اخر الاخبار

صدر قانون (إنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة) رقم (١٢) لسنة ٢٠١٨ والذي ألغی بموجبه القانون السابق (إنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة والنواحي رقم (٣٦) لسنة ٢٠٠٨)، ثم جری التعدیل الاول له من خلال قانون (إنتخابات مجالس المحافظات غیر المنتظمة في إقلیم والاقضیة التابعة لها)  رقم (١٤) لسنة ٢٠١٩ وجری التعدیل الثاني له من خلال قانون (إنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة) رقم (٢٧) لسنة ٢٠١٩ وأخیرا وفي خطوە مثیرة في ١٣/٢/٢٠٢٣ قام مجلس النواب بعرض القراءة الأولی لمقترح قانون (التعدیل الثالث لقانون إنتخابات مجالس المحافظات والاقضیة)، والذي یستهدف من خلالها إعادة الحیاة إلی مجالس المحافظات بعد أن قام بسلبه منها سابقا، کما أن القانون یدمج بین قانون إنتخاب مجلس النواب وقانون إنتخاب مجالس المحافظات. بعد إطلاعنا علی مقترح المسودة التي تمت القراءة الاولی لها تکونت لدینا بعض الملاحظات سوف نذکرها بایجاز لغرض الاستفادة منها ولکي لا یشرع مشوها کما حدث في التشریعات السابقة، حیث یلاحظ التشتت في فهم فلسفة الدستور العراقي في موضوع أهمیة مجالس المحافظات ویبدوأن القوی السیاسیة في تخبط في هذا الصدد، مما أثر بشکل واضح في التکرار التشریعي الصادر لانتخابات مجالس المحافظات وهیکلیة المفوظیة المستقلة للانتخابات ایضا، أدناه بعض هذه الملاحظات.

هناك خطأ شکلي في القانون حیث کان من الأجدر به أن تقوم الحکومة بإرساله إلی مجلس النواب حیث یحتوي التزامات مالیة وقانونیة وسیاسیة ضمن المنهاج الحکومي، وحسب قرارات المحکمة الاتحادیة فان هذه الجنبات توجب أن یکون القانون (مشروعا) مرسلا من الحکومة حصرا، فلا نعرف إن کان الاتفاق السیاسي في تشکیل حکومة السید السوداني یتضمن هکذا قانون أم لا؟

الاشکالیة الأخری تکمن في أن المادة (١٢٢) من الدستور قد سمت المحافظات باسمها (المحافظات التي لم تنتظم في إقلیم) وذلك لکون محافظات إقلیم کردستان لها خصوصیة تشریعیة وإداریة مختلفة. علیه یجب أن یذکر في القانون الاسم الدستوري للمحافظات، إن الالتزام بالدستور یعني بالضرورة إستعمال المرادفات التي بني علیها.

لقد ذکر البند (رابعا) من المادة (١٢٢) من الدستور والتي تنص علی (ینظم بقانون إنتخاب مجالس المحافظات والمحافظ وصلاحیاتهما)، حیث  ذکرت إنتخاب المحافظ و‌هذا ما لم یتطرق له القانون لمعالجة وضعیة وجود عدد من المحافظین ممن لا یملکون الشرعیة القانونیة لممارسة مهامهم حیث لم یتم إنتخابهم من قبل مجلس المحافظة وفق البند (ثالثا) من المادة الواردة سابقا. کما ان الفقرة (خامسا) من نفس المادة تبین بشکل لا لبس فیه مبدأ الاستقلالیة، علیه وعند الاطلاع علی القانون نتساءل من الجهة أوالشخص الذي یمثل مصالح المحافظات عند مناقشة القانون الخاص بها؟ حیث مجالس المحافظات لیس لها وجود بسبب قرار من مجلس النواب الذي نصب نفسه ولیا علی مجالس المحافظات وقام بتجمیدها سنة ٢٠١٩.

ذکرت المادة (١) من مقترح القانون إستبدال عبارة (مجالس المحافظات) بعبارة (مجلس النواب ومجالس المحافظات...) وهذا غیر سلیم دستوریا وقانونیا. حیث أوجب الدستور الفصل بین مجلس النواب ومجالس المحافظات من خلال المادتین (٤٩) والبند (رابعا) من المادة (١٢٢) تباعا. یمکن أن تکون عملیة التعدیل علی القانون بأن یتم إستبدال بعض الكلمات أوالعبارات لکنه لا یستطیع أن یستبدل إسم القانون حیث هذا غیر وارد تشریعیا، بمعنی أن تغییر اسم القانون یوجب أن یکون من خلال قانون جدید یلغي القانون السابق. علیه فإن تغییر إسم القانون من (قانون إنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة) إلی  (قانون إنتخاب مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضیة) یستوجب أن یکون هناك مشروع قانون جدید بهذا الاسم یلغی من خلاله القانون الحالي لانتخاب مجلس النواب وکذلك قانون إنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة. کما أنه من غیر القانوني أن یشمل القانون مجلس النواب مع الابقاء علی اسم مجالس المحافظات فقط لهذا القانون، حیث مجلس النواب أعلی مرتبة من مجالس المحافظات. کما لم یذکر المشرع في مقترحه تعریفا لمجلس النواب وآخر لمجالس المحافظات، وهذا یدل علی ضعف في التشریع.

تذکر المادة (٤) من مقترح القانون تعدیلا علی المادة (٦) من أصل القانون، وما جلب إنتباهي هوإعطاء الشرعیة لتدخل مجلس النواب في إنتخابات مجالس المحافظات من ناحیة التاجیل وکما ذکرت ذلك في البند (رابعا) خلافا للدستور. إن من المسلم به أن قوة الدولة في تطبیق القوانین ولیس في التشریع فقط، علیه فإن من الضروري للحکومة أن لا تدع مجالا بعدم إجراء إنتخابات مجالس المحافظات وأن لا تکون المبررات بسیطة وسهلة في تأجیلها وکما لاحظنا کیف أن الوضع الامني في بعض المحافظات منع إجراءها فیها، لکن کل العملیة أصیبت بالشلل لعدم اجرائها في المحافظات الاخری المستقرة، إن هذا البند یفسح المجال أمام مجلس النواب للضغط علی الحکومة من أجل تاجیل إنتخابات مجالس المحافظات عندما تطلب ذلك وتحشد له بعض الارضیة السیاسیة.

تشیر المادة (٥) من مقترح القانون الی إشکالیة حقیقية للمشرع حیث دمج بین ما هومشروط لمرشح لمجلس النواب وما هومشروط لمرشح مجالس المحافظات، هذا بالإضافة إلی إشکالیات التناقض في بعض البنود، إن الاشکالیة التي تنتج عن المادة القانونیة لا یمکن أن تتم حلحلتها من خلال تعلیمات تصدرها المفوضیة العلیا المستقلة للانتخابات لاحقا، لکن العکس صحیح. کما أشارت نفس المادة والتي إستندت إلی التعدیل علی المادة (٧) من أصل القانون، أشارت في البند (خامسا) إلی ما نصه (أن یکون مرشح مجلس المحافظة من أبناء المحافظة التي یرشح فیها بموجب سجل الأحوال المدنیة اومقیما فیها بشکل مستمر مدة لا تقل عن (١٠) عشر سنوات علی أن لا تکون اقامته لأغراض التغییر الدیموغرافي) نضع تحت آخر کلمتین خطا أحمر، فبعد أکثر من عشرین عاما من تغییر النظام في العراق لا زالت القوی السیاسیة تتحدث عن التغییر الدیموغرافي وتحاول أن تلزم المشرع به خلافا للدستور حیث أن حق الترشح مضمون لکل العراقیین والأساس في الانتخاب الحصول علی الاصوات. یمکن أن نقول عن هذا البند أنه سوف یستغل سیاسا من قبل جهات نافذة في محافظة معینة ضد أشخاص لا یرغب في ترشحهم. کما ذکرت هذه المادة في البند (سابعا) ما یشبه العقوبة الأبدیة وخلافا للدستور لاعضاء مجلس المفوضین للمفوضیة العلیا المستقلة للانتخابات للدورة الحالیة والسابقة، حیث أنه من المسلم به أن لکل عراقي وفق ما ورد في الدستور التقدم للترشح لمجلس النواب، لکن یبقی مبدأ عدم الازدواجیة نافذا وکما تشیر الیه المادة (٩٨) من الدستور في البند (اولا) منه.

ذکرت الفقرة (اولا) من المادة (٦) من القانون علی أن یتم تعدیل المادة (١٥) من القانون السابق، کما ألزم أعضاء مجلس النواب بعدد (٣٢٩) عضوا. وهي مخالفة واضحة لفقرة (اولا) من المادة (٤٩) من الدستور، التي تنص علی (یتکون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لکل مائة الف نسمة......) وبما أن الحکومة العراقیة ومن خلال وزارة التخطیط ووزارة التجارة تتعامل مع ما موجود عندها من إحصائیات لسکان العراق وعلی أساسه یتم توزیع الحصص التموینیة ویتم توجه الخدمات والتنمیة، لذلك فان الانتظار لحین إجراء تعداد للسکان لیس منطقیا بل هویمنع المواطن من الحق الذي ضمنه الدستور له حیث خلال فترة دامت أکثر من عشر سنوات لابد أن هناك زیادة في عدد السکان وعدد من له حق التصویت، علیه من المنطقي التوجه نحوالجهاز المرکزي للاحصاء من أجل تزوید المشرعین بخر الاحصائیات وبدقة والتي أعلنت أن عدد سکان العراق تجاوز (٤١) ملیون نسمة عام ٢٠٢١.

هناك عدد من الملاحظات القواعدیة واللغویة في مقترح القانون، حیث یبدوأنه لم یعرض علی لجنة التدقیق اللغویة في مجلس النواب قبل الشروع بعرضه علی السادة الاعضاء. لقد وجدت عددا غیر قلیل من الملاحظات الفنیة المعنیة بالمفوضیة المستقلة للانتخابات التي کان من الأجدر أن تکون قد راجعت القانون وقدمت ملاحظاتها علیه کي یکون مقترحا متکاملا من ناحیة التشریع ومن ناحیة منح الصلاحیات المطلوبة للمفوضیة في عملیة تنظیم وإصدار التعلیات المناسبة لمجمل العملیة الانتخابیة.

إن قانون إنتخاب مجلس النواب وإنتخاب مجالس المحافظات والاقضیة من القوانین المهمة في عملیة تثبیت أرکان الدولة الاتحادیة العراقیة الحدیثة وعلی القوی السیاسیة التوصل إلی قانون ثابت یضمن الاستقرار في عمل مجالس المحافظات حیث هي العمود الفقري لتنمیة وتطور المحافظات.

ـــــــــــــــــــ

*عضو مجلس النواب سابقاً

عرض مقالات: