اخر الاخبار

أصبح التعامل بالربا أو ما يسمى شعبيا “الدَين بالفايز”، متفشيا بشكل كبير في العراق، حتى بات ظاهرة تمارس في مكاتب الصيرفة، فضلا عن المؤسسات المصرفية.

ويضطر مواطنون أحياناً إلى الاقتراض ممن يمتلكون الأموال، شرط أن يتم سداد المبلغ على شكل دفعات وفي مواعيد محددة ومقابل فائدة عالية تزداد كلما تأخر السداد، الأمر الذي يتسبب في مضاعفة المبلغ، وبالتالي يعجز المقترض عن الإيفاء به.

ويمنح بعض مكاتب الصيرفة ومنافذ صرف الرواتب والمصارف الأهلية، قروضا للمواطنين، خاصة الموظفون منهم، شرط أن يحتفظوا بمستمسك رسمي للمقترض أو بطاقة راتبه بالنسبة للموظف، فيضطر نهاية كل شهر إلى سداد دفعة من المبلغ. ويضع المقرّضون فوائد عالية على مبلغ القرض، تصل إلى الضعف أحيانا، وبعضهم يلزم المقترض بالتوقيع على كمبيالة أو عقد يتم وفقه فرض زيادة على الفائدة كلما تأخر عن السداد. 

حيف كبير

يقول الخبير الاقتصادي عمر الحلبوسي، ان “الدين بالفايز أثقل كاهل مواطنين كثيرين. إذ يضطر المحتاج إلى الاقتراض من صاحب المال وفق هذه الطريقة، فيتعرض إلى خسائر باهظة وحيف كبير نظرا لحجم الفائدة المترتبة على مبلغ القرض”.

ويضيف في حديث صحفي قائلا أن “المقترض بالدولار يتحمل ثلاث خسائر، الأولى الفائدة التي تضاف إلى مبلغ القرض، وهي كبيرة جداً يضاف إليها هامش مالي تحسباً لتقلّب سعر الصرف”، متابعا قوله: “أما الخسارة الثانية فهي الفائدة التأخيرية التي تتضاعف كلما تأخر المقترض عن السداد”.

فيما تتمثل الخسارة الثالثة – حسب الحلبوسي – في فرق سعر صرف الدولار، الذي يتصاعد بشكل متسارع، ما يزيد من حجم خسائر المقترض.

ويؤكد، أن “هذا الأمر يجعل المقترض يتعرض للإعسار في السداد، والذي تترتب عليه فوائد كبيرة، ما يعني مزيداً من الخسائر التي سيبقى المقترض حبيسها في ظل تقلّبات سعر صرف الدولار”.

الحاجة تضطر إلى الاقتراض

من جانبه، يقول المواطن حسين جاسم، أن “بعض المواطنين يلجأون إلى الاقتراض مضطرين بسبب الحاجة إلى الأموال لظروف طارئة، كأن يكون لديهم مريض بصدد إجراء عملية جراحية مكلفة، وما شابه ذلك”، مشيرا في حديث صحفي إلى ان “البعض يقترضون بالدولار. وبسبب تذبذب سعر الصرف وتقلباته، يواجهون صعوبة كبيرة في السداد”.

عقوبة الربا

حسب المادة 465 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، فإنه يعاقب بالحبس وبغرامة مالية أو بإحدى هاتين العقوبتين، من أقرض آخر نقوداً بفائدة ظاهرة أو خفية تزيد على الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانونياً.

هذا ما يؤكده الخبيران القانونيان علي التميمي وحيدر الصوفي، اللذان يوضحان ان “العقوبة تكون السجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، إذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى خلال 3 سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الأول نهائياً، وتكون العقوبة حسب شدة الجريمة وجشع المقرض والشروط”.

ويلفت التميمي إلى ان “مجلس قيادة الثورة المنحل أصدر عام 1997 قانون 68 الذي يعاقب بالحبس 3 سنوات على هذه الجريمة”، مبينا أن “القانون اعتبر الربا جريمة مُخلّة بالشرف، وتشدد في عقوبة الجاني إذا كرر الفعل، لتصل فترة السجن إلى 10 سنوات”.

وينوّه إلى أن “قانون 68 أوجب مصادرة مبلغ القرض والفائدة، وأنشأ صندوقاً خاصاً بالفقراء تودع فيه المبالغ التي تتم مصادرتها، ويكون هذا الصندوق في وزارة العمل. إذ يوزع ما نسبته 40 في المائة من قيمة مال الربا أو الفائدة، على الفقراء، و40 في المائة على المقترض المخبر عن الجريمة، و20 في المائة على المخبر غير المقرض”.

فيما يقول حيدر الصوفي، أنه “في قانون أصول المحاكمات الجزائية، إذا بادر المقترض إلى الإخبار عن المقرض، فإنه يُعفى من العقوبة وتبقى العقوبة على المقرض، إلا إن المقترض دائماً ما يكون في حاجة إلى اقتراض المال، ويستغله المقرض بالربا، لذلك لا يذهب إلى القضاء للإخبار عن المقرض”.

ويتفق الصوفي والتميمي على أن “عمليات الربا تتفشى في الأسواق العراقية بعيداً عن أعين الشرطة والقضاء، لأنها تتم بكتمان وسرّية بين المقترضين، ما يتطلب جهداً استخبارياً لمكافحة هذه الجرائم السرّية. كما يتطلب الأمر أيضاً زيادة الوعي بهذه الجرائم، كون البعض لا يعلم بما يترتب عليها من مخاطر وعقوبات”.

حراك برلماني

وكان النائب علاء الحيدري قد تقدم في تموز الماضي بطلب إلى رئاسة مجلس النواب لتشريع قانون مكافحة الربا، مشفوعاً بتواقيع 82 نائباً. ووقتها ذكر الحيدري في تغريدة نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي أنه “نعاهد الشعب على تحمل المسؤولية القانونية والشرعية في العمل على تشريع قانون مكافحة الربا، بعد تفشيه واتساعه بصور مخيفة وبشكل يهدد المجتمع العراقي”، واصفا المقرضين بـ “أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون وضعهم الاقتصادي لتعظيم أموالهم دون جهد على حساب المقترضين المحتاجين”.