اخر الاخبار

تتوالى التوقعات بشأن الزيادات المتتالية في أسعار النفط بسبب مؤشرات الانعتاق من جائحة كورونا وتطوراتها وأحداث الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها في مجال انتاج النفط وحركته في السوق العالمية وسلسلة الاجراءات الدولية المفروضة على روسيا وبالتالي إمكانية تخلص العراق من نمط الاقتصاد الريعي الذي يزيد من حجم الانتاج المحلي الإجمالي، ولكنه يشجع على الفساد ويبني طغمة مالية وطفيلية فاسدة.

ويبدو أن معظم التوقعات بشأن تصاعد أسعار البترول وتعاظم عوائده كانت متفائلة فان تقارير الخبراء تؤكد أن سوق النفط حقق ارتفاعا في الأسعار خلال هذا العام بنسبة 4،5 – 8،5 وقد يزيد على 200 دولار في المائة ما يظهر مؤشرات تنموية واعدة وتأثيرات ايجابية على الاقتصاد العراقي مع زيادة الاحتياطي النقدي بالرغم من المخاوف التي تصاحب هذا الصعود الناشئ بالدرجة الأساس عن الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها والمخاوف من عدم الاستمرار في هذا الصعود على المدى الطويل. ويمكن القول إن معظم هذه المخاوف تنطبق على اقتصادنا بشكل خاص، فحسب تقرير لمجلة إيكونيميست انتلجنس البريطانية على سبيل المثال التي تشير إلى عدم تعافي خمس اقتصاديات في العالم بينها العراق خلال عام 2022 بسبب اعتماد موازنة العراق على 95 في المائة على الايرادات النفطية حيث يزيد الانتاج على أكثر من اربعة ملايين برميل فيما يبلغ حجم التصدير أكثر من 3 ملايين برميل يوميا.

وحري بالتذكير أن العراق قد تعرض خلال العامين الماضيين إلى ازمتين كبيرتين، الأولى تتمثل في جائحة كورونا وتدهور أسعار النفط مما أديا حسب التبريرات الحكومية  إلى تخفيض سعر الدينار العراقي ازاء الدولار الامريكي كعلاج لتمويل النفقات الحكومية والاجتماعية ورواتب موظفي ومتقاعدي القطاع الحكومي، والثانية تتمثل في انخفاض انتاج القطاع الزراعي نتيجة شحة المياه وضعف السياسات الإروائية وقلة الامطار والجفاف، الأمر الذي أدى إلى تحول العراق إلى   سوق مستورد للمواد الغذائية من دول الجوار الاقليمي في نفس الوقت الذي كانت الإجراءات الحمائية الحكومية في أضعف حالاتها بالرغم من وجود التشريعات التي

تكاسلت الحكومة عن تطبيقها لغاية في نفس يعقوب، وكلا الازمتين أدتا إلى انخفاض في معدلات الانتاج المحلي الاجمالي في عام 2020 من 9 إلى 10 في المائة وتعرضه إلى ما أسماه الاقتصاديون (بالضربة الريعية المزدوجة) وانخفاض مؤشرات النمو إلى واحد في المائة وهو مستوى متباطئ قياسا بمعدل نمو السكان السنوي 2،6 في المائة وتداعياتهما على الرفاهية الاقتصادية وعدالة التوزيع.

إن السياسات المتهافتة للحكومات المتعاقبة قد أصابت العراق بما يسمى ب (المرض الهولندي) الناتج عن توقف الانتاج الاستثماري في القطاعات الانتاجية التنموية وخاصة قطاعي الزراعة والصناعة، وعدم الاستفادة من الفوائض النفطية في هذه القطاعات في نفس الوقت الذي يتعاظم الانفاق التشغيلي على حساب الانفاق الاستثماري التنموي، وكل ذلك انعكس على تفاقم نسبة الفقر في العراق فبرزت الفوارق الطبقية على أشدها مما يقتضي وبدون تردد الاتجاه إلى الاستفادة القصوى من هذه الفوائض ونقترح:

  1. تحريك الاستثمار الحكومي عبر الموازنة القادمة لاستغلال الموارد الطبيعية المتمثلة بالإضافة إلى النفط الفوسفات والكبريت والحجر الكلسي وغيرها، وتحويل عوائدها إلى عمليات تنموية مستدامة وبالتالي تنويع مصادر الدخل وتعزيز القدرة المالية للدولة وتحقيق العدالة بين المواطنين العراقيين.
  2. تدعيم قطاعي الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات عبر التخصيصات المالية الكافية في الموازنات السنوية وتنشيط التسهيلات الائتمانية لتمكين القطاع الخاص والمختلط والتعاوني لتكون مكملة للقطاع الحكومي.
  3. انشاء صناديق سيادية خاصة بالأجيال القادمة والاستثمار، وأخرى لتغطية الديون الحكومية الداخلية والخارجية وفق آليات تمويل بنسب محددة من الفوائض النفطية، والشروع بدعم كاف للمشاريع المتوقفة وفق أولويات تبدأ بالمشاريع ذات الإنجازية العالية وحسب أهميتها بهدف تحريك سوق العمل وتخفيض معلات البطالة وتوسيع قاعدة الانتاج لتغطية الطلب المحلي وتقييد الاستيراد المنفلت.
عرض مقالات: