اخر الاخبار

القمر

أفاقت الجدة العجوز، في غرفتها الصغيرة المتصدعة، وكانت كلّ ما تبقى لها من البيت، الذي دمرته الحرب، وفتحت عينيها المتعبتين، وإذا القمر يطل عليها من شق في أحد جدران الغرفة.

وتذكرت حفيدتها، التي تعيش الآن مع أمها وأبيها في أحد المخيمات، وابتسمت وعيناها تبتلان بالدموع، وخيل لها أن حفيدتها الصغيرة تنظر الآن إلى هذا القمر، ومن يدري، لعلها تتذكرها الآن، فقد كانت تحبها كثيراً، ربما أكثر من حبها لأمها ـ ابنتها.

الليل

عندما فتح عينيه، نظرت إليه أمه، وقالت له : بنيّ، ابقَ نائماً.

فتطلع إلى السماء، عبر النافذة الصغيرة، وقال محتجاً : لكن الشمس أشرقت في السماء، يا أمي.

فردتْ عليه أمه قائلة : الشمس أشرقت في السماء فقط، وغابت عن مدينتنا، التي خيم عليها الل

قطعة جبن

من حصته، أخذ أحمد كسرة خبز، وقطعة من الجبن، وتسلل بين الأنقاض، ورشاشته في يده،  ودخل بيتها الذي هدمه صاروخ.

كانت متمددة، هيكل عظمي تلفه أسمال متربة، ونظر إلى عينيها، اللتين تشبهان عيني جدته، وقال لها : أيتها الجدة، خذي، جئتكِ ببعض الطعام.

ونظرت بعينيها الغائمتين، إلى رشاشته، وملابسه السوداء، ولحيته الكثة، وقالت بصوت واهن : أنتم.. قتلتم.. زوجي العجوز.

وانحنى عليها، وقال : أنتِ جائعة، يا جدتي، خذي الطعام، وكلي.

وأشاحت عنه بعينيها الغائمتين، وقالت بصوتها الواهن : لن آكل، والآخرون جياع.

الجنة 

كادت الأم أن تغفو، رغم الجوع والظلام والبرد الشديد، عندما سمعت طفلتها الصغيرة تتمتم بصوت واهن : ماما..

وضمت الأم طفلتها إلى صدرها، وهي تشعر بجسدها الصغير الجاف، تتسرب منه حرارته، وردت عليها قائلة : نعم حبيبتي.

ونظرت الطفلة إلى أمها، بعينين تكادان تنطفئان، وقالت متسائلة : هل في الجنة خبز ؟

وغرق قلب الأم بالدموع، وهزت رأسها، وقالت : نعم حبيبتي، الخبز هناك كثير جداً.

وأغلقت الطفلة عينيها، وهي تتمتم بصوت منطفىء : فلأذهب إلى الجنة إذن، يا ماما.

عرض مقالات: