اخر الاخبار

الجواب، نعم ولا، في ذات الوقت. لأن العرض الناجح غالبا ما يخضع لذائقة المتفرج نفسه، وعلى مشاهداته، وتربيته الفنية. ثم هل أن المتفرج في مثل هذه الحالة يكون سلبيا عندما يحتفي بعرض من العروض؟ ونتذكر هنا ما قاله الكاتب المسرحي الفرنسي “ Jean Anouilh”: الغرض من المسرحية هو إعطاء عمل للممثلين ومتعة للمتفرجين”. إن المسرحية التي تجعل المتفرج ينام أو يشعر بالملل، إما أن تكون معمولة بشكل غير كاف، وإما إنها سيئة، وهنا تصبح المبررات الفكرية الزائفة التي يحاول البعض فرضها علينا، غير محبذة وبلا معنى. وبما أن المسرح هو عرض حي، فإنه هنا لكي يجعلنا نعيش بعض المشاعر الصادقة. ولا يهم إذا كان الأمر يتعلق بالمرح، الحزن، التمرد، الرغبة، الغضب أو الحب. إنه يخاطب قلوبنا بقدر ما يتجول في عقولنا. وعلى هذا النحو، فإن استماعنا له الذي يترجم بالاحترام من خلال الصمت، أو الضحك، والتجاوب، في بعض الأحيان، يكون مشكوك فيه. ودون الرجوع إلى إفراط الممثلين ومبالغاتهم. لماذا يتوجب على المتفرجين احتواء وحبس مشاعرهم بالضرورة؟ وإذا كان هناك شخص ما يضحك بصوت عال قليلا، فلماذا دائما ما يكون هناك أشخاص آخرون يطالبونه بالصمت، بقولهم مثلا، “شت”، كتعبير عن انزعاجهم؟ الكل يسمع الممثلون، مثلما يسمعنا الممثلون أنفسهم، ما هي الإجابات الجميلة، التي يمكن ان نقدمها لهم من خلال ردود أفعالنا على فنهم؟ الممثلون يدركون متى تكون الصالة منتبهة لهم، ومتى تكون القاعة متجاوبة معهم، وكيف تنشطهم كهربائيا وتحملهم إلى اعلى في أدائهم. وعندما يحدث كل هذا، يعني التبادل بين الطرفين قد تم إنشائه بشكل سليم، وإن الجدار الرابع قد رفع بينهما، وأصبح الجميع -ممثلون ومتفرجون- جزء لا يتجزأ من العرض. إذن، إن دور المتفرج ليس سلبيا، بل على العكس تماما. ولا يقتصر الأمر على أنه فريد من نوعه، ويمكن أن ينظر إلى نفس العرض بشكل مختلف من قبل كل فرد من أفراده، ولكن ردود أفعاله يمكن ان تؤثر على تجربة الممثلين. وإنهم، أي الممثلون، يدركون جيدا الصمت، الذي يحمله المتفرجون، المتعلق بشفاهم، ونطقهم ولعبهم، وإنهم يسمعون جيدا، الطقطقة المزعجة التي يحدثها الكرسي عندما يطويه بقوة أحد المتفرج عند مغادرة القاعة.

لدى المتفرجين بالطبع لحظة تعبير محجوزة لهم بشكل خاص، لحظة التحية النهائية للعرض. بين التصفيق الواقف والسخرية توجد لوحة كاملة للكشف عن نوعيات التصفيق: خجول، مبعثر، مهذب، حار، إعجاب ... ولكن دعونا نعود إلى أقصاه: إذا رأينا أحيانا الجمهور يقف لإظهار حماسه، فمن النادر جدا ان نسمع صوته يسخر في نهاية العرض. هل لأن العروض نادرا ما تكون سيئة للغاية؟

للاسف لا. ومن الأرجح ان (تربيته الجيدة)، هي التي كبحت ردود أفعاله. ومع ذلك: عندما يكون العرض سيئا، وحتى لو قدمه أصدقاء لنا، سوف لا نمنع أنفسنا عن الصراخ أو السخرية في نهايته. خلافا لذلك، سوف لا نكون صادقين، وسوف لا نخدمهم في شيء. وبعد ذلك على الأقل، عندما نشيد بالعمل، سيعلمون بأننا أحببناه حقا. وإذا كان المتفرج ينتظر أداءا أكثر واقعية من طبيعة الممثلين، ألا يدين لهم في المقابل بصدقه؟ وان يجرؤ على التعبير عما يشعر به حقا، كعلامة على الاحترام والنزاهة اتجاه عمل الآخر.

في النهاية، يكون مكان المتفرج في مركز المسرح: فمن أجله قد وضع كل شيء في مكانه، وهو الذي نسعى لإغوائه، في نهاية المطاف، وهو الذي له الكلمة الأخيرة. وآخر كلمة، نتركها (لأوسكار وايلد) المشرق: (إن ما يعكسه الفن حقا، المشاهد، وليست الحياة).

عرض مقالات: