اخر الاخبار

يدرك المهتمون بالشأن الاقتصادي أن الأرض العراقية المعطاء تشكل مخزونا ثريا لأهم الثروات الطبيعية خارج القطاع النفطي، ويمكن أن تكون لو أعير لها الاهتمام الكافي قاعدة اقتصادية واعدة، ذلك لأن الكبريت سلعة استراتيجية عالمية تستخدم في العديد من الاستخدامات الصناعية، فضلا عن كونه أهم عنصر كيميائي تجاري على المستوى الدولي..

  وعلى الرغم من اكتشاف الكبريت في العراق منذ خمسينات القرن الماضي إلا أن العمل على استثماره اقتصاديا قد تأخر كثيرا، فقد ظل استثماره مقتصرا على عزل الكبريت المصاحب للنفط في معمل استخلاص الكبريت في كركوك وبطاقة 150 ألف طنا سنويا رغم امتلاك العراق احتياطيا كبيرا من الكبريت الرسوبي، لكن التنقيب عن هذه الثروة من قبل الجيولوجيين العراقيين ولاحقا الأجانب كلهم اثبتوا أن الاحتياطي منه يشكل ثلثي الكبريت الموجود في العالم،  وان الاحتياطي في العراق يقدر ب 360 مليون طن فيما يقدر الاحتياطي العالمي ب 600 مليون طن مما يشكل 60 في المائة من الاحتياطي العالمي .

ومن الجدير بالذكر ان أول عمليات الاستثمار في قطاع الكبريت جرى في عام 1971 من قبل الشركات البولونية (سنتروزاب) واستمرت لعام 1990، وتشير معطيات وزارة الصناعة إلى ان هذا القطاع يشتمل على ثلاثة حقول كمية الاحتياطي في الأول 65 مليون طن فيما يشكل احتياطي الحقل الثاني 66 مليون طن اما الحقل الثالث فيحتوي على 224 مليون طن، ولكن الحقلين الأخيرين لم يجر الاستثمار فيهما لحد الآن.

إن مبعث الاهتمام بمعدن الكبريت يأتي من كثرة استخداماته في الصناعات الدوائية والبارود والمبيدات الزراعية وتعفير البذور الزراعية فضلا عن استخداماته في تنقية المياه التي تشكل حاجة محلية وعالمية متزايدة، ولهذا فإن الإنتاج في الكبريت والفوسفات يشكلان معا ثروة لا نظير لها في الكثير من الصناعات، فضلا عن القطاع الزراعي الذي يؤمن الغذاء لمليارات البشر في عالم مهدد بالفقر والمجاعة نتيجة الحروب والأزمات الاقتصادية، ومن هنا تأتي دعوة الحكومة العراقية إلى بذل المزيد من الجدية والاهتمام في الاستثمار في هذه الثروة. غير اننا لا نشك في أن ثمة معوقات كبيرة تواجه عمليات الإنتاج ومنها على سبيل المثال الأوضاع الأمنية الخطيرة التي واجهت وما تزال تتمثل في الهجمة الإرهابية وخاصة في محافظة نينوى (منطقة المشراق) والإهمال المتواصل من قبل الحكومات المتوالية بعد عام 2003 وغياب الاستراتيجية الاقتصادية التي تستهدف الاستثمار في هذا القطاع والموارد الطبيعية الأخرى باستثناء البترول التي اعطته الأولوية ولا ننسى ظاهرة الفساد الذي انتشر كالوباء في معظم أجهزة الدولة.

ومن المناسب التوقف عند تصريحات وزارة الصناعة حيث قدمت الشركة العامة لكبريت المشراق مقترحات بناءة لغرض معاودة انتاج وصناعة الكبريت ومنها توفير التخصيصات اللازمة على الخطة الاستثمارية لغرض نصب وتركيب المعدات  المشتراة سابقا ( لاتزال مخزنة في البصرة لعدة سنوات )، وكذلك تجهيز وتأهيل المناطق الصناعية لخط انتاج الكبريت المصفى والتي تبلغ كلفتها بحدود 179 مليار دينار وان الشركة المذكورة باشرت للمرة الثانية بإعداد دراسة جدوى وفنية وتجهيز ملف استثماري لمشروع انتاج الكبريت المصفى الا ان المشروع توقف بسبب ان مكتب رئيس الحكومة وجه في عام 2020 بترك القرار للحكومة المقبلة  وما زال مركونا على الرف. ولأجل تفعيل هذا المشروع بأبعاده الاستراتيجية نقترح الاتي:

1. وضع الخطط الضرورية للتنسيق بين وزارات التخطيط والصناعة والزراعة ووزارة الصحة ووزارة النفط وبقية الوزارة ذات العلاقة والشركات الصناعية الوطنية والشركة العامة في المشراق لتفعيل عملية الانتاج بما يلبي حاجة الطلب المحلي.

2. ادخال مكامن تواجد الكبريت للاستثمار المحلي والأجنبي إلى جانب الاستثمار الحكومي وادخال التكنولوجية المتقدمة لزيادة الانتاج وتحسين نوعيته لتحفيز الطلب عليه.

3. تعزيز الدعم المالي للشركات الحكومية عبر ادراج التخصيصات الكافية في الموازنة السنوية لتحديث مكائن معاملها التي تقادمت وقلة انتاجيتها وتحسين اساليب عملها وتطوير كفاءة كادرها العامل وتحديث اداراتها.

عرض مقالات: