اخر الاخبار

تعددت الرؤى في تسجيل عناصر الخطاب فكل فلسفة نقدية تطرح عناصر تخصها ،ومنها عناصر ياكوبسون رائد التواصلية ، اناهنا اعتمد العناصر الثلاثة التي سجلها لنا ارسطو في كتابه “فن الشعر” الذي ترجمه بدوي طبانة، فعنده يتكون الخطاب من ثلاثة عناصر هي:

الايتوس    / الكاتب ، والمرسل ، وهنا يؤكد على تكوينه الثقافي والاخلاقي

والباتوس / المتلقي والمرسل اليه والمستقبل .

واللوغوس /  ويعني النص او اللغة او الخطاب نفسه.

ثم اتمثل هذه الثلاثية في ترجمة العودة  الموسومة ب (رؤى أدبية) الصادر عن دار الورشة في بغداد، 2012.

اولا – الايتوس : نتعرف عليه عبر وسيلتين الاولى أنه قريب منا ونعرفه حق المعرفة الجغرافيا التي ننتمي اليها، والوسيلة الثانية عن طريق لغته التي وضعها في كتابه “روى ادبية”.

   فبان أنه هادئ، خلوق، محب لعمله، كيس، دقيق، وهذا ما نجده في إخراجه للمادة، وفي تخصصه الجميل اعني الترجمة ، التي تساوي التأليف بل احيانا تكون اصعب منه، فضلا عن الحس الادبي الذي يملكه ، فيمكنه من تصيُّد مقاصد المؤلفين الشعراء وكتَّاب السرد، وهذا يحتاج الى آلية تأويلية لكشف المعاني ثم كفاية تواصلية ولغوية ليقدم بها المادة المترجمة للقارئ بلغة اخرى تفيد من المداليل الحقيقية للتراكيب والمداليل المجازية لها في الوقت نفسه لان اغلب الاداب ذات معطى وبعد لساني مجازي يرتبط بحياتها الاجتماعية اذ ترتبط المجازات بطبيعة المجتمع مما يتطلب ان يعي المترجم ثقافة المجتمع الذي يترجم لكاتبه، فترجمة نص لفوكو يحتاج ان افهم الحياة الفرنسية بكاملها او جزء كبير منها. او مقطع من رواية “اسم الوردة” لامبرتو ايكو  ايضا افهم الحياة الايطالية.

ثانيا- الباتوس: ويراد بها النصوص المختارة ، وكانت دقيقة، عالية اللغة، قيِّمة الموضوع، مشهورة لكتَّاب مشهورين كبارمن اوربا ، ومنهم لونك فيلو ، بنصين شعريين وصاموئيل تايلر كولردج، بستة نصوص شعرية، وأدجار الن بو بنصين شعريين، ورد زورث  بأربعة نصوص شعرية، وهنالك اخرون ضمن الكتاب.

  هذه النصوص العالية والقوية والتي تحمل ابعادا اجتماعية في موضوع علاقة المراة بالرجل وابعادا سياسية من جهة تاريخ امريكا ووجودها تدلل على ان المتلقي لها هومتلق نخبوي.

  في سياق عرض النص الشعري يحاول المترجم العودة الى وصِّفه، حتى يسهل على المتلقي الفهم والمعرفة فيقول عن قصيدة ايفانجلين  (عندما صدرت القصيدة بيعت منها حوالي 36 الف نسخة،واستلم اعلى حقوق مؤلف انذاك... قصيدة ايفانجلين هي واحدة من التراكيب القليلة التي ظهرت في القرن التاسع عشر.  التي اعتمدت هذا الوزن الذي لا يزال يقرأ  الى يومنا هذا) .

   ثم حاول ان يبرز ميزة التناص في بعض الاعمال ومنها حديثه عن قصيدة ايفانجلين ((كتبت القصيدة على وزن سداسي  التفاعيل ومن المحتمل استلهمها من اليونانيين والاغريق القدماء مثل هوميروس الذي قرا عمله اثناء كتابته القصيدة وترجمة (اطفال عشاء اللورد) وهي قصيدة كتبها الكاتب السويدي (اسايز تكنر) الذي استعمل فيها الاوزان نفسها)) .

   كل ما يقوم به من توضيح وتحليل وتوصيف للنص المترجم لغرض مراعاة المتلقي والاعتناء به ليجعله يقلب سياق النص وقلب القصد منه، وهذه مواصفات المترجم الناجح.

ثالثا- اللوغوس: يعني اللغة التي كتب بها النص ،اواعني بها النص نفسه، لقد اختار لنا المترجم نصوصا وهاجة تحتتفل برؤى ادبية فعلية ، فقد كان موفقا حين وسم كتابه رؤى ادبية ، اذ تدل قصيدة ايفانجلين على رؤية سياسية واجتماعية فقد صورت لنا الحياة الامريكية في زمن كتابتها من قبل شاعرها فجاءت مفرداتها تدل على الحياة البدائية والصحراوية للامريكان مليئة بمفردات الطبيعة:

هذه الغابة بدائية

همهمة صنوبر ملتح بطحلب

باثواب خضراء

......

هذه الغابة بدائية .... أين القلوب التي تحتها؟

   في سياق افهام المتلقي يحاول الاستاذ العودة الى تلخيص النص المترجم قبل ان يعرضه، وهذا ما حدث في ترجمته لقصيدة ركوب باول ريفير للشاعر لونك فيللو (القصيدة جعلها الكاتب تروى على لسان صاحب حانة وافرغها بقالب قصصي، في الايام التي سبقت الثامن عشر من نيسان امر ريفر حافظ غرفة مقدسات الكنيسة الشمالية روبرت نيومان باستخدام فوانيس الكنيسة كاشارة،واتفق معه اذا جاء العدو عن طريق البر فانه يستعمل فانوسا واحدا، واثنان اذا جاء عن طريق البحر...)

   احسب انه احسن صنعا في ترجمته لهذه النصوص الادبية المختارة لكن الكاتب لم يضع فهرسا للكتاب ولا مقدمة واكتفى بتقديم الكاتب صباح محسن.

-------

1 و 2 و 3 رؤى ادبية.

عرض مقالات: