اخر الاخبار

الاحياء العشوائية او ما تسمى بالمستوطنات العشوائية تنتشر  في أية مدينة أو دولة في العالم وتكاد تتشارك في الآلام نفسها من حيث تدهور السكن غير  اللائق وافتقاره إلى أبسط مقومات العيش الطبيعي والفقر المدقع بسبب تعاظم البطالة وشحة الدخول على مستوى الأفراد أو الأسر  والاقتصار على الإعانات الشحيحة التي تتلقاها أم من الدولة بمقادير لا تغني من فقر ولا تسمن من جوع ، أو من المؤسسات الخيرية وما أقلها في بلادنا، وهذه الأحياء غير منتظمة هندسيا ووضعها القانوني مبهم، و فيما يتعلق بملكية الأرض فهي مملوكة للدولة بالأساس.

فالإعلان العالمي لحقوق الأنسان أكد في المادة 25 أولا أن (لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة الكافي للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة وله الحق في تأمين المعيشة حتى في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل او الشيخوخة او غير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن ارادته).

ومنذ عام 2000 وضعت لجنة المستوطنات البشرية في الأمم المتحدة (الاستراتيجية العالمية للمأوى) وقدمت تعريفا عن كفاية المأوى الملائم الذي يعني (الخصوصية الكافية، المساحة الكافية، الأمان الكافي، الإنارة، التهوية الكافيين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملائم بالنسبة إلى أمكنة العمل، والمرافق الأساسية وكل ذلك بتكاليف معقولة). كما وضعت الاستراتيجية الثانية للإسكان العالمي لغاية عام 2025 المستندة على التوجهات العالمية والاستراتيجية السابقة.

فأين حكوماتنا المتعاقبة من هذه الحقوق العالمية التي وقع عليها العراق؟ وللإجابة على هذا التساؤل لا بد من الرجوع إلى بيانات وزارة التخطيط العراقية والتي اخبرتنا مشكورة أن عدد التجمعات في العراق 4679 وعدد الساكنين فيها يصل إلى ثلاثة ملايين و725 الف نسمة يشكلون 10 في المائة من نفوس العراق، وأن محافظة بغداد العاصمة هي الأعلى من حيث عدد المستوطنات التي تزيد على الألف وتشكل  23 في المائة من عدد التجمعات في العراق، تليها محافظة البصرة وأقلها محافظة النجف التي تتواجد فيها 89 مستوطنة،  وان 87 في المائة من عائدية هذه التجمعات تستحوذ على أراض مملوكة للدولة، وان 13 في المائة منها مملوكة للقطاع الخاص. وتعتبر بربارا أيغر ممثلة الاتحاد الأوروبي أن المستوطنات العشوائية تشكل تحديا للحكومة العراقية حينما يكون لديها 10 في المائة من مواطنيها يسكنون في هذه العشوائيات وهي إشكالية تنعكس على شباب العراق الذين يشكلون 60 في المائة ممن أعمارهم 22 سنة فأقل.

إن تاريخ هذه الأحياء القائمة على أطراف الحواضر قد بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي ثم اتسعت في الخمسينيات وأكثر منها في الثمانينيات غير انها تعاظمت بشكل خطير بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، وترجع أسباب قيام هذه المستوطنات إلى حركة نزوح واسعة  ترجع أسبابها إلى تردي أوضاع الريف العراقي وغياب عناصر العيش فيه بالإضافة عدم الاستقرار الأمني  والسياسي والإداري وضعف الرقابة البلدية زد على ذلك ارتفاع اسعار الأراضي  والايجارات  داخل المدن مع تصاعد عدد سكان العراق بشكل متسارع إذ تعتبر نسبة  النمو السكاني الأعلى في العالم فتصل إلى 2،6 في المائة فضلا عن ميزات المدن من فرص التعليم وفرص العمل وتوافر البنى الارتكازية والخدمات الترفيهية  والشعور بالأمان اكثر مما عليه الحال في الريف.

إن معالجة الظاهرة تتطلب من الحكومة التي تسمى بحكومة الخدمات مراجعة الخطط الرئيسية وتحديد وتصنيف المستوطنات ووضع استراتيجيات مخصصة ومعايير لكل محافظة شريطة أن تأخذ بالحسبان عدة عوامل منها ملكية الأرض ومدة الاستيطان  والخدمات العامة والبنية التحتية المتاحة والمطلوبة ولابد ان يلتزم البرنامج الحكومي بتوسيع الدعم التقني والتركيز على وضع معايير التنفيذ وتحشيد المؤسسات ذات العلاقة بالسكن والتمويل للعمل كفريق متناسق للنهوض بقانون المستوطنات العشوائية وتنفيذه بخطوات سريعة بهدف خلق مستقبل أكثر شمولا  واستدامة لجميع العراقيين  ومن أولوياتها  انشاء مجمعات  ومساكن قليلة الكلفة تتولى الحكومة تنفيذها وفق مبادئ حقوق الانسان.

عرض مقالات: