اخر الاخبار

تدفع الجرائم الأسرية المروّعة التي تحدث بين الحين والاخر في عدد من المحافظات، نحو أهمية تشريع قانونٍ للحد من العنف الأسري؛ إذ يطالب ناشطون ومعنيون بضرورة الإسراع في تشريع القانون، الذي يواجه مصدات كثيرة داخل مجلس النواب، ومن تيارات مختلفة.

خلال الأعوام القليلة الماضية، شهد العراق الكثير من حالات تعنيف الأطفال على أيدي ذويهم، وكانت هناك جرائم صورتها الكاميرات، ما حوّلها لقضايا رأي عام سارعت الأجهزة القضائية والأمنية العراقية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.

 فقدان القيم

تقول الناشطة في منظمة (لأجلها) المعنية بحقوق المرأة، مروة عبد، إن حالات ‏العنف الاسري لم “تعد موجهة من الرجال نحو النساء فقط”، وانما يطال العنف كل افراد الاسرة، فاي شخص ضعيف ممكن ان يتعرض للعنف ‏داخل الاسرة بغض النظر عن جنسه او عمره”.‏

وتؤشر عبد، أن بعض المواطنين لا يبالون بالآداب ‏المجتمعية، “المجتمع فقد الكثير من القيم”.

وتشير الى “عدم وجود ‏قانون رادع للعنف الاسري”، كما تؤكد أن “هناك ضعفا في تطبيق القوانين الاخرى المتعلقة ‏بالقتل او الشروع بالقتل”.

وتردف الناشطة، أن “تشريع القانون يواجه تحديات عدة”، مشيرة الى ان اطرافا كثيرة ترفض ‏تشريعه، لأنها تعد ذلك “تدخلا في أمور الاسرة والبيت”، حسب قولها.

يشار إلى أن البرلمان انتهى في تشرين الثاني الماضي من القراءة الأولى لمشروع قانون حماية الطفل، وسط اعتراضات بعض الكتل السياسية على بنود؛ منها وضع آليات تتيح للطفل تقديم شكوى ضد ذويه، وتخويل وزير العمل والشؤون الاجتماعية اختيار عائلة بديلة لأي طفل تعرض لاعتداء أو فقد أحد والديه.

 ‏إشغال الرأي العام‏

المحامية هديل العزاوي، نوهت بالآثار ‏الإيجابية الذي يولده تشريع القانون في الحد من حالات العنف.

وقالت، انه ‏‏”لو شرع القانون لوضع حد لكثير من حالات العنف، بل لكان يمكن ان ‏يمنع الحالات التي تصل إلى تشويه الجسد او القتل”. ‏

وأوضحت، “شهدنا في الأشهر الماضية حملات كثيرة طالبت بتشريع ‏القانون ولكن انشغال الناشطين بقضايا أخرى مثل الانتخابات، جعلتهم ‏ينسون موضوع تشريع قانون العنف الأسري”.  ‏

وبيّنت أنه “في الوقت الذي كنا نضغط فيه، لأجل تشريع القانون طرحت ‏الحكومة قانون الجرائم المعلوماتية كمحاولة لإشغال الرأي العام عن العنف ‏الاسري”. ‏

وأشارت العزاوي الى ان “جزءا كبيرا من الكتل لديها تحفظات على القانون وقد لا ‏تسمح بتمريره، وعندما طرح القانون على طاولة مجلس النواب تم تأجيله ‏الى اشعار اخر”.  ‏

وترجح المحامية أن يُرحل مشروع القانون الى دورة برلمانية ‏قادمة.

 عنف في الأزقة الشعبية

من جهته، ذكر الباحث الاجتماعي صلاح المجمعي، بأن ما نسبته 70% من العنف الاسري يتركز في الأزقة الشعبية، فيما لفت إلى أن سوء الخدمات جزء من عوامل التي تدفع الى العنف.

وقال المجمعي، ان “العنف الاسري ليس حالة عابرة بل موجودة في المجتمع العراقي وتأخذ أشكالا متعددة ابرزها عنف الزوج تجاه أسرته سواء زوجته أو أطفاله ولها أسبابها الكثيرة، وابرزها الحالة الاقتصادية وتأثيرها النفسي الحاد الذي يدفع إلى ثورات غضب تقود الى العنف”.

وأضاف، ان “70% من العنف الاسري يُسجّل في الأزقة الشعبية خاصة التي تعاني من معدلات كثافة سكانية عالية جدا”، لافتا الى ان “الايجارات وثقلها مع وجود البطالة والفقر اسباب مباشرة في تصاعد معدلات العنف، لكنها تبقى ضمن حيز محدد -المؤجرين- لكن العامل الابرز هو الحالة الاقتصادية بشكل عام”.

وأشار المجمعي الى، ان “سوء الخدمات جزء من العوامل التي تدفع إلى العنف الأسري لكن اللافت للنظر بان معدلات العنف تزداد في العطلة الصيفية أي مع كثافة وجود الأفراد بالمنزل”، مؤكدا ان “75% من حوادث العنف لا تسجل في مراكز الشرطة بسبب تقيدات مجتمعية تدفع الى التغاضي عن الأمر والقبول بوساطات الأهل والأقارب في اغلب الأحيان لحل اي إشكالية”.

 الأشهر الحمر

وفي آب الماضي، كشفت مفوضية حقوق الإنسان عن أسباب وجود شهور محددة هي الأعلى تسجيلا لمعدلات الابتزاز والعنف الاسري في العراق، فيما أشارت إلى أن الأزقة الشعبية هي الضحية الكبرى في تسجيل الحالات.

وقال مدير مفوضية حقوق الانسان في ديالى صلاح مهدي، انه “من خلال قراءة مستفيضة للاحصائيات المتوفرة لدينا في ديالى وبقية المحافظات نرى بان أشهر (حزيران-تموز-اب) هي الأكثر في معدلات تسجيل حوادث الابتزاز الإلكتروني والعنف الأسري حيث تحصد مجتمعة قرابة 25% من إجمالي الحوادث على مستوى العام”.

واضاف، ان “هذه الأشهر هي عطلة لجميع المراحل الدراسية وانشغال أكثر من قبل الناس في متابعة منصات التواصل والاتصال ما يعني زيادة في وقوع البعض في “فخاخ” الابتزاز خاصة الفتيات، يرافقها أزمات الخدمات المتعددة التي تكون عاملًا في خلق تؤترات نفسية تكون بمثابة شرارة في العنف الأسري”.

واشار مهدي الى، ان “الأزقة الشعبية هي الضحية الأكبر في معدلات الابتزاز والعنف الأسري في الأشهر الثلاثة التي يمكن وصفها بانها “حمراء” من خلال تصدرها للمعدلات الأعلى قياسا ببقية المناطق الاخرى”.

 نص فضفاض

من جهته، قال الخبير القانوني، علي التميمي، إن “المادة 41 من قانون العقوبات التي تتيح للزوج والآباء والمعلمين، حق التأديب في حدود الشرع والقانون، هو نص فضفاض يُساء استخدامه، ويجعل محكمة التحقيق مقيّدة في مساءلة من ذكروا أعلاه لوجود هذا النص”.

وأضاف التميمي، إنه “في حالة ممارستهم للعنف الأسري، وتم الطعن في هذه المادة أمام المحكمة الاتحادية، لمخالفتها المواد 14 و29 و30 من الدستور، فإن المحكمة الاتحادية ترد هذا الطعن”.

ولفت إلى “وجود مواد أخرى في قانون العقوبات تمايز بين الرجل والمرأة، منها المادة 377 ما يتعلق بزنا الزوجية، التي تعاقب الزوجة اذا زنت سواء داخل أو خارج المنزل، في حين أن الزوج لا يُساءل إلا إذا زنا في المنزل”.

وبيّن، أن “المادة 380 من قانون العقوبات، لا تعاقب الزوج المحرّض على الزنا، إلا إذا حصلت واقعة الزنا، وكذلك المادة 409، التي أوقعت عقوبة بسيطة في حالة غسل العار على الزوج، لكنها تشددت على الزوجة”.