اخر الاخبار

إن الكثرة من القوى السياسية المعارضة للنظام كان لا يجمعها سوى هدف إسقاط النظام، ولم تمتلك رؤية لبناء دولة أو نظام سياسي بديل قادر على أن يواكب العصر وتطلعات العراقيين الذين أمضوا أكثر من ٣ عقود في ظل نظام شمولي.

بعد أن تلاقى هدف هذه المعارضة والولايات المتحدة لإسقاط النظام السابق، وجاء ذلك عن طريق العمليات العسكرية التي شنتها أمريكا ضد العراق واحتلالها بعد ذلك.

أمريكا كانت تمتلك رؤية لعراق ما بعد صدام حسين، لكن قوى المعارضة لم تمتلك تلك الرؤية وهنا كانت الكارثة الحقيقية، فقد دمرت رؤية الولايات المتحدة الامريكية مؤسسات الدولة بما في ذلك حل الجيش العراقي، الذي يقول  البعض إنه كان منهارا، وفي حال سلمنا بالأمر فأن هناك فرق كبير بين عملية حالة الانهيار والتدمير بشكل كامل، وكان بالإمكان إعادة تشكيل الجيش العراقي من خلال استدعاء الضباط والمراتب والتحاقهم بعملية سلسلة، بدل محاولات لبناء جيش بديل لم يحقق الغرض الا في السنوات الأخيرة، وهذا معناه صرفنا وقتا طويلا كان من الممكن اختزاله في أمور أخرى على صعيد البنى التحتية أو بناء العملية الديمقراطية بشكل صحيح.

والخطأ الآخر الذي وقعت فيه قوى أساسية في المعارضة هي اعتماد المحاصصة العرقية والمذهبية والطائفية كطريقة لإدارة البلد واقتسام المناصب، ما دفعها للاصطدام سريعا بإرادة الشعب العراقي.

إن الحرية لا تعني تنظيم انتخابات كل أربع سنوات فقط والاكتفاء بذلك، ولا يمكن إطلاق مصطلح الحرية على هذا الأمر، فهو أقرب ما يكون إلى ديمقراطية سياسية فيها تداول سلمي للسلطة هذا شيء جيد، ولكن عندما نفحص التجربة العراقية بعد خمس دورات انتخابية نجد أن نسبة المشاركة في كل دورة انتخابية لم تتعد الـ٢٠ في المائة ما يعني وجود ٨٠ في المائة من العراقيين ليسوا عازفين عن المشاركة في الانتخابات فقط، انما يمتلكون موقفا واضحا من النظام السياسي بشكل عام تجلى ذلك في انتفاضة تشرين التي دفعت مئات الشهداء وآلاف الجرحى من أجل شعار «نريد وطن». إن بناء ديمقراطية فيدرالية تعثر للأسباب الآنفة فهي تعتبر شكلا من أشكال النظام السياسي، يمكن ان تحصل بطريقة إدارية لكل محافظة أو يشمل عدة محافظات لكن ليس على أسس طائفية، خاصة وأن تجربة العراق في الموضوع تقتصر على وجود إقليم كردستان الذي يمتلك خصوصية تاريخية وليست بالجديدة على العراق، فمنذ عام ١٩٧٠ عندما صدر بيان آذار اعترفت حتى الحكومات السابقة بحق الشعب الكردي بأن يكون له حكم ذاتي، وأخذ ذلك بعدا دستوريا بعد 2003.

وللأسف لم تتمكن بقية المحافظات من الحذو بهذا الاتجاه لأسباب يتعلق قسم منها أن البعض يريد أن يقيمها على أساس مذهبي أو طائفي وهذا يعني أنها تكون مقدمة لتقسيم العراق وهذا الأمر مرفوض اساسا.

ومع ذلك نرى القوى السياسية لا تعمل بشكل صحيح على تحقيق وحدة العراق بمعنى بناء ديمقراطية حقيقية تحقق المساواة والعدالة الاجتماعية بين جميع العراقيين وتصر على عدم السماح للمحافظات أن تعمل بنظام فيدرالي على أسس ديمقراطية بحتة وتصر على تحويل الأمر إلى صراع عرقي أو مذهبي.

عرض مقالات: