اخر الاخبار

يا شعوبَ الأرضِ، لا تَخافوا... جِئناكُم مُسالِمين.. ولِمَ لا؟ نَحنُ أبناءُ عُمومَتِكُم؛ لقد كنَّا هُنا مِن قَبل.

سَتتعرَّفون عَلينا عِندما نلتقي بعدَ ساعاتٍ قَليلةٍ مِن الآن. نحنُ نَقتربُ مِن المَنظومةِ الشَّمسيَّةِ بسرعةٍ تُعادلُ سرعةَ وصولِ الرسالةِ الروديويةِ هذه.. نَعم شَمسُكُم تُهيمِنُ على السَّماءِ أمامَنا. إنَّها السَّماءُ التي تَشاركَ بِها أسلافُنا معَ أسلافِكم منذ عشرةَ ملايين عاماً... نَحنُ مخلوقاتٌ بَشرية كَما أنتُم؛ لكنَّكم نَسيتُم تاريخَكم بينما نَحنٌ على تذكُّرٍ دائمٍ معَ تاريخنا.

لقد استعمرنا الأرضَ، في عَهدِ الزَّواحِف الكبيرةِ، التي كانَت تَموت عندما جئنا ولم نَستطعْ انقاذَها. كانَ عالمُكم كَوكباً استوائياً آنذاك. راوَدنا شعورُ أنْ سَيكونَ مَكاناً مِثالياً لشعبِنا؛ لكنَّنا كنّا مُخطئين. ورُغمَ أنَّنا كنَّا أسيادَ الفضاءِ إلاّ أنَنا لم نكُن نَعرف سوى القليلِ عَن المناخِ، والتطوَّر، وعِلمِ الوراثةِ.

ولِملايينِ الأصيافِ- لم تكُن هُناكَ شتاءاتٍ في تِلكَ الأيامِ– ازدهرَت المُستعمَرَة. ورُغمَ أنَّها كانت مُنعزِلةً في كَونٍ تَستغرقُ الرِّحلةُ فيه مِن كَوكبٍ إلى آخرَ سَنوات فقد استمرَّت على تواصلٍ بالحضارةِ الأم.. استمرَّت سُفنُ الفَضاءِ تتواصل وتَنقُل أخبارَ المَجرَّةِ ثلاثَ أو أربعَ مراتٍ في كلِّ قِرنٍ.

غيرَ أنَّ الأرضَ شَرعَت تَتغيَّر مُنذَ مِليوني عام. كانت على توالي العِصورِ جنَّةً استوائيةً مُعتدلةً، ما لبِثَت دَرجاتُ الحَرارةِ إنْ انخفَضت، وصارَ الجَّليدُ يَتسلَّل مِن القطبين... ومثلما تَغيّر المناخُ تغيَّرَ المُستعمرون أيضاً. نُدركُ الآنَ إنّه كانَ تكيَّفاً طَبيعياً مَع نهايةِ الصَّيفِ الطَّويل؛ لكنْ اولئكَ الذين  جَعلوا مِن الأرضِ وطنَهم لأجيالٍ عَديدةٍ اعتقدوا أنَّهم تَعرَضوا لهجومٍ مِن قِبلِ مَرضٍ غَريبٍ وبَغيضٍ. مَرضٌ لا يؤدِّي الى الموتِ، ولا يُصيبُ بأيِّ أذىً جَسدي ، بَلْ يَتسبب بتَشويهِ ليسَ إلا.

بعضٌ مِن الناسِ كانوا يَتمتعونَ بحَصانةٍ؛ انتقلَت إلى ابنائِهم كذلك... وهكذا؛ في غُضونِ بُضعةِ آلافٍ من السنين انقسمَت المُستعمَرَة إلى مجموعتين مُنفصلتين- نوعين مُنفصِلين تقريباً– حَسودتين ومًشكِّكَتين ببعضِهما.

التقسيمُ أحدثَ الخلافَ والتحاسدَ، ومِن ثمَ الصِّراع... وبتفكَّك المُستعمَرة وسوءِ المَناخ بشَكلٍ متواصلٍ انسحبَ من الأرض اولئكَ الذين كانَت لهُم امكانية العيش فيها. أمَّا الذين بقوا فقد غرِقوا في البَربريّة.

كانَ يُمكن أنْ نُحافظَ على تواصلِنا، لكنْ كانَ هنالك الكثيرُ مِن المَهامِ القيام بها  في كَونٍ يضُمُّ مئات التريليونات مِن الكواكِب. حتى أعوامٍ قليلة لم نكُن نَعلم أنَّ مِنكم مَن نَجا وبقي على قيدِ الحياة. ويوم التقطنا اشاراتِكم الروديوية الخاصَّة بكم، وتعلَّمنا لغاتكم البسيطةَ، اكتشفنا أنَّكُم ارتَقيتُم بَعيداً عَن الوحشية... الآن نتوجَّه اليكم يا أقاربَنا التائهين مِنذُ زمنٍ طَويلٍ بغيةَ مساعدتِكم.

لقد اكتشفنا الكثيرَ عبرَ الدهورِ والأزمنةِ المتُعاقبةِ مُنذُ تَخلَّينا عَن الأرض. فإنْ كُنتم ترغبونَ في اعادةِ الصَّيفِ الأبدي الذي كانَ مُتحكِّماً قبلَ العصورِ الجليديةِ فلدينا القِدرةُ على فِعلِ ذلك. بلْ علاوةً على كلِّ هذا لدينا أيضاً علاجٌ بسيطٌ للطاعونِ الجيني  الهجومي غير الضَّار الذي أُبتليَ به الكثيرُ مِن المُستعمِرين.

ربّما يكون قد بَدأ مفعولُه؛ واذا لم يكُن كذلك فنَحنُ نملكُ أخباراً جيدةً لكم.

يا سكَّانَ الأرض، يُمكنُكم الانضمامَ إلى المجتمعِ الكَوني بلا خَجلٍ، وبلا احراجٍ.

إنْ كانَ أيٌّ منكم لا يزال أبيضَ، فنحنُ على استعدادٍ لمعالجتِه وشفائِه.

عرض مقالات: