اخر الاخبار

مظاهر فوضى كثيرة تعج في الشارع العراقي لا يمكن معالجتها والقضاء عليها إلا بتكاتف وتظافر الجهود بين مؤسسات الدولة من جهة، وأفراد المجتمع من جهة أخرى.

هذه المظاهر التي تصادفنا يوميا، باتت لا تعد ولا تحصى. بعضها يحتاج إلى “مجهر” لرصده بشكل دقيق والوقوف على حقيقته، وإلى جهد كبير في معالجته. فيما البعض الآخر واضح وضوح الشمس، صارخ لا يحتاج كشفه إلى أي جهد استثنائي، إنما بالإمكان تلافيه لمجرد تحرك بسيط من قبل مواطن يعي مسؤولياته، أو منتسب حكومي جاد في عمله.

من هذه المظاهر، قيادة بعض الشباب سياراتهم بسرعة عالية حتى في المناطق السكنية، مسببين ضوضاء لا تطاق وخطورة كبيرة على المارة. ما يمثل إزعاجا مفزعا للناس، خصوصا المرضى والأطفال، وسلبا لراحتهم وتجاوزا وانتهاكا لسكينتهم وسلامتهم.

في إجابته عن سؤال وجهته له حول الجدوى من السرعة العالية، أجابني أحد سائقي السيارات بأنه يمارس حقه الطبيعي، وجانبا من حريته الشخصية!

وليس أصحاب السيارات وحدهم من يثير هذه الفوضى، فالكثيرون من سائقي دراجات التوصيل (الدليفري)، يساهمون في هذه الفوضى أيضا. فبينما تسير في الشارع آمنا مطمئنا تواجهك دراجة تسير عكس السير، مسرعة مخلفة ضوضاء مزعجة. وعندما تؤنب السائق على هذا الفعل السلبي، يجيبك بأنه يحاول اختصار المسافة كي يتسنى له إيصال الطلب في الوقت المحدد، وهذا ما تتوقف عليه لقمة عيشه. لكنه هنا لم يراع الآخرين الذين يثير إزعاجهم ويعرض حياتهم للخطر.

ومن مظاهر الفوضى الأخرى، قيام بعض الفقراء والمعدمين، من الباحثين عن قوتهم في النفايات، بقلب حاويات جمع الأنقاض لالتقاط العلب المعدنية وغيرها من المواد التي تباع إلى معامل التدوير. وبعد أن يحصلون على مبتغاهم يتركون النفايات متناثرة على الأرض، ما يزيد من أعباء عامل النظافة الذي يأتي بعد ذلك لتنظيف المكان. مثل هذه الظواهر السلبية يحتاج إلى تظافر الجهود الحكومية والمدنية لمعالجته، وإلى أن يشعر الجميع بمسؤولياتهم تجاه بلدهم وراحة مواطنيهم. كما يتطلب الحد من هذه الفوضى توسيع رقعة مهام القوات الأمنية، ودورها في ضبط الأمن والنظام أيضا، وعدم اقتصار الأمر على رقعة ضيقة محددة. فأحيانا لا تتدخل السيطرة الأمنية في حادثة تحصل خارج حدود مهامها، حتى وإن كانت قريبة.

وتبقى المصلحة العامة مسؤولية تفاعلية تضامنية، ومهمة غير مختصرة على طرف دون آخر.