اخر الاخبار

بلغ الأمر ان العشائر باتت تستعمل قذائف rbg7 في ابتزاز المستثمر الاجنبي في حقل الغراف النفطي، لغرض استحصال فرص عمل لديه، وهذه الحادثة اعتيادية، عندما يذكر مستشار محافظ البصرة لشؤون العشائر خلال حديث صحفي في 10/شباط /2022 أن (نزاعا عشائريا وقع في منطقة الكرمة، شهد تطورات جديدة تمثلت في استخدام الطائرات المسيرة لتصوير الأهداف وتحديدها، ومن ثم ضربها، لافتا إلى أن العشائر المتنازعة أطلقت صواريخ متعددة الانواع ومختلفة المديات). 

ولنا أن نتصور الموضوع بدون تعليق، لأن ما خفي أعظم.  وهذا ليس جديد في تاريخ العشائر والقبائل، ولكن القفزة النوعية هي الأغرب.

فقد اسس النظام السابق بعد حرب الكويت، نظاما عشائريا يخدم أغراضه الأمنية، بأن صنف شيوخ القبائل (درجة أ وباقي شيوخ العشائر درجة ب) ولكن لم يفعل قانون دعاوي العشائر الملغى عام 1959 بعد تشريع قانون الاصلاح الزراعي المعروف. هذه الارضية القانونية والبنية التحتية الاجتماعية لها بقت تراوح ان لم تتفاقم، نظرا لتراجع الزراعة بجناحيها النباتي والحيواني، نتيجة سوء الإدارة وشحة المياه وصولا لتجفيف الاهوار آنذاك. 

وتعززت سلطة العشائر كما هي، بالدستور الحالي وفق الماده 45 بما يلي: (تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية، وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون، وتعزز قيمها الإنسانية النبيلة بما يساهم في تطوير المجتمع وتمنع الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان). وبعد 17 سنه من صدور الدستور لم نلمس اي قانون يترجم الماده اعلاه قانونيا سوى قانون الدكة العشائرية، المستحدثة في ظل هذا القانون في المدن.  

فالعشائر في المدن بعد الهجرات انتظمت كون الحكومات المتعاقبة لم تعالج اسباب الهجرة بل تركت المواطنين نهبا للفقر والفاقة سواء في الريف او المدن، وبسبب بطالة وما يترتب عليها تواصلت الهجرات المستمرة من اربعينات القرن الماضي، وتحول أغلبهم  في المدن إلى اقرب للبروليتارية الرثة ، ولا تستطيع الدولة أن توفر فرص عمل لهم، ولذلك انشأت صناديق ضمان عشائرية، لمواجهة تعويضات الجرائم والجنح، ليسقط الحق الشخصي سواء بالحشم او الدية، وليصبح الحق العام معلقا او مخففا للعقوبة، مما شجع كثيرا على المخالفات القانونية جنحا او جنايات .   

السؤال الاساس كما سأل غيرنا (ما العمل؟)  صاحب الحل ليس لديه عصا موسى، والعمل التقليدي بترك الأمر للمشايخ الحاليين بدون أدوات عملية ايجابية هي حلقة مفرغة حتى بتدخل رجل الدين، ومع توسع المشكلة فقد الكثير من المشايخ كارزميته واسموهم (شيوخ التسعين او الدمج)، كونهم ليس لهم سلطة ذات ادوات اقتصادية لان المركز الاجتماعي يتأكل لصالح الارتزاق السياسي، وأصحاب درجة أ بعيدون عن المسرح كما انهم ملاك غياب اي بعيدون عن الريف لكي يمدوا أذرعهم المعترف بها للمدينة. لذا ينبغي ان نعترف ان الجهاز البيروقراطي فشل في تنفيذ قانون الاصلاح الزراعي عام 1959 وبعده قانون 1971. رغم الادوات الرسمية الفاعلة آنذاك، لأسباب لسنا بصدد الخوض بها، لذلك يصبح الخيار الأسلم بأن تتاح الفرص ماليا وفنيا وقانونيا لإقامة مزارع وحقول في المحافظات بانظمة زراعية حديثة وجمعيات تعاونية، بكل محافظة حسب ظروفها الاجتماعية و تجارب القطاع الخاص، او الاستفادة والتنسيق مع ما تقوم به ادارات العتبات المقدسة في مشاريع ناجحة في الزراعة والصناعة وصولا لتأسيس جامعات ومستشفيات. لكي نضمن أمننا الغذائي وأمننا اجمالا، ولا ننسى أنه سيزدهر الاستثمار الاجنبي والمحلي برعاية وزارة الزراعة، وليزدهر ريفنا بزراعة متكاملة مع معامل الصناعات الغذائية ومستغلين ما تجود به الطبيعة ودول المنبع وأنهارنا بعد كريها وخزين سدودنا مع مياهنا الجوفية. وهكذا كان ولازال العامل الاقتصادي وبنيته المتجددة هي أول وآخر الحلول عادة.

عرض مقالات: