اخر الاخبار

بعد سقوط النظام في العام 2003 وجد المحتلون عشرات الالاف من الممتلكات المنقولة وغير المنقولة، بعضها يعود للدولة والبعض الاخر لحزب البعث من مقرات وسيارات واموال وأخرى تعود لرأس النظام وعائلته وزبانيته المقربين، فضلا عن الأملاك العائدة لقيادات الحزب المذكور، سواء كانت بأسمائهم ام بأسماء أخرى نزولا حتى الدرجة الرابعة. وكل هذه الممتلكات بمختلف تصنيفاتها تراكمت على مدى ثلاثين عاما، وشكلت احد المطبات التي واجهت المحتلين الغزاة فكيف تصرفوا بهذه الأملاك الطائلة؟

   ولأجل إيجاد مخرج لهذه المعضلة اقدم الحاكم الإداري الأمريكي باعتباره رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة التي اكتسبت مشروعيتها استنادا الى قرار مجلس الامن المرقم 1483 لعام 2003 اصدر التشريع رقم (4) في الخامس والعشرين من شهر أيار 2003، وقد اعطى بموجبه وصفا للممتلكات والأموال العائدة لأزلام النظام السابق، وباعتبار ان سلطة الائتلاف قد وضعت نفسها ممثلا للشعب العراقي كما تزعم، فقد أعطت لنفسها الحق بالاستيلاء على جميع تلك الممتلكات والأموال ومصادرتها والزمت بموجبه كل من توجد بحيازته او تحت سيطرته ممتلكات واموال كانت مملوكة لحزب البعث المحافظة عليها وإبلاغ سلطة الائتلاف المحلية فورا عنها، وتسليمها لسلطة الائتلاف لكي تبقى لديها كأمانة تستخدم من قبل الشعب العراقي، ومن اجل منفعته، على ان تؤسس محكمة للاستئناف تتولى النظر في ما ينشأ من نزاعات بشأنها، واصبح الموضوع وفق هذا التشريع منطبقا مع المثل الشعبي (ودع البزون شحمة) فما عدا مما بدا؟

حسب بعض التقديرات فإن عدد الممتلكات المستولى عليها من قبل السياسيين المتنفذين وزعماء الميليشيات والمسؤولين في حكومات ما بعد 2003 وهي الأمانة التي تركها لهم الحاكم الاداري الأمريكي في تشريعه المشار له، تبلغ 32 ألف مبنى سكني وتجاري واراض ومزارع ومحلات تجارية، وعلى وجه التحديد، فإن القصور والمنازل الفخمة الواقعة داخل حدود المنطقة الخضراء ومحيط ساعة بغداد، حصل عليها مسؤولون وسياسيون من القوات الأميركية التي أخضعت تلك المناطق لسلطتها بعد احتلال بغداد. وكان عام 2009 تحديداً الأكثر نقلاً لتلك المباني والقصور من عهدة القوات الأميركية إلى الحكومة العراقية القائمة وقتذاك، والتي بدورها وزّعتها على قيادات سياسية مختلفة. فتم الاستيلاء على مباني شارع أبو نواس والجادرية والكرادة عنوة من قبل مسؤولي الأحزاب بعد دخولهم بغداد عام 2003، إذ تركها شاغلوها وهم من أسر قيادات ومسؤولي البلاد قبل الغزو الأميركي، بعضها ملك شخصي ويعود لرؤساء سابقين أيضاً مثل أحمد حسن البكر، عدا عن استغلال مقرات حزب البعث العراقي ومراكز أمنية من قبل تلك الأحزاب، ومن بعدهم فصائل مسلحة مختلفة.

 وعلى الرغم من وجود العديد من التشريعات التي تمنع التصرف في الممتلكات موضوع البحث ومنها قانون بيع وايجار أملاك الدولة، فمن المفروض انه كل ما يعود لحزب البعث واعضائه من هذه الممتلكات تعود لوزارة المالية، التي ينبغي ان تكون مؤتمنة عليها، فان المسؤولين العراقيين وبعضهم لا يمتلك وظيفة في الدولة أصلاً، يرفضون الخروج من هذه المنازل التي يعتبرها العراقيون “مستولى عليها بالقوة”، على الرغم من المطالبات الكثيرة التي تصدر عن ناشطين وصحافيين وقانونيين، فيما لا يستجيب المسؤولون لقرارات قضائية صدرت في وقتٍ سابق، قضت بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وللتهرب من المسؤولية القانونية التي قد ترتب في وقت ما، فان البعض من المسؤولين الذين استحوذوا على هذه المنازل لجأوا ـ بطرق الاحتيال والتزوير ـ الى تحويل ملكيتها من الدولة او بعض رموز النظام السابق الى أخوتهم وأقربائهم وزوجاتهم.

ان الحكومة ـ وهي المشكلة من الأحزاب المتسلطة تكون عاجزة لأسباب وذرائع مختلفة ـ تلجأ للهروب الى الامام عن طريق بعض الإجراءات السطحية غير الملزمة لذلك فان التنسيق بين الجهات الرقابية على تنوعها والقضاء العراقي، تستطيع وفقا للدستور والقوانين النافذة اتخاذ القرارات في إعادة هذه الممتلكات الى الدولة، وبدون ذلك فان الضغط الشعبي كفيل بحماية تلك الممتلكات باعتبارها حقوقا عامة تعود للشعب ومحاسبة من استولى عليها خلافا للقوانين النافذة.

عرض مقالات: