اخر الاخبار

بعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في ٣١ آذار ١٩٣٤ بدأت أفكار الحزب بالانتشار في مدن العراق، حيث كانت الأرضية المناسبة للتمسك بعقيدة الاشتراكية وحقوق الانسان والمساواة وازاحة الظلم عن العمال والفلاحين، ومنذ بدايات تأسيس مدينة الديوانية كانت مدينة تزدحم بالفقراء والفلاحين المحكومين تحت سلطة الاقطاع، ومثل هذه المدن تجد في أفكار سياسية مثل أفكار الحزب الشيوعي خلاصا ومنقذا لها، واضعا هدفه العريض والأساسي في الوطن الحر والشعب السعيد.

وصلت أفكار الحزب الى مدينة الديوانية في بداية عام ١٩٤٨، ويبدو أن حالة الوعي والتوصل الاجتماعي بين طبقة العمال والمثقفين في المدينة بلورت هذه الأفكار في تنظيم سياسي مرتبط باللجنة المركزية للحزب، واعتمادا على ما ذكره المناضل ساجد حمادة عبد الحسين من أن النخبة الأولى للتنظيم الشيوعي في المدينة كانت تتكون من كل من:

  • أكرم هادي الأصفر
  • جهاد الخياط والد نضال
  • جواد الاوتجي
  • ادهام الحلاق
  • صالح الرازقي
  • عبد الله حلواص
  • عبد الزهرة عبد علي
  • موسى سوادي
  • عبيدة سوادي
  • عزيز ناصر
  • عبد حسان

وخلال انتفاضة تشرين عام ١٩٥٢ انطلقت مظاهرات عارمة من وسط المدينة في شارع السراي والذي كان قريبا من مركز الشرطة ودائرة التحريات والتحقيقات الخاصة بملاحقة الشيوعيين، ولزخم المظاهرة واندفاع قادتها كل من شاكر منصور وعباس كاظم رضا ولازم محمد الخزاعي وشاكر عبد سماوي وكريم محمد وجليل جبار المياحي، فجوبهت التظاهرة بقوة شرسة من أفراد الشرطة، ومن ثم تم إطلاق النار من أسلحة الشرطة باتجاه المتظاهرين، أصيب على إثرها المناضل هادي شاكر كندله إصابة بليغة بيده حيث تم بترها لتبقى علامة فارقة وعنوان للمجد والموقف الوطني والثبات على المنهج والقيم التي آمن بها حتى اليوم، وهو حي يرزق حتى اليوم، كما أصيب أيضا إصابات غير بليغة كل من الحداد عطية الوحاش والقصاب زبالة .

كانت هذه النواة هي التي زرعت بدايات التنظيم ليكون الحزب من أكبر الأحزاب المعارضة للنظام الملكي، وأيضا رسخت تلك الأفكار في الأجيال القادمة لتتقدم قوافل من الشباب الذين يؤمنون بأفكار الحزب الشيوعي مضحين بأرواحهم ومستقبلهم وأعمالهم في مواجهة سلطات لا تفهم معنى العقيدة والاختلاف في الرأي ولا أي معنى من معاني الحرية الفكرية.

أدى كل واحد منهم ما يمليه عليه ضميره وحسه الوطني، وتحملوا جميعا السجن والملاحقة والفصل من العمل والاختفاء، ولكل واحد منهم ظروفه الشخصية، لكنهم جميعا تركوا التاريخ يكتب أسماءهم ضمن قوافل العراقيين الوطنيين والجميع قد رحل عنا غير أن اسمه بقي منقوشا في ضمير كل الطيبين.

من طالع الأسماء الأولى للخلايا التي بدا بها التنظيم في الديوانية سيدرك مسألتين مهمتين، الأولى الحضور الاجتماعي والوعي السياسي الذي جسدته هذه الأسماء، والثانية أن جميع الأسماء من العمال الكادحين والفقراء المعدمين الذين يؤكد إيمانهم الحقيقي بالفكر الماركسي اللينيني وبالاشتراكية كمنهج للحياة.

وللديوانية التي بقيت مدينة فقيرة ومهملة منذ بدايات العهد الملكي مرورا بالجمهوريات تاريخا مجيدا مليئا بقصص البطولة والفخر سجل فيها العديد من الشباب تلك المواقف الشجاعة والجريئة والثابتة بمواجهة أعتى السلطات وأشرس الأجهزة الأمنية، وخلال فترات حالكة وغاية في الخطورة، ليبقى تنظيم الحزب قائما وحاضرا حتى اليوم.

يستحق تاريخ الديوانية السياسي أن يلتفت اليه أحد كتاب التاريخ ليبقى أثرا خالدا ضمن تاريخ الحركة السياسية الحديثة في العراق.

عرض مقالات: