اخر الاخبار

يواجه العراق منذ فترة طويلة تحديات بيئية خطيرة؛ تركت آثارها على الإنسان والاقتصاد، وهددت الأمن الوطني والصحي والغذائي، بمخاطر متراكمة حتى عجزت الحكومات العراقية عن معالجتها، حيث تعاملت معها بوتيرة متباطئة، وهذا ما سارت عليه منذ عقود.  تتمثل هذه التحديات بتصاعد معدلات التلوث للماء والهواء والتربة والاختلال الكبير في التوازن البيئي، مما يتطلب من الدولة بكافة مؤسساتها وضع السياسات الضرورية التي تأخذ في الحسبان طبيعة وحجم المخاطر التي تهدد الوضع البيئي، ومن ثم وضع المعالجات ووضع التخصيصات المالية الكافية. 

    إن التحديات التي يجري الحديث عنها، تتمثل بمخلفات الحروب والألغام الموجودة على الأرض، بسببها كان أكثر المتضررين هم الأطفال الذين لم يتعايشوا مع الحروب، ويفقهون آثارها، وكمية التلوث في المياه المتأتية من المياه الثقيلة، وتراكم النفايات بدون اتخاذ التدابير الضرورية للتخلص منها، وتوسع ملوثات الهواء الناتجة عن الغازات السامة المنبعثة من آبار النفط، والتي تأخر الاستفادة منها في عملية إنتاج الطاقة الكهربائية التي قادت إلى استخدام المولدات الأهلية، التي يزيد عددها عن 400 ألف مولدة، والتي تخرج منها ملايين الاطنان من الغازات الملوثة للبيئة سنوياً، فضلاً عن العواصف الترابية ومعامل صناعة الطابوق التي ما تزال تعمل بالطرق البدائية  الناتجة عن ظاهرة التصحر، التي تعاظمت على المستوى الدولي، فضلاً عن المحلي، وما تتركهُ من آثار خطيرة على الجهاز التنفسي للمواطنين، فضلاً عن الكثير من الجزئيات العالقة في الهواء، ولا تصلح للاستنشاق البشري.

 في العراق، برزت ظاهرة أكثر تدميراً للاقتصاد والبيئة خلال السنوات العشرين الماضية، باتخام السوق العراقية بملايين السيارات الخاصة، والتي زادت على ثمانية ملايين في كافة المحافظات، ثلثها في مدينة بغداد، وما يتركهُ هذا العدد المرعب من انبعاث الغازات السامة.

وتظهر التقارير الدولية، وخاصة تقرير الأمم المتحدة المنشور في 17/حزيران /2022، الذي دعا إلى العمل واتخاذ الإجراءات الكافية لدعم العراق في إدارة موارد المياه، والتكيف مع المتغيرات المناخية، وذلك في اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر.  وأضاف التقرير، أن العراق يعتبر واحداً من الدول الخمس الأكثر تضرراً من التغيُّرات المناخية، وفي المرتبة 39 بين الدول الأكثر اجهاداً للمياه المقترن بالانخفاض القياسي في معدل سقوط الأمطار. كما بين التقرير الأممي أن إزالة التربة السطحية وانخفاض انتاجية الأراضي؛ أدت إلى انخفاض في إنتاج الغذاء، وأظهرت دراسة استقصائية أجريت في عام 2021، حسبما ورد في التقرير وشملت 7 محافظات، أن 37 في المائة من مزارعي القمح، و30 في المائة من مزارعي الشعير، يعانون من فشل محاصيلهم، وفي الوقت نفسه انخفاض الإيرادات والمداخيل.  وأوضح التقرير أنه لغاية آذار 2022، تم تسجيل ما يقدر بـ 3 آلاف أسرة نازحة، بسبب الجفاف والتدهور البيئي في ثماني محافظات، في وسط وجنوب العراق. وأن شحة المياه هي السبب الرئيس للهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، إلى جانب التحديات التي تواجه الزراعة المستدامة والأمن الغذائي. وبينت أنه “بدعم مشترك من الجهات الفاعلة المحلية والدولية، يمكن للعراق العمل على التغلب على الغموض السياسي الوطني والإقليمي؛ للتخفيف من آثار التغييرات المناخية، وتدهور الأراضي، ومعالجة إدارة المياه العابرة للحدود الوطنية.

 إن الدولة هي من تتحمل المسؤولية الأساسية في رسم السياسات الفاعلة في معالجة التدهور البيئي، ونرى بهذا الخصوص:

  1. وضع الخطط لتسييج المدن بالأحزمة الخضراء، والتأكيد على كافة الوزارات تحشيد امكانياتها للمساهمة في عمليات التشجير التي جرى اعمامها في السابق، ومتابعة هذه الإجراءات بجدية وعدم تركها للزمن.
  2. معالجة النفايات التي تتكاثر في العادة بزيادة السكان، والقيام بعمليات طمر نظامية، والتوجه للاستفادة منها، بتوليد الطاقة الكهربائية كما تفعل الكثير من دول العالم.
  3. وضع الخطط الكفيلة للاستفادة من المياه الجوفية، واعتماد الأساليب التقنية في عمليات السقي ومراقبته، والتعامل بجدية وعلى أعلى المستويات مع دول الإقليم لضمان حصة العراق المائية.
عرض مقالات: