اخر الاخبار

تشكل البطالة احدى أبرز المشكلات التي تواجه المجتمع العراقي والحكومة في آن، ولم تأت هذه المشكلة من فراغ، انما جاءت تعبيرا عن السياسات الحكومية وضعف برامجها التنموية أحادية الجانب وفلسفتها الاقتصادية المستمدة في التطبيق العملي من الإجراءات التي وضعها الحاكم الإداري الأمريكي ونزعته المتطرفة الى تحويل الاقتصاد الى النموذج الليبرالي المنفلت وصناعة طبقة اجتماعية زبائنية اوليغاركية تابعة لمشروعه النيو ليبرالي في المنطقة.

   لقد اظهر موقع (world stastatics ) ان العراق بات كثالث اعلى معدل بطالة على مستوى العالم العربي، حيث بلغت نسبة البطالة 15.5 في المائة غير ان وزارة التخطيط العراقية قد ذهبت ابعد من ذلك الى ان نسبة البطالة في العراق بلغت 16.5 حسب المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، حيث زادت هذه النسبة عما كانت عليه في عام 2018 والتي بلغت حينها 13.8 وعزا أسبابها الى تذبذب أسعار النفط وتوقف المشاريع في عامي 2020 و2021 بسبب الضائقة المالية التي مر بها العراق.

   من الجدير بالذكر ان الأبحاث والدراسات الاقتصادية قد توسعت في تناول ابعاد الظاهرة على مساحات زمنية ابعد مما ذهبت اليه وزارة التخطيط في الاقتصار على اخر فترة زمنية فقد ذهبت تلك الأبحاث الى ان أسباب المشكلة تتركز في تعليق الخطط التنموية التي وضعتها وزارة التخطيط بعد عام 2003 والتي وصلت الى خمس خطط تنموية، بالإضافة الى التخطيط العشوائي في إدارة الاقتصاد ما انتج ضعفا وترديا في قطاعات الإنتاج الحقيقية القادرة على اجتذاب اعداد كبيرة من الطاقات البشرية القادرة على العمل والراغبة فيه في القطاعين الحكومي والخاص، وبشكل خاص اهمال الصناعة التي تعتبر ركيزة الاقتصاد العراقي، اذا ما اضيف اليها قطاع الطاقة، وبدلا من ذلك راحت تهمله منهجيا، وتعرض المنشئات الصناعية للبيع والاستثمار طويل المدى، استناد الى مرجعية السياسة التي رسمها الحاكم الداري الأمريكي المتعلقة بهيكلة الاقتصاد العراقي وتحويل 169 مؤسسة صناعية ومعملا الى الخصخصة. ولهذا السبب تحديدا توقفت المشروعات الصناعية التي تمتلكها الدولة، ومجموعها 192 شركة عامة كبيرة. يضاف الى هذه الأسباب فشل الموازنات السنوية في عملية التنمية وتطوير قطاعات الانتاج التي كانت مساهمتها في الإنتاج المحلي الإجمالي اقل من 5 في المائة اذا اخذنا بعين الاعتبار حجم التخصيصات السنوية لقطاعي الصناعة والزراعة دون ان نهمل هيمنة الفساد السياسي على معظم تلك الموازنات، والذي استحوذ ليس فقط على النفقات التشغيلية الجارية وانما أيضا على الموازنة الرأسمالية. زد على ذلك انفلات الاستيرادات الخارجية وهروب راس المال الى الخارج وطغيان سياسات الإغراق.

لقد كان لظاهرة البطالة الكثير من الاثار السلبية التي تتمظهر الازمات الاجتماعية الناتجة عنها وعن ازدياد معدلات النمو السكاني وتعاظم ظواهر العنف السياسي والاجتماعي والجرائم المنظمة التي تحفل بها ملفات وزارة الداخلية والامن الوطني، والأكثر خطرا تزايد نسبة الاقبال على المتاجرة بالمخدرات والاقبال على تعاطيها مع المؤثرات العقلية، يصاحب كل ذلك ضياع فرص الاستفادة من الموارد البشرية المؤهلة علميا وتقنيا في عمليات الإنتاج والتنمية.

   ان معالجة البطالة كظاهرة اجتماعية خطرة وتفادي آثارها الضارة يتطلب من الدولة التوقف عند السياسات التقليدية التي سارت عليها خلال السنوات العشرين الماضي، والشروع بطرق منهجية أكثر فاعلية نذكر من بينها:

1- تنشيط دور القطاع الحكومي في الصناعات التحويلية والثقيلة ما لم يستطع عليها القطاع الخاص والكف عن استيعاب الموارد البشرية في القطاعات الادارية غير المنتجة والابتعاد عن اثقال الموازنة في توسيع الجهاز الإداري بطاقات غير منتجة بهدف خلق فئة زبائنية غايتها تدعيم القاعدة الانتخابية للأحزاب المهيمنة.

2- استيعاب حجم البطالة واسبابها والظروف الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة فيها وتفعيل قوانين العمل والضمانات الاجتماعية الضرورية للعاطلين وغير القادرين على العمل بسبب العوق الجسمي والصحي.

3- تقنين الاستيراد الخارجي وتفعيل دور وزارة التجارة في دراسة حاجات السوق الى سلع الاستهلاك الضرورية والبضائع نصف المصنعة والتي تحتاجها عملية التصنيع وتفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية.

عرض مقالات: