اخر الاخبار

«نحن نعيش في عصر يتداعى»، من هذا ينطلق مؤلف كتاب «الإصلاح – كيف تنجو الأمم وتزدهر في عالم يتداعى»، الأمريكي جوناثان تيبيرمان الذي صدرت له ترجمة عربية وضعها أشرف سليمان، ونشرت في سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية. مدللاً على رأيه، يقول الباحث: «افتح أي صحيفة أو مجلة وتصفح العناوين، أو طالع أخبار التلفزيون فيتسلل إليك الوجوم الذي يمكن أن يتغلب عليك بسهولة».

وكونه أمريكياً يعيش في مدينة نيويورك، فإن الكاتب ينطلق بدءاً من واقع يومي يعيشه سكان المدينة، قائلاً: «إذا كنت مثلي تعيش في مدينة كبيرة مثل نيويورك فستشعر أن قدميك لا تستطيعان حملك وأنت تتجه إلى البيت وترتد على جانب الطريق الوعرة، أو تتزاحم لنيل مساحة في مترو أنفاق مكتظ، وبمجرد العودة إلى المنزل فستواجه مزيداً من نذر الشؤم عند وصول الفواتير والبيانات المصرفية الخاصة بك».

ينقل الكاتب عن دراسة للبنك المركزي الأمريكي أن 47 في المائة من الأمريكيين لا يملكون الآن سوى قليل من المدخرات، بحيث لا يمكنهم تغطية نفقات الطوارئ البالغة 400 دولار فقط.

لكن غاية الباحث ليست تقديم هذه الصورة السلبية، الواقعية على كل حال، عن بلاده وعن وضع العالم عامة، وإنما الانطلاق ذلك لتقديم ما يعدّه نماذج ناجحة في التغلب على معضلات العصر، وهذه النماذج التي بلغ عددها في الكتاب عشرة، تتوزع على مختلف قارات العالم ومناطقه، وبينها، على سبيل المثال لا الحصر، تجربة كندا في التعامل مع ملف الهجرة، وتجربة إندونيسيا في احتواء «التطرف الإسلامي»، وتجربة رواندا في التعايش مع المصالحة التي يصفها الكاتب ب«الموجعة»، وتجربة سنغافورة في التغلب على الفساد، وتجربة كوريا الجنوبية في الحفاظ على نمو اقتصادها، وسوى ذلك من التجارب التي يمكن التعرف عليها في صفحات الكتاب.

وكما نرى، فإننا لسنا فقط إزاء تجارب يعدّها الباحث ناجحة، وإنما بصدد عدد من الملفات الأكثر حيوية وأهمية في عالم اليوم، كالتطرف الديني، واستشراء الفساد، ومعضلات النمو السياسي، والهجرة، والحقوق السياسية المختلفة بما فيها ملف حقوق الإنسان وثيق الصلة بالمصالحة في المجتمعات المنقسمة على نفسها، ربما لنصل إلى خلاصة بأنه يمكن وقف التداعي في «عالم يتداعى».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحيفة “الخليج” – 5 آب 2022

عرض مقالات: