اخر الاخبار

قد تضطر الدول للجوء إلى الاقتراض الخارجي في ظروف معينة كخروجها من الحروب والازمات الناتجة عنها أو ضعف الموارد المالية أو قلتها وربما أخيرها وليس آخرها سوء الإدارات الاقتصادية والسياسات المرتبطة سواء كانت المالية أو النقدية او الإدارية ولكن لا يمكن فهم لجوئها إلى الاقتراض رغم ما لديها من وفرة من الموارد الاقتصادية والمالية، ومع ذلك تلجا إلى مثل هذه القروض لسد العجوزات الافتراضية في الموازنات السنوية كما يحصل في بلادنا مع ادراكها لحجم تكاليف مثل هذه القروض وتداعياتها.

واذا أخذنا بعين الاعتبار تصريحات د. مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة فإن إجمالي الدين الداخلي والخارجي يبلغ 79 مليار دولار ما يشكل 45 في المائة من حجم الانتاج المحلي الاجمالي البالغ 178 مليار دولار في عام 2021 مقسما على 29 مليار دولار دين خارجي و50 مليار دين داخلي، وكان  متفائلا في عرضه لهذه البيانات مقاسة بمعايير النطاق الآمن لمعايير الاتحاد الاوربي في الاستقرار والنمو في ظل تزايد عائدات النفط، لكن هذا التفاؤل يصدم بتدابير غير مفهومة في السياسات المالية التي تعكسها الموازنات السنوية التي تقدمها الحكومة بشان اللجوء إلى الاقتراض الخارجي لتغطية  النفقات العامة المبالغ فيه بشكل مقصود بسبب عدم القدرة على إدارة الموارد المادية من مصادر متاحة وطنيا .

إن مخاطر هذه الديون على خزينة الدولة وامتدادها على الاقتصاد الوطني تتجلى في العديد من الجوانب،  لعل اخطرها اقترابها من الخطوط الحمر لبلوغها 55 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي  هذا أولا، وثانيا خطر توظيفها في تغطية النفقات  في الموازنات السنوية  وتوجيهها  للأغراض الاستهلاكية التي ترتفع عاما بعد عام  وكل هذه النفقات لا تؤدي إلى توسع في الطاقات الانتاجية وبالتالي لا تؤدي إلى  خلق فائض في الميزان التجاري عن طريق زيادة في الصادرات وتوفير العملة الصعبة التي تدخل في التنمية الاقتصادية وخدمة أعباء الدين الخارجي  مما يترتب عليها تقليص النفقات المتعلقة بحاجة المواطنين الضرورية في العيش  والتعليم والصحة والعمل والخدمات اليومية الاخرى.

وتتجلى مخاطر الديون أيضا على زيادة معدلات التضخم بسبب الضغوط على الدولة من قبل الأطراف الدائنة مما تضعف من قدرتها التنافسية لصادراتها واضعاف الانتاج المحلي الاجمالي وبالتالي الأموال الموجهة إلى الادخار وانعكاسها على حجم الاستثمارات وفي ذات الوقت تؤدي إلى غلق العديد من مؤسسات القطاع العام الانتاجية الأمر الذي يرتب عليها إعادة جدولة الديون ومضاعفة خدماتها واللجوء إلى ما أسمته بالإصلاحات الاقتصادية التي تنعكس سلبا على الاوضاع المعيشية للطبقة الفقيرة.

إن كافة التسويات مع المؤسسات الملية الدولية بإجابياتها وتسهيلاتها لم تأت لوجه الله بل انها جاءت مقرونة باشتراطات والتزامات قاسية ومن ضمنها قروض صندوق النقد الدولي التي تعبر عن فرض وصاية على السياسة الاقتصادية والمالية العراقية في إلزام العراق بالسير على نهج اقتصاد السوق الحر وإلغاء الدعم الحكومي للأسعار وتخفيض النفقات على الخدمات والالتزام بنظام التجارة الحرة   وتخفيض تخصيصات البطاقة التموينية من 6 تريليون دينار إلى 3 تريليون مع الاستمرار في التخفيض.

 مما تقدم نرى ما يلي:

1.التركيز على اساليب التخطيط العلمي واعتماد الاستراتيجيات التنموية في قطاع الانتاج الحقيقي والاتجاه إلى مصادر تمويل أخرى وشن الحرب على الفساد ومعالجة نتائجه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال عقد اجتماعي جديد مع القوى الشعبية المنتجة وتدشين مرحلة جديدة تستعاد فيها الأصول والأموال العراقية المنهوبة في الداخل والخارج.

  1. ربط مستويات الديون من خلال تحليل المؤشرات الاقتصادية إلى نسبة التصدير والاستيراد والناتج المحلي الاجمالي وربطها ببرنامج التدبير الاحتياطي عن طريق تخفيض الديون لتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي

3.العمل على رفع كفاءة القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية من خلال معالجة مشاكلها وزيادة مساهمتها في المؤشرات الكلية للاقتصاد

  1. توجيه القروض التي جرى الاتفاق عليها سابقا إلى الاستثمار المباشر في تنفيذ المشاريع المتوقفة.
عرض مقالات: