اخر الاخبار

يتابع العراقيون باهتمام بالغ مشوب بالحذر الارتفاع المتنامي في أسعار البترول الذي يكاد يكون المصدر الوحيد في ايرادات الموازنات السنوية والذي يشكل أكثر من 60 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي على أن يكون بوابة أمل في رفع المستوى المعيشي للمواطنين العراقيين الآخذ في الانحدار سنة بعد أخرى بما يحقق لهم الأمن الغذائي وتغطية كافة متطلبات الحياة الاساسية.

إن الإشكالية التي يواجهها العراقيون في حياتهم اليومية صعوبة الحصول على شروط الحياة المعيشية وفي مقدمتها بضائع الاستهلاك اليومي الكفيلة بإدامة حياتهم وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تضاعفت بشل خطير وبنسب تزيد عن نسبة انخفاض قيمة الدينار العراقي وهو الخطوة الأبلغ ضررا اقدمت عليها الحكومة العراقية وبررت ذلك في حينه بتوفير الكتلة النقدية الضامنة لتسديد رواتب الموظفين ودعم النمو الاقتصادي عبر تنشيط حوافز المنافسة في قطاع الانتاج.

ومهما كانت التطمينات الحكومية بشأن تداعيات خفض قيمة العملة بذريعة عدم تأثيرها السلبي على الطبقات التي تعتمد على استهلاك السلع المحلية إلا أن أحدا لم يقتنع بهذه الحجج لأن الطبقات المعدمة وحتى متوسطة الدخل كانت غارقة في أسوأ ازمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود.

إن ارتفاع  الاسعار غطى في شموليته ليس فقط قطاع الاستهلاك اليومي وانما شمل  قطاع الخدمات وقطاع السكن وقطاع الادوية وقطاع الاستيراد، فعلى سبيل المثال أن وزارة التخطيط قد اشارت  إلى ارتفاع التضخم بنسبة 8،5 في المائة،  كما ذكرت مصادر أخرى أن هذه النسبة قد ارتفعت في العديد من المحافظات، فعلى سبيل المثال ان{مؤسسة عراق المستقبل} وهي منظمة اقتصادية غير ربحية قد اوضحت في بيانات إحصائية أن مدينة بغداد احتلت النسبة الأكبر في ارتفاع التضخم اذ بلغت نسبة تضخم الأسعار فيها  25 بالمائة مقارنة مع أسعار سنة القياس وهي سنة 2012 تليها محافظة المثنى التي بلغ نسبة التضخم فيها 16        بالمائة ثم محافظتا كركوك والانبار بنسبة تضخم بلغت  15.3 بالمائة”. وأشارت إلى “ارتفاع أسعار خدمات الماء والكهرباء في العاصمة بغداد بنسبة 80 بالمائة بينما ارتفعت اسعار الخدمات الطبية والصحية بمقدار 65 بالمائة أما خدمات التعليم فارتفعت بمقدار 72 بالمائة وارتفعت أسعار الإيجارات في محافظة بغداد بنسبة       26.5 بالمائة.

ومن جهة ثانية فعلى صعيد الخدمات الطبية فإنها اخذت تتضاءل بشكل حاد في المستشفيات الحكومية التي اعتاد المواطن العراقي ولعقود من الزمن وفي مختلف المراحل على نيل هذه الخدمات بالمجان لكنه صدم منذ سنوات بضآلة هذه الخدمات وتحولها من خدمة إلى سلعة مما اضطر وهو يكابد اوجاعه لمراجعة المستشفيات الخاصة التي على الرغم من توفر الاجهزة فيها إلا أن أجور خدماتها تضطره إلى بيع ممتلكاته رضوخا لسلطانها.

ولمنع المزيد من التداعيات الاجتماعية الخطيرة فان الحكومة مطالبة بمراجعة السياسات السعرية المتبعة، من منطلق تحقيق العدالة الاجتماعية، واتخاذ التدابير الضرورية للحد من مخاطرها ونرى في هذه المجال اتباع اجراءات عاجلة ونذكر منها:

  1. اتخاذ اجراءات حاسمة وتقديم الدعم لتمكين قطاعات الانتاج الحقيقي في تنشيط حركتها عبر الموازنات السنوية وما يطمئن المستثمرين المحليين والأجانب لتنشيط دور هذه القطاعات بهدف توفير السلع الاساسية التي يحتاجها المواطنون وتقليل استيراد البضائع المماثلة.
  2. استخدام الادوات الضرورية لغرض السيطرة على الأسعار عبر تدخل الدولة لضبط حركة الاسعار والحد من غلوائها وتحسين الخدمات الحكومية خاصة في مجال الصحة والتعليم سيما التعليم الاهلي بكل مراحله الذي قطع اللجام وانطلق على هواه.
  3. وضع استراتيجية مركزية للرقابة التجارية وتفعيل دور وزارة التجارة في هذا المجال، يتسم بالشمولية والوضوح والعمل الجاد على بناء جهاز رقابي كفوء يمتلك كافة ادوات الرقابة من أجل توفير التقارير الضرورية الشهرية والسنوية التي توفر البيانات الدقيقة عن هيكلية الاسعار ومستوياتها، للدوائر المعنية بوضع السياسات السعرية وحركة الاسعار في السوق لتحقيق الاستقرار.
عرض مقالات: