اخر الاخبار

اعتمد العراق على القطاع العام لفترة طويلة كقطاع رئيسي والسبب في ذلك عدم قدرة القطاع الخاص على تمويل المشاريع الخاصة واقتصر على تملك بعض المشاريع الصغيرة لكنها تدار بطرق بدائية تفتقر إلى عنصر المبادرة والابتكار. ويبقى النمو الاقتصادي معلقا بانتظار قدرة القطاع العام على النهوض بعملية التنمية رغم بعض المشاكل التي تواجه التفرد بالقطاع العام بوصفه البديل الأكثر قدرة على التمويل وإدارة الاقتصاد الأمر الذي دفع الدولة للتفكير بالبحث عن بديل مشترك يجمع بين القطاعين العام والخاص كتوجه لإصلاح الاقتصاد العراقي.

ويبدو ان المسؤولين عن رسم السياسة الاقتصادية قد انطلقوا من المشاكل التي تواجه القطاع العام بعضها يكمن في القطاع نفسه والبعض الآخر يكمن في طريقة تمسك المسؤولين عن رسم السياسة التي وضع أسسها الحكم الإداري الأمريكي التي تركز على الانفتاح الاقتصادي ونظام الاقتصاد الحر الذي لم ينتج إلا دخول البضائع الأجنبية المستوردة  وهيمنة  سياسة الإغراق  وتحطيم المنتج الوطني، وهو ما دعا إلى  أطروحة الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وفق عقد طويل الأجل والتوقف عند  الملامح الجديدة التي ظهرت بعد احتلال العراق في التاسع من اذار 2003، وما أعقبه من آثار سلبية جراء السياسات الاقتصادية لسلطة الاحتلال، ومنها التبدل الجذري للشروط التي تحكم نهج التطور المتمثلة بأتباع نهج اللبرالية الجديدة لصالح التطور الرأسمالي بزعم انهيار مشروع الدولة في سياستها التنموية القائمة على القطاع الحكومي مع تجاهل طبيعة هذه المرحلة ومقتضياتها الموضوعية، مع أن المقاربة  العقلانية  في هذه الظروف منصبة على تجنيب الشعب العراقي شرور الرأسمالية المتوحشة ومعالجة الاختلالات في الاقتصاد العراقي الذي يتصف بالتردي المريع في بنيته الأساسية والانخفاض المستمر في معدلات النمو في الناتج المحلي الاجمالي وتدهور قطاعاته الاقتصادية السلعية.

إن الشراكة التي أقدمت عليها الحكومة العراقية وشرعت لها قانونا خاصا الذي يشكل عقدا طويل الأجل يقوم على توظيف امكانياتهما البشرية والمادية والإدارية والتنظيمية والمعرفية والمساهمة في تحمل المسؤولية المشتركة في انشاء المشاريع ذات النفع العام وتأمينها لتحقيق للأهداف الاقتصادية والاجتماعية بتقديم خدمات أفضل لأكبر عدد من الشرائح الاجتماعية، وأريد بهذا القانون تدشين  عملية الإصلاح الاقتصادية،  غير أن هذا التوجه قد اصطدم بسور يصعب اقتحامه عبر الاعتماد على موارد الريع النفطي وهيمنة القوى الطامحة للاستحواذ على هذه الموارد عن طريق المحاصصة ونظام توزيعي ظالم. 

إن القطاع المختلط  تمتد جذوره إلى عشرات السنين الماضية منذ تأسيس شركة السمنت العراقية بدعم من المصرف الزراعي وكان السبب في ذلك عدم قدرة القطاع الخاص على تنفيذ المشاريع الصناعية الكبيرة، ومن المعروف أن عدد مشاريع القطاع المختلط 42 شركة، من أبرزها على سبيل المثال شركة الصناعات الالكترونية وشركة الصناعات الخفيفة وشركة الهلال الصناعية والشركة الوطنية للصناعات الكيمياوية والبلاستيكية  وغيرها،  وقد لعبت هذه المصانع دورا ما زالت تختزنه الذاكرة العراقية ويمتلك هذا القطاع أفضل الأراضي والأبنية والبنى التحتية غير أن الدولة كالمعتاد قد أهملت هذا القطاع .

  إن السير في هذه الوجهة الإصلاحية الهادفة كما معلن إلى إصلاح الاقتصاد العراقي وتنويعه عبر المشاركة بين القطاعين العام والخاص تتطلب حزمة من الإجراءات نذكر منها ما يلي:

  1. إعادة النظر في تدعيم القطاع المختلط وتوفير الأجواء الملائمة لتوسيع منظومته المؤسسية من المشاريع الأفضل جدوى في توسيع العمالة الكثيفة عبر تقديم التسهيلات الائتمانية وإدخال عناصر التكنولوجيا في خطوط الإنتاج وتحديث المكائن في المشاريع القديمة.
  2. تدعيم مشاريع القطاع الخاص القائمة والارتقاء بنشاطها وخاصة توفير مصادر التمويل الداعم عبر الموازنة الاتحادية القادمة والارتقاء بمستواها لكي تكون جاهزة للمشاركة مع القطاع العام وفق عقود طويلة الأجل تتمتع بالشفافية والمرونة القابلة لاجراء التغييرات التشريعية والنبوية إذا اقتضت متطلبات التنمية الاقتصادية موضوعيا.
  3. اختيار الإدارات التي تتمتع بمستوى عال من الكفاءة والخبرة القادرة على التنفيذ والمتابعة والمراقبة وتطوير الإنتاج من خلال الحوكمة ومعايير الجودة.
عرض مقالات: