اخر الاخبار

كتاب جديد للأستاذ باحث الاجتماع أحمد الناجي يضم مجموعة من المقالات الأدبية والاجتماعية، وأهم المقالات هي الحوار مع كاتب تغيب الإشارة له. وتتضح مقالته في كشوف الكاتب الذي تكتم طويلاً، ولسبب غير معروف وهذا أمر مثير للاستغراب مع الرغم من أن الأستاذ الناجي قدم معلومات داعمة لما كتب عن هيغل وكرس وجهة نظره، لكنه قال عن الذي كتب «المتقول» والذي قال كلاماً مثيراً للسخرية، لأنه تجاهل تماماً تاريخ الحلة وابتداء لحظتها المعروفة والمبكرة جداً عن غيرها من المدن. لكن الناجي أطلق اتهاماً جريئاً وقوياً، لأنه+ تزود بما امتلك من معلومات جوهرية سأحاول التذكير بها وهي من مخزونات العقل الاجتماعي البارز للناجي وهل يصر المتقول على سد أذانه بأصابعه في وجه الحقائق؟ تلك الحقائق الدامغة التي تفيد أن كتاب (هيغل والحلة) الرصين إضافة معتبرة للمكتبة العراقية.

اضحت مقالة المتقول منذ بدايتها غير عارفة بالذي قاله الدكتور حسين الهنداوي وأيضا الناجي وواضح السقوط بالغفلة الثقافية وتجاهل الحقائق التي انطوى عليها كلام الناجي الذي لم يشر الى علاقة هيغل بالآثار، لكن لا أحد بإمكانه أن يتجاهل فلسفة هيغل عن التاريخ في كتابين مهمين جداً ليس صعباً على المتلقي الحلي أن يتوصل الى ما ذهب اليه «المتقول» مثلما كان سهلاً الاهتداء الى ما كانت عليه هذه المدينة المتميزة والأكثر حضوراً وامتداداً حضارياً بالإضافة الى أهمية ما تتمتع به من أصول وجذور ثقافية وعلمية لم تعرفها بقية المدن الأخرى.

الحلة لها تاريخ حافل ومعروف ولا ضرورة للتذكير به، فهو محفوظ ومتداول وسيظل حاضراً ومستجيباً لسيرورة وهي ذات ذاكرة كبيرة ومتنوعة حفظتها الموسوعات الثقافية والمدونات الأدبية، وأعتقد أن ما يكفي الحلة من مجد وفخار ما قاله الدكتور مصطفى جواد: «مدينة الحلة المباركة كأحد العوامل السبعة التي استدامت حركة الأدب العراقي العربي»، ومن غيب ذاكرته وشوش عليه أرجوه أن يطلع على البابليات/ شعراء الحلة/ ديوان الشعر العربي ج4 للشاعر أدونيس. وقال العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء: «عندما دخلت الحلة سايره الشعر أنى سار، وحل معه أينما حل، ولا اختص بالشعر فيها عالم عن جاهل ولا امتاز به متعلم عن أمي، جرى الشعر فيها على كل لسان»، والضرورة المهمة لابد من الإشارة الى ما يميزها من حضور وسيادة القضاء، وهيبة المدنية والعمران كما قال ابن خلدون. ولعل استعادة الدرة القيمية للدكتور علي جواد الطاهر يضع حداً لخرافة الذي «قال» ولم يكن صاحياً أو مطلعاً على مدونات التاريخ الغفيرة.

تاريخ هذه المدينة العريقة تختزنه الذاكرة الجمعية وتفتخر به. ويعلو صوت الطاهر بعبارة صريحة مفاخراً: «أنا من موئل الجذور». ويضيف قائلاً: «الحلة تُغني أبناءها عن الشعور بالنقص وعن الغرور، ومن هنا تسير حياتهم طبيعة دون شرخ أو شق، هكذا رأيت في الأقل، لقد انتقلت الى بغداد ومن بغداد الى القاهرة الى باريس.. فما شعرت بأني دون ما رأيت».

وأحتفى أدباء كثر بكتاب (هيغل والحلة)، وما يزال مثيراً للعناية والاهتمام به، وعلى الرغم من كوني أحد المحتفين به، وجدت ما قاله الذي تقول به لخبطة ومشوش بالسواد ويبدو بأن الذاكرة لا تحفظ ما تعرفه، ولذا اضطر لإعلان مرويات الكراهية ضد الحلة التي تزدحم الكتب بحضورها.

وما أريد أن أذهب اليه وأضع الذي شتم كثيراً وأقول بأنه لم يستطع قراءة ما قاله الدكتور حسين الهنداوي والباحث أحمد الناجي وأعني به ذكاء المفكر هيغل الذي قال ما يتفق حوله الكثير، ولأن هيغل فيلسوف مثالي أدرك بأن هذه المدينة امتداد موضوعي لإمبراطورية لها روح وقلب في بابل وهي لا تبعد أكثر من خمسة كم وحتماً لا تعوق هذه المسافة تغذية الحلة بطابوق بابل وعناصرها الحضارية التي لم تعرفها مدينة من قبل. ومن الدلائل الماثلة الى الآن وجود كثير من البيوت استفادت من طابوق بابل وشيدت مساكنها به. وهذا أحد الدلائل الكبرى المعبرة عن ديمومة روح بابل. وهذا ما يعنيه كتاب الناجي وما حصل من تبادل بين بابل والحلة حقيقة عرفها كثير من كتاب التاريخ. وأظن بأن عنوان مقالتي تنطوي على ما ذكرت وما فاضت به من اشارات تكفي.

عرض مقالات: