اخر الاخبار

تشكل عملية التنمية  الاقتصادية المتوازنة  أهمية كبيرة في الإصلاح الاقتصادي من خلال التخلص من الفوضى السائدة في النشاط الاقتصادي والتركيز على قطاع البترول  واعتماد سياسة الانفتاح  في السياسة الاستيرادية التي تسببت ليس فقط  في تردي العملية الإنتاجية  وإنما أيضا في عملية تحويل الإيرادات النفطية  من العملات الصعبة  إلى خارج العراق عبر سياسة استيرادية غير منظمة تسببت في تهريب العملات الصعبة عن طريق نافذة البنك المركزي والنشاط المشبوه لبعض المصارف المهيمنة على هذه النافذة تعود لأحزاب معروفة تمارس أسلوب المضاربات المالية  المدمرة.

فالسوق العراقية تتعرض إلى مخاطر قاتلة عبر استيراد احتياجاته من الدول الأجنبية تحت مسمى سياسة الإغراق وكنتيجة عملية لسياسة الاحتلال القائمة على مبدا الانفتاح المطلق ليس في حركة البضائع وانما في حركة رؤوس الأموال مما سهل لظاهرة هروب الأموال من السوق العراقية لاستثمارها في دول الجوار.  وبسبب من سياسية الاستيراد خسر العراق 180 مليار دولار  وتغطية 90 في المائة من حاجة السوق الأمر الذي أدى إلى منافسة قطع العنق للمنتج المحلي وآثاره المباشرة في تردي النشاط الصناعي والزراعي وشموله عموم قطاعات الاقتصاد الوطني بهذا لقدر او ذاك، فالقطاع الصناعي يتعرض لموت سريري بطيء ويشهد توقف آلاف المصانع والمعامل أمام أنظار الحكومات المتعاقبة التي تجاهلت عن قصد  واجباتها في إعادة الحياة لتلك المصانع  وهذا التجاهل شمل  أيضا القطاع الزراعي  الآيل للانحسار  نتيجة  ذات السياسة مما ترتب عليه خسائر كبيرة للمزارعين بسبب رخص أسعار السلع المستوردة وزيادة تكاليف الإنتاج المحلي بغياب الدعم الحكومي، لهذا فإن الانفتاح في سياسة الاستيراد أفضت ليس فقط إلى توقف الصناعة العراقية  وتدهور الزراعة وإنما إلى نسبة البطالة التي تزيد عن 16 في المائة.

ومن جهة أخرى أسهمت عملية ترسيخ الاقتصاد الريعي إلى وقوع الاقتصاد في فخ الاستيراد بسبب الوفرة المالية ،  فالصناعة التحويلية لم تشكل سوى 1،5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فيما يشكل القطاع الزراعي 5 في المائة منه وبينما تشكل التخصيصات الاستثمارية في صناعة النفط 35 في المائة من إجمالي التخصيصات الاستثمارية في الموازنات السنوية التي لا تزيد في أحسن الأحوال عن 25 في المائة من  إجمالي النفقات في  الموازنة  بينما لا تشكل التخصيصات الاستثمارية للصناعات التحويلية سوى 1،1 في المائة والزراعة 0،5 في المائة في المتوسط من إجمالي التخصيصات الاستثمارية  .

إن المشكلة  ليس في مبدأ الاستيراد الخارجي خاصة عندما يتعلق الأمر باستيراد ما هو ضروري لتغطية حاجة عملية الإنتاج من السلع والأدوات غير المتوفرة في السوق العراقية بل تكمن في الاستيرادات المتعلقة بشكل واسع في سلع الاستهلاك التي من الممكن توفيرها محليا لا سيما وان تركيب الاقتصاد العراقي يعتمد على مورد اقتصادي واحد وهو الريع انفطي ويرتبط بهذا الخلل في مفصل آخر ضعف الاهتمام  بالتعرفة الكمركية  التي تشكل مصدرا مهما في تمويل الموازنات السنوية والتي تؤثر على معادلة التمويل، فلم يجري التطبيق الكامل لقانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 وتعديلاته كجزء من حالة الفشل التنموي الذي اتصفت به السياسات الاقتصادية والابتعاد الكلي عن قرارات بريمر سيئة الصيت. 

إن أي توجه لتحقيق تكامل فاعل بين سياسات الاستيراد والإنتاج لابد أن يبنى على منظومة متكاملة من الإجراءات نذكر منها:

  • العودة إلى الإجراءات التي كانت تعتمدها دائرة التحويل الخارجي السابقة في مجال ضبط قانونية إجازات الاستيراد وحساب القيم الحقيقية للسلع المستوردة والاقلاع كليا عن أية إجراءات تسمح بتهريب العملة وغسيل الأموال.
  • التطبيق الكامل لقانون التعرفة الكمركية رفم22 لسنة 2010 وتعديلاته وإجراء تعديلات إضافية بناء على الظروف التي افرزتها تجربة السنوات الماضية وزيادة التعرفة الكمركية على السلع التي يمكن انتاجها محليا وإعادة هيكلة توزيع نسب التعريفات المفروضة على المجاميع المستوردة.
  • مراجعة حجم التخصيصات المالية في الموازنات السنوية لتفعيل النشاط الاستثماري من خلال زيادة نسبة المخصص للاستثمار وتخفيض النفقات التشغيلية وتنقيتها من الإسراف والبذخ غير الضروريين.
عرض مقالات: