اخر الاخبار

قدمت نقابة الفنانين فرع بابل / الشعبة المسرحية بمناسبة يوم المسرح العالمي مسرحية “الناعورسات”، وقدم الفنان ثائر جبارة (المؤلف والمخرج والممثل) كلمة بالمناسبة تحولت استهلالاً للعرض المسرحي وذهب المؤلف الى تأكيد عرضه المسرحي عبر رسم ما يريده من أفكار ومفاهيم تزاول تحضير المتلقي لمتابعة العرض ، حتى صار الاستهلال اختزالاً ذكياً للعرض المسرحي كما قال : اذا كنت تقول .. تتعب .. ولا حياة لمن تنادي .. غلف نفسك في سلفان وابعثها هدية الى دول الجوار واكتب عليها غير صالحة للخدمة .

للاستهلال الخاص بالعرض حيوية بالغة الأهمية ، زاولت تحفيزاً وشداً لانتباه المتلقي ، وجعلت منه عقلاً يقظاً متحفزاً ، أكثر انتباهاً للاندماج بالعرض والتردد بحس نقدي ، جذب انتباهه بقوة وجعله منذ الدقائق الأولى مشاركاً بقوة وما ساعد بتكريس العلاقة الثنائية بين العرض والمتلقي الدور الذي نهض به الفنان ثائر جبارة مهيمناً بحضوره على خشبة العرض وهو يلعب دور الممثل بحضور قوي ، وهو يؤدي الدور الوحيد ، مما وفر له أن يحوز على لغة واقعية ذات طاقة نقدية حادة في أحيان كثيرة ، ولم تكتف بالصدمة ، بل تجاوزت ذلك وجعلت من المتلقي متوفزاً ومندغماً كلياً ، لأن الخطاب النقدي / الانتقادي الملاحق لوقائع يومية ، معروفة ، مألوفة عبر معايشة الافراد والجماعات ، لكل الخرابات وتفكك الثقافة والفن ، والدور الذي لعبته ناعورسات.

كان لعنونة العمل المسرحي تأثير بارز ، لأن الترميز الذي تحيل اليه العنونة ، احتضان واسع وعميق للعراقيين الذين عاشوا تاريخاً من الانهيار والخسارات الأكثر قوة بعد الاحتلال

ظل الافراد والجماعات مثل الناعور “ بس أترس وبدي “ يجد ويتعب ويينع الارض بجهوده الخلاقة ويغادر ايامه مفلساً ، لا شيء لديه غير ما تختزنه الذاكرة . و”الناعورسات” رمز معروف ثنائي الدلالة ، واقعته اليومية ، الوظيفة المباشرة مع الأرض والأعمق ما يتسع عنه عندما ارتسمت على المسرح سينوغرافيا العرض وهو قمر صناعي ، حاز شكل الناعور وهو يمثل نوعاً صعباً ومعقداً ومجهزاً بما يساعده على الحركة والدوران ، وكأنه يؤدي وظيفة الامتداد لمديات تم استهلاك الطاقة التي تمتعت بها ، لكنه كان شاهداً على الخراب الأكبر ، التفريط بغور عبد الله واقتطاع أجزاء من البلد من قبل دول الجوار . فالمدار يسرق ، هو أيضاً ، له أذرع خاضعة للدوران تسطو وتدمر وتتساقط ضمن سرديات الدمار ، الذي ألحقه ناعورسات على الوطن ولا أحد احتج على المدارات التي هي في أجوائكم لأقمار كثيرة تتجسس عليكم ، وبدأت تصدر ما يسيء لكم . ويرتفع صوت الفرد الدال الرمزي ، الذي يمثل صوت الجماعات الحالمة بأيام مختلفة ومغايرة ، تأخذ الأفراد والجماعات نحو حياة مغايرة ، تقدم مدارات جديدة ، تنطوي على ثقافة حقيقية وفنون تؤهل الفرد والجماعات ، تمنح لهم جماليات وتؤهل أذواقهم ، لتجعل منها فاعليات حياتية وليست انهيارات وانكسارات . حتى تحول الكون أكوام من نفايات “الناعورسات” وفضلات لأجسام تعيش في الأعماق السحيقة .

اتسع الدور الذي قدمه الفنان ثائر جبارة ليتحول راوياً بالنيابة عن “ناعورسات” عندما قال : “ أوجه ندائي لكم ، تقول كل حساباتي أنكم ترفعون الأكف بالدعاء الى ربكم الأعلى تطلبون الصلاة والتسبيح . ولكن الصور التي التقطتها تقول العكس .. الأيدي التي تدعو تحمل سكين وتذبح بصوت عالٍ الله أكبر ، تدعون بالحور العين في الجنة ونسائكم لبسن السواد وصار الترمل هويتهن .. في كل تفجير تشل حركتي لأني لا أستطيع أن أرسل صور الدمار ، أستحي أن أصورها وأجدكم تفاخرون بإرسالها الى الأطفال وكبار السن وكأنكم تتخذون بقطع اللحم المشوي من اجسادكم .

واضح ، الواقعة كبرى ، سجلت تنوعات الانهيار ومشاركة أفراد وجماعات دخلت فضاء التجريد . لكن العلاقة الثنائية تمنح المتلقي للذهاب نحو الذين ساهموا بخرابات العرض عبر المشاركة بالمؤسسات المعروفة وصار كل منهم يعرف بأنه مساهم بالفساد . والمثير في مسرحية ناعورسات أن أذرعته المضاءة تتساقط ، وكأنها نتيجة عمليات اغتيال وتساقط الأذرع تمثيل عن الصراع بين الأقمار الكبرى وهي تطارد الأقمار الأصغر ، وتلاحقها لتعطلها أو تضعفها وتحتل أمكنتها . أقمار اكبر تلعب لعبتها وتقتل الميت وتسير بجنازته ، لكني سأسير أسرع ، لا أريد أن أموت كقطع محترقة تسقط هنا وهناك // أغيثوني “ يمسك ذراعاً ذراع اول الكل نائم . ذراع ثان ، مع من تتكلم ، ذراع ثالث تعبت من ارسال صور الإباحة ، ذراع أول فضائيات تضع الحروب . ذراع ثان ، يا رب اعلانات تكبير وتصغير وتأخير . الملفت أنه مع كل اعلان أو دعاية آيات قرآنية .

عرض مقالات: