اخر الاخبار

تعرضت الصناعة الوطنية إلى عمليات هدم مبرمج في عهد الحكومات المتعاقبة بعد التغيير عام 2003 وإلى يومنا هذا مما تسبب في تخلفها وتدهور امكاناتها وشل قدراتها التصنيعية والتنافسية وحرمانها من الاستفادة من الثورة العلمية والتكنولوجية ومواكبة التطورات المتسارعة من حولنا. والسبب يكمن في هيمنة ونفوذ الفئات الهامشية والطفيلية وتسلق سماسرة الشركات التجارية الاجنبية إلى مراكز صنع القرار وتحديد توجهات البلاد السياسية والاقتصادية المستقبلية والهادفة إلى تدمير ما تبقى من القطاعات الانتاجية الوطنية الصناعية والزراعية..

ويبدو أن هذا المنهج ما زال قائما ففي تصريح لوزير الصناعة في الحكومة العراقية الجديدة، وفي ظل تحقق وفرة مالية جديدة من خلال انتعاش أسعار النفط، كشف عن وجود 40 الف موظف فائض عن الخدمة ( وهذا العدد يفترض في ظل اتباع سياسة تخطيطية شاملة كان من الممكن ان يكون ،القوى المنتجة الحقيقية القادرة على بناء عملية تنموية واعدة ) ولكن الوزارة حسب تصريح الوزير عاجزة عن تأمين رواتب موظفيها واصفا الوزارة بشبكة للرعاية الاجتماعية ولهذا بشرنا معاليه بالتوجه نحو غلق العديد من المصانع (ويقصد تحويلها إلى مقبرة لمكائن كانت في يوم من الأيام تقدم للعراقيين العديد من المنتجات تقوم الدولة في هذه المرحلة باستيرادها من الخارج مقابل عملة يجري تهريب نصفها ) وأضاف معاليه أن واقع الصناعة عبارة عن تركة ثقيلة متراكمة من سنوات سابقة ولهذا فهي مدينة بمئات المليارات لوزارة المالية ،وبسبب هذه الإشكالية فان ا لوزارة تخطط لدمج الشركات وإعادة ترتيب منشاتها وقد تقوم بغلق المنشئات الصناعية التي لا جدوى من إعادة تأهيلها مثل المعامل والمصانع القديمة والوزارة تدرس خيار الذهاب باتجاه الاستثمار بصورة حقيقية ،بمعنى وضعها على قائمة الخصخصة. ومن الطبيعي ان الوزير يتحدث عن حال الوزارة بعد 9 1 عاما من التغيير ولو لم تكن السياسة الاقتصادية قد رسمت وفقا لقوانين الاحتلال ولو اعتمدت على التخطيط العلمي الصحيح لكانت وزارة الصناعة ركيزة حقيقية في تحقيق التوازن في االبنية الاقتصادية وعنوان للنشاط الاقتصادي المتصاعد.

وباعتبار أن العراق بلد نام فان توسيع استخدام التقنية في عمليات الإنتاج يؤدي إلى تطور نوعي محسوس وإلى تنامي كمي ممكن القياس ليس في عمليات الصنع فقط بل في المنتجات الصناعية وفي مجمل الأنشطة الاقتصادية ذات العلاقة بالإنتاج المادي عبر استغلال الموارد الطبيعية وإيجاد تنسيقات جديدة بين عناصر الإنتاج وتغيير في نسب تركيب المواد الأولية وتطوير في قوى الإنتاج بما يكفل ضمان استمرار تجديد الضخ إلى السوق من السلع الاستهلاكية والإنتاجية واعتماد التحسين في وسائل الإنتاج وإدخال التكنولوجية في خطوط الإنتاج القائمة او تأسيس خطوط انتاج جديدة فضلا عن الإسراع في زيادة المهارات الفنية واكتساب الخبرات والتجارب العملية وتغذية الأفق الفكري المبدع ودعم النشاط الابتكاري الهادف. ان ذلك هو التفكير السليم في بناء صناعة وطنية تحفظ استقلال العراق من التبعية للنظام الرأسمالي المعولم ومعالجة الإشكاليات التي تحدث عنها الوزير.

 إن تلك الأفكار التي سادت خلال الفترة الماضية قد أزالت بمجرفتها المتوحشة كل القاعدة الصناعية التي ترعرعت في المراحل اللاحقة لثورة تموز عام 1958 ،ومنها على سبيل المثال لا الحصر ،مصانع الحديد والصلب والبتروكيمياويات والأسمدة الكيمياوية في البصرة والورقية والبلاستيكية في ميسان وصناعات الادوية والمصابيح ،وغيرها الكثير من المنشآت الصناعية الحيوية الحكومية ،والتي ،تميزت منتوجاتها بجودة عالية تغطي الكثير من احتياجات السوق المحلية، اضافة إلى ما كان ينتجه القطاع الخاص من منتوجات نسيجية وغذائية وجلدية واجهزة منزلية فاخرة والقطاع المختلط الذي كان ينتج ،التلفزيونات والثلاجات والمكيفات والطباخات والكثير غيرها من المنتوجات والتي اختفت لاحقا ،من السوق المحلية (بفضل سياسة الانفتاح الفاحش وانعدام الدعم لهذا القطاع ) اضافة إلى ما كانت تقدمه ورش ومصانع القطاع الخاص من خدمات اساسية لشركات ومصانع القطاع العام وتوفير احتياجاتها من قطع الغيار والصيانة ودعمها بالكوادر الفنية الوسطية المدربة والمؤهلة والمهارات المتخصصة الضرورية.

عرض مقالات: