اخر الاخبار

الثقافـة، في جوهرها، فِعلُ حرية. فعلٌ يُحرِّرُ. يُطْلِقُ سـراحَ لغـات الآداب والفنون والأفكار من أسرِها. يجعلُها تنطِقُ بألسـنتِها الخاصة، تُسْـمَعُ وتُرى، وتصل إلى الناس. تستَفِز عقولَهم وتثير فضُولَهم لمعرفة أنفسـهم وحياتهم، ووعي الزمن الذي يحيَوْن فيه، وكيفَ يعيشونَهُ. وما دامَ الإبداع، بأشكالهِ المختلفة، فِعْلاً في الحرية ولها، فهو فِعْلٌ ديمقراطي، بالمعني الجوهري، الشاملِ لمفهوم (ديمقراطية) كذلك. وثقافة الإبداع ثقافة إحياء وتنوير. وهي بذرة الحياة الحية، تقاوم تعاساتها وموتها ساعية لإحيائها ثانية، لتجعلها حياة حقيقيةً تليق بالإنسان.

لقد سعى الشيوعيون العراقيون، في تقديري، ومنذ ظهورهم على مسرح الحياة السياسية والفكرية في العراق، إلى تُمَثُّلِ مفهوم ثقافة بهذه المعاني، وبمستويات متباينة، مُهتدين، في هذا المسعى، بالسؤال الكبير الذي شَغَل التنويريين العربَ، بدايةً، في مصر وبلاد الشام خاصة، وهو: (أيَّةَ ثقافةٍ نُريد؟).

ذات السؤال أنصرف إليه التنويريون العراقيون، ومنهم الإشتراكيون الآوائل، في عشرينات القرن الماضي. ففي السنوات 1924 ـ 1928 نشَرَت مجلتا (الحديث) و(الحرية) الصادرتان في بغداد آنذاك، سلسلة من مقالاتٍ تناولت موضوعةَ: (بأيَّـةِ حضارة نتثقَّف؟ الشرقية القديمة، أم الغربية الحديثة؟).

في هذه المقالات عَبَّرعـددٌ من كتاب تلك الفترة عن رفضهم لـما أسموه (التعاليم الشرقية القديمة)، فكتب (محمود أحمد السيد)، على سبيل المثال، مقالاً رأى فيه أنَّ هذه التعاليم العتيقة (خيالاتٌ وفلسفاتٌ ... أساسها الوهم ووساوس العقل الكليل)، داعياً في مقالة أخرى إلى اعتمادِ ثقافة العلوم والفنون الحديثة التي تُطَوِّرُ الحياة والإنسان. وبُغيةَ تحرير الثقافة والعقل من قيود الفكر التقليدي المحافظ وضَعَ ممثِّلو التنوير، في تلك المرحلة، المطالبةَ بحرية الصحافة والتفكير، والحريات الشخصية وتعليم المرأة، في مقدمة اهتماماتهم الفكرية والسياسية.

 سَـعْيُ الشيوعيين العراقيين لتَمَثُّلِ فكر التنوير وثقافته وجد له انعكاساً في مجلة (الثقافة الجديدة)، منذ  صدور عددها الأول عام 1953، وقد تَزَيَّنَ غلافها، منذ ذلك التاريخ وما يزال، بشعار (فكر علمي ... ثقافة تقدمية). ولكن ما كادت نُسَـخ هذا العـدد الألفان (وهو رقم لم يكن مألوفاً حينذاك) تنفد بعد أيام قليلة، حتى حَرَّرَ الرقيبُ أمرَ إغلاقها!. لم يكن بين المواد المنشورة ما يَستفزُ حفيظة حكام ذاك الزمان "الديمقراطيين!" ، أو يثير غضبَهم. هناك، على سبيل المثال، قصيدة (أطفالنا) لبدر شاكر السياب. وقصيدة (السجين المجهول) لعبد الوهاب البياتي، وأخرى للفرنسي لويس آراغون. وثمةَ مسرحية (العادلون) للفرنسي ألبير كامو، وقصة للكاتب الأمريكي بيرل باك، ومثلها للروسي انطون تشيخوف، وللعراقي شاكر خصباك. فضلاً عن مقالات وبحوث في شؤون الأدب ومدارسه الحديثة، وأزمة الفن المعاصر، ونظرية القانون، والبيروقراطية والدولة، كتبها عدد من أبرز الباحثين وعلماء الإقتصاد والقانون في تلك الفترة. ليست هذه الموضوعات هي ما دفعت الحكام إلى إلغاء امتياز المجلة، في رأيي، وانما مشروعها التنويري، والتفاف شخصيات ثقافية وفكرية، وأدبية وفنية حرَّة حولها، غالبيتهم ليسوا شيوعيين، وجدوا فيها مكانا تلتقي فيه الأفكار الحرة. والحكام غيرالديمقراطيين حقّاً، ومثلُهم حَمَلَةُ منظوماتِ التشدد الفكري والديني، القومي والعنصري، يخشون الأفكار الحرة الواعية. هم يُدركون أنَّ هذه الآفكار تسبق الثورات وتُمَـهِّدُ لها. أفكار التنوير الأوربي سبقت الثورة الفرنسية، مثلاً، بعقود. الفكر الحرُّ يؤَصِّلُ الثورات. يمنحُها وجهها واتِّجاهَها. فسادُ هذه الثورات الذي قد يُصيبُها، فيما بعدُ، إنما هو فساد من امتطى ظهرها من حكام وقادة وساسة، وحتى مناضلين ثوريين سابقين، أغوتْهم أسِرَّة السلطة ومفاسدُها، فإذا الحُلُمُ الإنسانيُّ ـ المِثالُ ينتهي، على أيديهم، خرائبَ وأنقاضاً.    

الروح التنويرية التي مَيَّزَت (الثقافة الجديدة) عند انطلاقتها تلك، وما تزال، تواصلت، بمقادير شتَّى، في الصحافة الثقافية الأخرى للشيوعيين في العراق. وكان لهذه الروح تجلياتها في صفحة (ثقافة) في (طريق الشعب)، وفي صفحات (الفكر الجديد) كذلك. الصحيفتان صدرتا علنيتَيْن مطلعَ سبعينييات القرن الماضي، بعد عقدٍ قاسٍ من الملاحقات والاعتقالات والتعذيب الوحشي، والقتل. وتلك أحوالٌ كان لمثقفي اليسار قسطُهُمُ الوافرمنها. وبعد ما يقربُ من خمسِ أعوام على علنية الصدور هذه تَمَّ إغلاق الصحيفتين ثانية. إغلاقٌ سبقته، ببضعة سنين، أحوالٌ تُماثلُ ما حدث في ذاك العقد القاسي.   

استعادتي الخاطفة هذه لذاكرة صفحة (ثقافة) في سنواتها الخمسة تلك، تعيد إلى ذاكرتي، بعد ما يزيد على أربعين عاما، فاعليةً ثقافية يومية لها برامجُها ومشاهدُها وأوجُهُها المختلفة. هذه الفعالية يؤطِّرُها الوعيُ بارتباط الثقافة، على فرادتِها وخصوصيَّتِها، بالواقع الإجتماعي في نواحيه المختلفة. فهي تصدُرُ عنه وتتوجه إليه في الآنِ نفسه. تحاول أن تقولَ له بإنها ليستْ تَرَفاً يمارسه مثقفون غرباء "مخبولون"، بل هي حاجة مصيرية وضرورية للإرتقاء بالوعي والحسِّ الجَمعِيَّيْن، وتعميق معارف أفراده بظروف حياتهم وزمانهم، وتاريخهم، وصِيَغ التعامُلِ معها.

وعبْرَ استجلاء المشهد الثقافي، وتنَوُّعه أجناساً وفعاليات، في العراق آنَذاك، حَدَّدَت الصفحةُ، منذُ البدءِ، وبتصوُّرٍ جماعي، مقاصدَها وغاياتها في أنْ تكون حاضـرةً في متابعة حقول الإبداع الأدبي والفني والفكري، وتشييدِ جسور التواصل مع الأدباء والفنانين والباحثين المشتغلين في هذه الحقول، وكذلك، ومن خلال هذا، تحقيق التواصل مع الآجناس الإبداعية التي يشتغلون عليها، ومع جمهورالقراء والمتابعين لهذه الفعاليات الثقافية أيضاً.

ومما أعان الصفحة على القيام بدورها هذا، هو نوعية المحررين العاملين، وكذلك المتطوعين، فيها:

ألفريد سمعان، سعدي يوسف، حميد الخاقاني ، مصطفى عبود، نبيل ياسين، صادق الصائغ، فاضل ثامر، ياسين النصير. وكان لمثقفي عدد من محافظات العراق، شعراء وكتاب قصص وروايات،  ونقاد أدب وفن، فضلُهم الكبير في أن يكون للصفحة حضورها في تلك الأمكنة، وأنْ تحضرَ إبداعاتُ مثقفي تلك المحافظات إلى بغداد، ومنها إلى فضاءات مدن العراق جميعها. من متطوعي مكتب بابل والفرات الأوسط الصحفي أتذكر(وعذري لأسماء رفقة أعِزَّةٍ، من مدن ومناطق أخرى، لم تعُدْ تُسعفني الذاكرةُ، بعد كل الأعوام الطويلة... الطويلة، على استعادتها)، رضا الظاهر، ناجح المعموري، الشهيد القاص قاسم محمد حمزة، وكذا الشهيد قاسم عبد الأميرعجام، هذا العارفُ الجميل الذي كانت كتاباته النقدية خيرَ ما قرأناه، وقتَها، عن فن المسلسلات التلفزيونية، وكذلك قراءاته النقدية لبعض الأعمال الأدبية. وهنا لا ينبغي عليَّ إغفالُ ذِكر الشهيد القاص والروائي حميد ناصر الجيلاوي، من مكتب واسط الصحفي، وكذلك صاحبه الشاعر والفنان حميد حسن جعفر. ومن مكتب البصرة يحضرني الساعةَ الشاعر الراحل مهدي محمد علي.

ولكي تكون (ثقافة) وفيَّةً لمقاصدها في إيصال الفعل الثقافي الحيً إلى الناس، ووَصْلِهم به، فقد خصَّصَت أربع صفحاتٍ منها، لثلاثة أيام متناوبة في الأسبوع، لفنون الشعر والقصة، والرابعة (كلَّ يوم إثنين) فتحت أبوابَها ونوافذَها لنشر المحاولات الشعرية والقصصية الأولى ، الناضجة للنشر. وصفحة في الأسبوع للشـعر الشعبي ودراسات حوله، يتولى تهيئةَ موادها، وتنسيقَها، شعراء معروفون. بينهم شاكر السماوي وعزيز السماوي، والشهيد أبو سرحان. إفرادُ هذه الصفحة لهذا النوع الشعري المُؤثِّر، والواسع الإنتشار في وطننا، جاء بمثابة إجابة ثقافية على قرار السلطة، مطلعَ السبعينات، بعدَم نشر هذا الشعر وترويجِه في أجهزتها ومرافقها الإعلامية. دواعي قرارها هذا أنَّ غالبيةَ من يكتب هذا الشعر شيوعيون ويساريون! صفحة سادسة لنقد فنون السينما والمسرح وعروضِهما المُقَدَّمَةِ في بغداد ومدن أخرى، وفنون التشكيل والموسيقى كذلك.

ولأنَّ (ثقافة) تؤمن بأنَ المعرفةَ الحقيقية الأشياء والظواهر، فكرية كانت، أو أدبية أو فنية، لا تتحقق بالوصول إليها عبْرَ القراءات وحدَها، وإنما بالسعي لولوج أعماقها، والتأمُل فيها، وإخضاعِها للتساؤل، والجدل معها. وللمساهمة في تحقيق بعض هذه الغاية مضَتِ الصفحةُ إلى تقليدٍ نقدي عُرِفَتْ به مجلة الآداب) اللبنانية، ألا وهو نقدُ قصائدِ العدد الماضي وقصصه. في صفحة (ثقافة) حمَلَ هذا التقليد عنوانَ (نقد قصائد الشهر الماضي وقصصه). مقاصدُ هذا التقليد وقراءاتُه وَضْعُ مفاتيحَ في يد القارئ تعينُهُ في الآقتراب إلى أسرار النص ومعرفته.

وإزاء سعي السلطة المحموم، والذي بدأ في تلك السنوات، لبعْثَنَةِ الدولة ومؤسساتها، والمجتمع والثقافة، وتَحَوُّلِ وزارة الثقافة والإعلام إلى الناشر الأكبر والوحيد في العراق، وامتلاكها وحدَها حَقَّ الرقيب المُطلَق على نشرِ الكتاب، أوتحريم نشره، حتى وإنْ استوفى كافة الشروط الفنية والأدبية، وأوصى الخبيرُ الذي انتدبتُهُ الوزارة نفسُها لفحص هذا الكتاب، والإهتداء ألى ما يختفي وراء سـطوره، بإجازته ونشـره. في تلك الفترة تَمَّ منعُ أكثرِمن 160 كتاباً لشعراء وكتاب قصة ورواية وباحثين، كان قد أوصى الخبراء الفنيون بنشرها. الدافع الوحيد لعدم نشرها أنَّ مؤَلفيها شيوعيون ، أو يساريون، أو غير ذوي قربى للحزب الحاكم. إزاء هذا كله كان على (ثقافة) أنْ تؤدي دورها في مواجهة هذه الظواهر التي تُمَهِّدُ السبيلَ إلى نظام استبدادٍ شامل، يمضي بالعراق وأهله إلى هاوية لا قاعَ لها، وهو ما حدَثَ فيما بعد تماماً. في سياق ندواتٍ وَجَّهَتِ السلطة لعقدها، لمناقشةِ رَفْعِ الإنتاجية في مؤسساتها، تَلَّقَتْ صفحة (ثقافة) دعوةً من وزاة الثقافة لحضور إحدى ندواتها هذه. هَيَّأَ المثقفون العاملون في قسم (ثقافة)، بمشاركة جماعية، ورقة فكرية تتناول السياسة الثقافية للوزارة، مُنْطلِقةً من تساؤلٍ، وجدناه جوهرياً، وهو (وطنيةُ الثقافة، أم حزبيتُها؟). كان واضحاً لنا، ونحن نناقش موضوعات هذه الورقة، وما يمكنُ قوله في الندوة، أنَّ تاريخَ الإنسانية لم يشهدْ، ربما، سلطةً سياسية، أو أيديولوجيا أحادية النظرة، بصَرفِ النظر عن الزيِّ الذي ترتديه، ترغب للثقافة وللمثقف الحُر أنْ يُفَكِّرا بمعزلٍ ، أو باستقلالية عنها. فهي تضيق، خوفاً على سطوتها، من جدَل الأفكار الحُرِّ والمفتوح. وهي تخشى أنْ يخفِق كلُّ مبدعٍ ومُفكرٍ وانسانٍ بأجنحته الخاصة، بعيداً عن أقفاصها. ولكنَّ حكمةَ التاريخ وتجاربَه عَلَّمْتنا، في الوقت نفسه، أنَّ الآداب والفنون، والأفكار النقدية الحرة، تظلُّ تتطور، وتتعمَّق في مواجهتها لأنظمة الحكم المُطلَق، وصراعها معها.

في اليوم التالي توجهت، بصحبةِ الصديق الراحل خالد السلام، إلى قاعة الخلد، حيبُ تُعقَدُ التدوة، مصطحباً ورقتي، وعناوين الكتب المُحرَّمَة، ووقائع "التطهير" الذي طال مثقفين وفنانين وصحفيين أُخْرِجوا من مؤسسات الدولة آنَذاك. كان الحضور في القاعة، حين وصلناها، كثيرين : أساتذة جامعات، بعضهم من أساتذتي، مثقفون رسميون غالباً ، صحفيون، وموظفون من مؤسسات الوزارة نفسها، وبالطبع الوزير طارق عزيز. في اللحظات الأخيرة حضر "السيد النائب" أيضاً . كنت أول المتكلمين. أوضحت ،في البداية، أهميةَ ديمقراطية الثقافة وحرية الإبداع، وأكدتُ على الطابع الوطني ـ التعددي لثقافتنا العراقية، بمعنى أنَّ مصادرَ هذه الثقافة، وينابيعَها وتياراتها، والعناصر المؤثِّرة في تشكيلها وتطورها، قديما وحديثا، متنوعة ومتشابكة من النواحي التاريخية والدينية، والقومية والإجتماعية كذلك، وبصورة قد لا نشهد لها مثيلاً في ثقافات أخرى. أشرتُ، أيضاً، إلى أنَّ ثقافة أيِّ شعبٍ لا تصنعها الدولة، أو الأحزاب، وانما مبدعو هذا الشعب من أدباء وفنانين، ومفكرين وعلماء، ومهندسين وخبراء قانون. كما أكدت أنَّ وزرات الدولة ومؤسساتها مرافق وطنية يُنتظرُ منها أن تتعامل مع مواطني البلد، ومنهم المثقفون، على قاعدة الحقوق المتساوية، وليس في ضوء الإنتماء الحزبي، أو الخيار الفكري. وبعد الإشارة إلى الكتب الممنوعة، اختتمت مداخلتي بالقول: " أنَّ الحفاظ على ثغافتنا الوطنية وازدهارها مسؤولية تاريخية، وعبءٌ ثقيل ينبغي لأكتافنا جميعا أن تحملَه". لم يجد الوزير الذي استشاط غضباً، لم يُحاجج، أو يجادل بعقلانية، وإ نما نظَق بجملةِ طإننا لن نُعطي الشيوعيينَ شققاً فكرية في هذه الدولة!".

بعد أسبوعين مُنِعْتُ من دخول قاعة الخلد لحضور ندوة دعتني الوزارةُ نفسها إليها!

درسُ مثلِ هذه التجارب المريرة والقاتلة، وهي كثيرة في هذا العراق، ماضياً وحاضراً، يدعونا إلى الإهتداء، جميعا، إلى سياسة ثقافية، قاعدتها وإطارُها يقومان على الحوار والجدل الدائمَيْن مع أنفسنا، ومع  الحياة والنصوص المكتوبة عنها ولَها، أو ضِدَّها أيضاً، وبما يخلق أفقاً مفتوحاً، تُقالُ فيه الأشياء، كلُّ الأشياء، بصوتٍ عالٍ وواضحٍ أبداً. مثل هذا الأفق المفتوح لن يتحققَ إلاَّ باعترافنا بالآخر المختلف معنا. اعترافنا بوجوده، وبحقه في الحرية وممارسة اختلافه معنا، سواء أكانَ داخلنا أو خارجَنا. إنَّ علينا، كما قالت تلك الشيوعية الرائعة روزا لوكسمبورغ يوماً، أن نرى حريتنا في حرية الآخر المختلف معنا فِكراً. هذه العملية تشترطُ نضوجا داخلياً، لن يتحقَّقَ أبداً، مادُمنا لا نطيق من لا ينظرإلينا إلاَّ بوصفنا أرباباً مقدَّسين لا مكان للحقائق إلاَّ عندنا. إنَّ  مصدرَ قوةِ الأفراد والجماعات ونُبلِها الإنساني ليس دعواتها اللفظية للحرية والديمقراطية فحسبُ، وأنما ممارستها العملية واليومية مع بعضهم البعض، ومع الآخر المختلف أساساً.    

عرض مقالات: