اخر الاخبار

تشكل الخامات الفوسفاتية المطمورة في الصحراء الغربية مصدرا لصناعة الأسمدة الكيماوية التي تتوافر عناصر صناعتها في العراق، العامل الأبرز في تنشيط القطاعين الزراعي والصناعي ورفع انتاجيتهما في مجال الصناعات الغذائية من أجل إثراء سلة المواطن الغذائية وصولا إلى تحقيق الأمن الغذائي في بلادنا المهدد حاليا والكف عن التسابق في استيراد المحاصيل الزراعية من دول الجوار.

ومن الثابت أن العراق يأتي بالمرتبة الثانية عالميا من حيث احتياطي الفوسفات في الصحراء الغربية حيث يقدر بعشرة مليارات طن ويشكل 9 في المائة من الاحتياطي العالمي وحسب تقارير هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في عام 2011 تم العثور على كميات ضخمة من الفوسفات من “النوعية الجيدة” في غرب العراق.

  لقد أقدم العراق في نهاية سبعينات القرن الماضي على تطوير استثماراته في استغلال هذه الثروة الغنية فانشأ في عام 1978 المجمع الكيمياوي بعقد أولي مقداره مليار دولار لإنتاج الأسمدة الفوسفاتية ومنه معامل استخلاص الخامات والأسمدة المركبة كمنتج نهائي ويتم التجهيز من منجم عكاشات من خمسة مقالع رئيسية يقدر احتياطيها 700 مليون طن، إلا أن هذه المعامل متوقفة بالكامل بسبب الدمار والتخريب من قبل المجموعات الارهابية في عام 2014، وحاولت الحكومة  بعد هذا التاريخ إبرام اتفاق مع شركات جيكية وتركية لإعادة تأهيل هذه المعامل لكنها توقفت في نيسان عام 2020 عن تفعيل هذه العقود بسبب جائحة كورونا كما قيل وقتها.

إن أهمية هذه الثروة ومؤشراتها الاقتصادية المستقبلية تتجلى في العوائد المالية الكبيرة التي تعد من البدائل المهمة للثروة البترولية والتي يمكن ان تتحقق إذا ما جرى تكثيف الاستثمار في هذا القطاع من الصناعة، فوفقا للخبراء المتخصصين في هذا المجال فإن سعر الطن الواحد ارتفع من 60 دولار إلى 120 دولار، وبحسبة بسيطة فان 10 مليارات طن من مادة الفوسفات التي تمثل الاحتياطي وبسعر متوسط مقداره 140 دولار للطن فان العوائد المالية تصل إلى تريليون و400 مليار دولار، واذا ما حسبنا استخراج 100 مليون طن سنويا وبالسعر نفسه فان العائد السنوي يصل إلى 14 مليار دولار وبنسبة تصل إلى 12 بالمائة من ايرادات الموازنة السنوية، فضلا عن قيمته العالية في الصناعة والزراعة مع تصدير الفائض، وبالإضافة إلى ذلك فان سعر السماد لفوسفات ثنائي الامونيوم وهو من أكثر الفوسفات استخداما في العالم يصل سعر الطن من 325 دولار إلى 705 دولارات، أي ما يعادل أربعة اضعاف سعر طن الفوسفات الخام،  وبهدف بعيد المدى تحويل الصحراء الخالية من الحياة إلى منطقة مأهولة بالسكان والحركة البشرية وإلى منطقة صناعية زراعية ومورد اقتصادي استراتيجي واعد يعدد المصادر المالية لخزينة الدولة .

  مما تقدم تتبين الأهمية القصوى لإيلاء هذه الثروة التي لو حصلت لتوافرت للعراق موارد مالية عظيمة، لكن هذ المشروع الاستراتيجي يتطلب الحزم في الإقدام على خطوات جريئة نلخصها بالتالي:

  1. التخطيط الجدي لإعادة معمل القائم لإنتاج الأسمدة الزراعية الذي يشكل أكبر معمل كيميائي في العراق والشرق الاوسط حيث سينتج 400 ألف طن سنويا وبعائد سنوي مقداره 282 مليون دولار قابل للزيادة حسب الطلب العالمي السنوي، ومن المتوقع أن يكون إجمالي الدخل السنوي من هذا النشاط أكثر من 400 مليون دولار إذا ما أضيف إلى مواده الأولية حامض الفوسفوريك ومنتجات تعدينية اخرى.
  2. من الضروري أن تتولى وزارة الصناعة والمعادن الاستثمار في قطاع الصناعة الفوسفاتية بعد الانتهاء من العوائق الدولية توخيا لتعظيم الموارد المالية من العملة الصعبة، أو أن تدخل في الاستثمار مع شركات عالمية متخصصة بما لا تقل نسبة مساهمتها عن 51 في المائة.
  3. تطوير خطوط سكك الحديد بين العراق وتركيا وصولا إلى اوروبا وتصدير الفائض من مادة الفوسفات كمادة خام أو معالجة صناعيا وتصديرها إلى الأسواق العالمية عن طريق النقل بالقطارات.
عرض مقالات: