اخر الاخبار

يعرف الأمن الغذائي بشكل عام بكونه الحالة التي يتمتع فيها البشر كافة وفي جميع الأوقات بفرص الحصول على المنفذ المادي والاجتماعي والاقتصادي على الأغذية الكافية والسليمة والتغذوية التي تلبي حاجاتهم الغذائية وتناسب اذواقهم من اجل حياة نشطة وصحية، وإذا اخذنا هذه التعريف بوصفه معيارا فكيف نقيس ما يجري في بلادنا من تفاقم المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد أوسع الشرائح الاجتماعية من حيث شحة المعروض وصعود الأسعار. 

ففي الظروف التي تعرضت البلاد إلى مخاطر أمنية بعد الاحتلال من خلال حرب الطوائف واجتياح القوى الإرهابية فقد اعتبر العراق في هذه الظروف احدى البلدان الرئيسية المشمولة ببرنامج الأغذية العالمي، الامر الذي وفرله جزءا من دعم هذا البرنامج لمواجهة التحوطات الغذائية الطارئة للمتضررين من الأزمة الاقتصادية الناشئة عن تلك الظروف.

وبعد تحقق الاستقرار النسبي في الوضع الأمني أخذت الحكومة تتوجه لوضع سياسات وبرامج إنمائية متوسطة وطويلة المدى، وعلى هذا الأساس تمت مراجعة استراتيجية لتقييم الأوضاع المتعلقة بالأمن الغذائي في سياق اهداف التنمية المستدامة، ولهذا الغرض تم تشكيل لجنة استشارية برئاسة الامين العام لمجلس الوزراء وممثلين عن الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بالأمن الغذائي في تشرين الأول من عام 2018، واعدت ركائز هذه الاستراتيجية، ولكن ما عدا مما بدا؟ فلم تختلف هذه الخطة عن سابقاتها من الاستراتيجيات التنموية الأربع او استراتيجيات الحد من الفقر بسبب دخولها في نفس النفق من المعوقات المالية والإدارية والسياسية.

فعلى صعيد القطاع الزراعي فان وزارة الزراعة لم تستطع الخروج من المشاكل التي قيدت حركتها في تطوير عمليات الإنتاج الزراعي بسب شحة مواردها المالية، فعلى سبيل المثال فان موازنة الوزارة في عام 2015 بلغت 426 مليون دولار ما لبث هذا المبلغ ان انخفض في عام 2019 إلى 142 مليون دولار وفي موازنة عام 2021 بلغت التخصيصات المالية 300 مليار دينار وبالكاد تغطي رواتب موظفيها زد على ذلك تعامل الدولة الضار بمصلحة المزارعين سواء بتقليل الدعم او عدم تسليم المستحقات المالية.

ومن جهة أخرى فان الامدادات الغذائية قد ارتفعت  من 14 مليون طن  في المائة عام 2000 إلى  20 مليون طن  في عام 2019 بزيادة 44 في المائة،  يقابل ذلك ازدياد السكان بحدود 50 في المائة وانخفضت قيمة استيرادات المجموعات الغذائية الرئيسية من 30 مليار دولار في عام 2009 إلى مليار دولار في عام ،2015 ومن جانب آخر فان 25 في المائة من السكان يعتمدون على البطاقة التموينية وان 40 في المائة يعتمدون جزئيا على هذا النظام، وبذلك يصبح الاعتماد الأساس على الأسواق التجارية حيث الأسعار منفلتة وارتفاع صادم في مستوياتها وتداعيات اجتماعية قابلة للتصعيد والانفجار في اية لحظة،  وفي الظروف الراهنة يتهدد الأمن الغذائي بمخاطر مثيرة للقلق في ظروف داخلية ودولية متعسرة حيث تتعرض سلاسل توريد الحبوب وغيرها من المواد الغذائية إلى تهديد يصعب تصوره مع الحرب التي تدور رحاها بين روسيا وأوكراينا  وكلاهما كان يشكلان مصدرا أساسيا لتوريد الحبوب، ووزارة التجارة وفقا لتصريح الوزير لا يكفي مخزونها من الحبوب سوى لشهرين وكان من المفترض ان يكون كافيا لستة أشهر لمواجهة المخاطر التي يتعرض لها الأمن الغذائي.

 لما تقدم فان أولويات الحكومة في الفترة الراهنة والمقبلة تستلزم اتخاذ تدابير طارئة لمعالجة ازمة الغذاء ونقترح في هذا المجال:

1. تعيين إدارات كفوءة للأراضي الزراعي والموارد المائية عبر اعتماد التقنيات الحدية في السقي وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية وتنويع المنتجات الزراعية من الحبوب والمحاصيل الصيفي والفواكه والمحاصيل الصناعية وتقديم الدعم الكافي للمزارعين.

2. الاستثمارات المتواصلة في مجال تعزيز المشاركة بين القطاع العام والخاص لخلق أنشطة إنتاجية أكثر فاعلية باتجاه تحسين التفضيلات الغذائية الصحية واستهلاك الأغذية المحلية والموسمية وسلاسل التوريد الفعالة والمستقرة.

3. ضمان احتياطي غذائي استراتيجي وطني خاص للمحاصيل الاستراتيجية بما لا تقل فترة الخزين الاحتياطي عن ستة أشهر لمواجهة المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي.

عرض مقالات: