اخر الاخبار

يعد  العراق ، من  الدول  الاكثر تطرفا  في تفاقم معدلات النمو السكاني فخلال العقدين الأخيرين تضاعف عدد سكان العراق بمعدل نمو 2،6 بالمائة  سنويا حتى وصل عدد نفوس العراق 42 مليون نسمة حسب إحصاءات وزارة التخطيط  التخمينية، حيث انكفا العراق عن إجراء التعداد السكاني منذ عام 1997 ،وهذه الزيادة السكانية تسببت في الواقع بتعاظم دالة الاستهلاك والضغط على المواد الاستهلاكية المتاحة مع تردي  دالة  الإنتاج  المحلي وتزايد الضغوط التضخمية في الاقتصاد  وتوجه الحكومة  إلى مواجهة الطلب باللجوء إلى الاستيراد المنفلت، وهذا بالضبط ما ذهبت اليه الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 وما صاحبه من فساد وهدر العملة الصعبة .

   لطالما حذرَ خبراء اقتصاد عراقيون، من خطورة اعتماد السوق العراقية على الاستيراد بكميات مفرطة من الدول الأجنبية، مما ترتب على ذلك في السنوات الأخيرة من خسارة أكثر من 250 مليار دولار جرّاء تلك السياسة الاستيرادية الخاطئة، والتي أدت إلى تدمير الإنتاج الوطني الحقيقي؛ كونها منافساً قوياً لا يمكن مقاومته. فقد تدهورت الصناعة والزراعة وتردى الإنتاج في هذين القطاعين وانعكاساتهِ على الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً على الآثار العكسية على الشرائح الاجتماعية الفقيرة، واتساع الفوارق الطبقية بسبب غياب نظام توزيعي عادل للدخل.

    ومن الواضح أن السياسة الاستيرادية  التي تتبعها الحكومات العراقية في تأمين معظم احتياجاته من مختلف أنواع البضائع بما فيها السلع الاستهلاكية وبضمنها الغذائية سواء عبر البطاقة التموينية أو من خلال القطاع الخاص، مما يترتب عليه انخفاض في سعر صرف الدينار قياسا بالدولار بسبب رفع أسعار البضائع من قبل التجار بحجة ارتفاع المخاطر، كما يترتب على ذلك انخفاض مداخيل الأسر العراقية خاصة مع بقاء قيم رواتب الموظفين والمتقاعدين الاسمية على حالها يقابلها انخفاض قيمتها الحقيقية ومن ثم انخفاض كمية السلع والخدمات لهذه الشريحة  التي عجزت الدولة عن تعويضها،  وبالتالي انخفاض مستوى المعيشة للفئات  الشعبية الواسعة وارتفاع معدلات الفقر بعد ان فشلت الخطط الاستراتيجية الخاصة بالحد من نسب الفقر  التي وضعتها الدولة .

  ومهما كانت التطمينات الحكومية بشان تداعيات خفض قيمة العملة بذريعة عدم تأثيرها السلبي على الطبقات التي تعتمد على استهلاك السلع المحلية إلا أن أحدا لم يقتنع بهذه الحجج لان الطبقات المعدمة وحتى متوسطة الدخل كانت غارقة في أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود،  ثم أن ارتفاع  الأسعار غطت في شموليتها ليس فقط قطاع الاستهلاك اليومي وإنما شملت قطاع الخدمات وقطاع السكن وقطاع الأدوية وقطاع الاستيراد، فعلى سبيل المثال أن وزارة التخطيط قد أشارت  إلى ارتفاع التضخم بنسبة 8،5 في المائة،  كما ذكرت مصادر أخرى أن هذ النسب قد ارتفعت في العديد من المحافظات، فعلى سبيل المثال ان(مؤسسة عراق المستقبل) وهي منظمة اقتصادية غير ربحية قد أوضحت في بيانات إحصائية أن مدينة بغداد  احتلت النسبة الأكبر في ارتفاع التضخم اذ بلغت نسبة تضخم الأسعار فيها 25% مقارنة مع أسعار سنة القياس وهي سنة 2012 .

    ومن الملاحظ أن الحكومات السابقة بما فيها مؤشرات الحكومة الحالية تشير إلى أنها لم تستطع النهوض ليس فقط بمهمة إدارة الدولة بما فيه إدارة الاقتصاد، وانما ثبت عجزها عن تفعيل التشريعات واللوائح القانونية المتعلقة بحماية المنتج الوطني وقوانين حماية المستهلك ومنع الاحتكار وإبعاد السوق عن سياسة الإغراق وإعادة النظر بسياسة الانفتاح المنفلت على الأسواق العالمية وفقا لحاجات السوق بما يلبي مستوى الأداء وبنفس الوقت تفعيل قانون الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات الأساسية.

   واستنادا إلى ما تقدم فقد أصبح من اللازم على الحكومة والحالة هذه مراجعة سياساتها في قطاعات الانتاج والاستهلاك عبر تفعيل دور القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومبادئ الشراكة بينهما بالإضافة إلى مراجعة جادة وحاكمة للسياسة التجارية بما تحد من الانفتاح المنفلت لمصلحة التنمية الاقتصادية وتنويع قطاعات الإنتاج وتحسين مفردات البطاقة التموينية والسياسات المتعلقة برفع قيمة الدينار العراقي إزاء العملات الأجنبية توطئة لتحسين القوة الشرائية للمواطن.

عرض مقالات: