفذت عمليات إجرامية عديدة على الدراجات النارية، تنكر المجرمون في بعضها بزي عامل التوصيل، ما دفع السلطات الأمنية إلى تضييق حركة الدراجات النارية بشكل عام، وحصرها في ساعات محددة، وبالتالي أضر بالعاملين في خدمة التوصيل، الذين يعملون حتى في ساعات متأخرة من الليل.

ووفقا لنقابة عمال التوصيل، فإن الحملات الأمنية التي تنطلق إثر حوادث الاغتيال المنفذة باستخدام الدراجات النارية، تتضمن أحيانا حجز جميع الدراجات المتجولة في الشوارع، سواء كانت خاصة بمواطنين أم بعمال توصيل، مع إخضاع سائقيها للتدقيق الأمني، مبينة في حديث صحفي أن “القوات الأمنية تواجه صعوبة في تمييز العامل الحقيقي عن المجرم أو المشتبه به، والذي يتنكر غالبا بهيئة عامل”.

وتلفت النقابة إلى أنها تنوي إصار هويات خاصة بأعضائها العمال، وتسجيلهم في قاعدة بيانات لدى الأجهزة الأمنية، يجري تحديثها باستمرار.

فيما يرى خبير أمني، أن هناك عصابات منظمة تفضل انتحال صفة عمال توصيل طلبات الطعام، ما يتيح للمجرم سهولة التنقل والهروب وإخفاء هويته بعد تنفيذ جريمته، مشيرا إلى أن الزي الخاص بعمال التوصيل يكون متشابهاً ومتطابقاً لدى الكثير من شركات التوصيل التي تفرض زيا موحدا على العاملين، مع ارتداء الخوذة.

بيانات استنكار

‎نقيب عمال التوصيل مرتضى إسماعيل، يقول في حديث صحفي إن “انتحال صفة عامل توصيل الطعام من قبل العصابات والمجاميع الإجرامية، أثر كثيرا على العمال الحقيقيين، الذين باتوا يتعرضون لضغوط أمنية. ونحن سبق أن استنكرنا ذلك عبر بيانات عديدة”، مضيفا قوله إنه “بناءً على ذلك أوجدنا بعض الحلول، وكان في مقدمتها إنشاء نقابة خاصة بعمال توصيل الطعام. وقد حصلنا على الموافقات الرسمية لتأسيس النقابة”.

ويطالب إسماعيل وزارة الداخلية بدعم نقابتهم والتعاون معها، لافتا إلى أن “من بين الحلول التي اتخذناها، هو وضع (QR Code) على صندوق دراجة العامل، لكي تسهل على القوات الأمنية معرفة إن السائق مسجلاً في النقابة، ولمجرد مسحها الكود ستظهر معلوماته. فهذا الأمر يساهم في تسهيل الأمور لكلا الجانبين، سواء بالنسبة للقوات الأمنية أم لسائقي دراجات التوصيل”.

‎‎وكانت وزارة الداخلية قد وضعت في 22 أيار الماضي عشرة ضوابط جديدة لتنقل دراجات التوصيل (الدليفري) في الشوارع، بينها التدقيق الأمني لبيانات العاملين، وأخذ تعهدات خطية من أصحاب المحال والتجار، ممن لديهم عمال توصيل، بعدم تشغيل أي عامل دراجته النارية غير مسجلة لدى دوائر المرور.

‎كما تضمنت الضوابط توحيد جميع ألوان دراجات الدليفري. واقترحت اللون الأصفر، مع تثبيت شريط (ستيكر) على الدراجة، يكون مسجلا لدى المرور، فضلا عن إلزام السائقين بارتداء الخوذ، ما يجعلهم معروفين لدى الأجهزة الأمنية، وبالتالي سيُمنحون تسهيلات في الحركة والتجوال.

وأكدت الوزارة أن أي شخص يخالف هذه الضوابط سيتعرض للمساءلة القانونية.

قاعدة بيانات

‎من جانبه، يذكر الخبير الأمني جليل خلف، أن “الدراجات النارية تستطيع التحرك بسهولة أكبر في الشوارع، في ظل الزحام الشديد للمركبات. لذلك يفضل المجرمون استغلالها في تنفيذ عملياتهم الإجرامية، ما يسهل هروبهم ويصعب على الجهات الأمنية ملاحقتهم”.

ويشير في حديث صحفي إلى أن “الجهات الأمنية المعنية عليها إعداد خارطة طريق لتسجيل وتوثيق عمال توصيل الطلبات، وحصرهم بنقابة معينة، لكي تكون هناك قاعدة بيانات واضحة تساعد في فرز وتعقب المشتبه بهم ورصد وملاحقة المجرمين حال تنفيذ عمليات الاغتيال، ما يجعل اعتقالهم سهلا، وبالتالي يجنّب الأبرياء عناء التضييق الأمني”.