اخر الاخبار

الدمية

بين الأنقاض، التي خلفتها المدفعية والصواريخ والطائرات، جثة طفلة لم تكمل الرابعة من عمرها بعد، وجنتاها الشاحبتان معفرتان بالشظايا والغبار، وكذلك ثيابها الرثة، تضمّ إلى صدرها دمية من خرق، تحميها من أدوات الموت.

الندى والنار

انتظرت الأزهار المثقلة بالرحيق وندى الفجر، أن تأتيها مع النهار الفراشات واسراب النحل، لترشف منها الرحيق وقطرات الندى، لكن بدل الفراشات واسراب النحل، انهمر عليها الرصاص والنار، وأحرقها صوت الطفلة “ ندى “ تصيح مستنجدة: ماما..

ديك هذا الفجر

نهض الديك فجراً، من بين الأنقاض، التي خلفتها المدفعية والصواريخ والطائرات طوال ساعات الليل، ووقف كعادته على مكان مرتفع، وصاح بأعلى صوته: كوكو ريكو..

لكن أحداً لم يستيقظ.

الزيارة 

بعد أن سكتت المدفعية والصواريخ والطائرات، ورقدت بيوت المدينة القديمة أنقاضاً، جنباً إلى جنب، حمل الشيخ عصاه، وتسلل من الساحل الأيسر إلى الساحل الأيمن، متوكئاً على شيخوخته، وقد قال لزوجته العجوز: سأزور بيتنا.

وزار بيتهم القديم، رغم أن زوجته العجوز قالت له: لا تذهب، المدينة كلها مهدمة.

نعم، المدينة كلها مهدمة، وتوقف قرب أنقاض البيت القديم، ودمعت عيناه الشائختان، حين رأى من بين الأنقاض، زهرة بيبون صغيرة، تتمايل مع الريح، ونحلة صغيرة ترفرف حولها، لترشف منها الرحيق. 

امرأة بباب الخيمة

جذبتني تلك الخيمة، لا أدري لماذا، ربما لأني رأيتُ، على ضوء القمر، امرأة نحيلة عجوز، تقف تحت نخلة أمام تلك الخيمة.

أسرعتُ إليها، وما إن رأتني، حتى هتفت بي: تأخرت، يا بنيّ، ادخل الخيمة، إنهم ينتظرونك.

دخلتُ الخيمة، رأيت زوجتي وأولادي حول النار، نظروا إليّ، فقلتُ لزوجتي: الجو بارد، وأمي تقف بباب الخيمة.

وقاطعتني زوجتي متسائلة: أمكَ !

وخرجتُ من الخيمة، لأدخل أمي، لكني لم أرها، ولحقت بي زوجتي، فقلتُ لها: كانت هنا.

فأخذت زوجتي بيدي، وقادتني إلى الداخل، وهي تقول: أمك، كما تعرف، ماتت منذ سنوات.

الدفاع عن..

يا للويل، قال لي خطيبي اليوم: إنهم سيأخذوننا قريباً إلى الحرب.

قلتُ له: لماذا ؟

فقال: دفاعاً عن الوطن، هذا ما قالوه لنا.

قلتُ: وأنا، من سيدافع عن فرحي ؟

ولاذ بالصمت، فقلتُ كأنما أحدث تفسي: يقولون، إن من يذهب إلى هذه الحرب قلما يعود.

وأخذوا خطيبي إلى الحرب، وسرعان ما عادوا به، وجاءوا لي بالليل، وكفنوني به.

عرض مقالات: