اخر الاخبار

من المعروف لمزارعي بساتين النخيل المتخصصين بأبحاث زراعة وإنتاج هذه الشجرة الصديقة للإنسان، قدرتها على النمو خضريا وتأقلمها مع ظروف الجفاف ومستوى وفرة المياه، وهذه الامتيازات التي تمتلكها النخلة تستدعي الارتقاء بإيلاء الأهمية الكبيرة واعطائها أولوية تتناسب مع قدرتها عل تحقيق الأمن الغذائي وبما تمتلكه من قدرة على التأقلم مع الظروف المناسبة لتوطين السكان واستدامة حياتهم خاصة مع توافر عوامل انتاج هذه النخلة المعطاء ومساهمتها في إنعاش الاقتصاد العراقي.

وبالرجوع إلى الأرقام المتعلقة بعدد النخيل وقدراتها الإنتاجية يتضح تراجع أعدادها فضلا عن تدني انتاجيتها، فقد كان عدد النخيل في ستينيات القرن العشرين في العراق 36 مليون نخلة وفي أوائل الثمانينيات تراجع العدد لصل إلى 30 مليون نخلة وتقلص في عام 2009 إلى 9 ملايين نخلة غير أنها عادت لتصل في عام 2020 إلى 17 مليون نخلة وفقا لإحصاءات وزارة التخطيط، ومن جهة ثانية فإن إنتاج التمور في عام 2020 ولمختلف الأصناف وصل إلى 735 ألف طن بزيادة نسبتها 15 في المائة عن انتاج عام  2019 حيث وصل الإنتاج إلى 639 ألف طن واحتلت بغداد المركز الأول في الإنتاج حيث بلغ 126 ألف طن بنسبة 17 في المائة وبانخفاض عن عام 2019 و 5 في المائة من مجموع انتاج العراق اذ قدر انتاجها لعام 2019 135 ألف طن تلي مدينة بغداد في الإنتاج كل من محافظة بابل تليها محافظة ديالى.

  إن تدني هذه الأرقام يرجع إلى جملة من التحديات لعل في مقدمتها الإهمال الحكومي الواضح وخاصة بعد عام 2003 حتى عام 2009 حيث وصل عدد النخيل إلى 9 ملايين نخلة وعلى الرغم من زيادة عددها في عام 2020 إلى 17 مليون غير أن هذا الرقم لم يرتق مع الأعداد السابقة لعام 2003 ولا يتناسب مع الأهمية الاقتصادية لهذا المنتوج الغزير بفوائده الغذائية وقدرته على منافسة الثروات الاخرى المتاحة في العراق بما فيها البترول فيما اذا حظي بالرعاية المطلوبة التي تتوجب على الحكومة العراقية في مجال السقي والتسميد والمكافحة من الأمراض الخطيرة التي تتعرض لها هذه الشجرة مثل حشرة الدوباس، زد على ذلك التحديات المتمثلة بتأثير العوامل الموضوعية كظاهرة الجفاف واتساع ظاهرة التصحر التي وضعت العراق بين الدول الخمس الأكثر عرضة للجفاف وآثار التغيرات المناخية، غير أن التحدي الأشد فضاضة يتمثل بعمليات التجاوز على بساتين النخيل من قبل مجموعات ترتبط كزبائن دائمة لبعض الأحزاب صاحبة النفوذ الاوسع في السلطة وتحويلها إلى أراض معدة للسكن وحرمان المدن من المناطق الخضراء وخاصة الاحزمة المقررة في التصاميم الأساسية لها وعلى الأخص في مدينة بغداد، والدولة تغض النظر عن هذه العمليات الجائرة بما لها من تبعات ضارة في مجال قطاع الزراعة. ومن التحديات الأخرى التي تؤدي إلى انخفاض مستوى زراعة النخيل وتخفيض انتاجيتها الخسائر التي يتعرض لها المزارعون بسبب شحة الدعم الحكومي وتداعي المصانع التي تعتمد على التمور كمادة أولية في صناعتها، في مقابل ذلك يعمد التجار إلى استيراد التمور من دول الإقليم التي تهتم بطرق تعليب التمور واخراجها بمظهر يجذب المواطن العراقي، وهذا لم يحصل لو جرى الاهتمام بعمليات الخزن والتعليب والتسويق لإنتاج التمر العراقي المعروف بمذاقه المتميز.

   كل هذه التحديات والخيبات لشجرة النخيل تستدعي مراجعة شاملة والرفق بهذه الشجرة الطيبة، وفي هذا المجال نقترح الآتي:

  1. مراجعة شاملة من قبل مجلس الوزراء ووزارات الزراعة والصناعة والتخطيط والتجارة والقطاع الخاص التجاري والتنسيق بأعلى مستوى لإنقاذها من الانقراض.
  2. العمل الجاد لمزيد من الرعاية لأشجار النخيل وتحقيق المنافسة الواضحة في السوق العالمية وتطوير صناعة التمور بما يتناسب مع حجم الطلب على هذا المنتج الغذائي الكبير بما يؤدي إلى تنوع هيكل الصادرات.
  3. البحث عن أسواق مناسبة لتصريف ألفائض من التمور عالميا بما فيها العربية وإلزام الملحقين التجاريين في السفارات العراقية في الخارج عبر الوسائل الإعلام الأكثر تأثيرا على المواطن الأجنبي.
عرض مقالات: