اخر الاخبار

لم تكن "طريق الشعب" أول صحيفة عراقية أنشر فيها قصائدي، أنا الشاعر الشاب، بل كانت صحيفة "الفكر الجديد" الأسبوعية قبل أن تصبح يومية، فيما بعد، لكن "طريق الشعب" صارت هي الصحيفة الأم، لاحقاًً.. أقتنيها، يومياً، وأنا في السنة الثانية، في معهد إعداد المعلمين، رغم ما يمثله هذا الفعل من دليل دامغ على ثبوت التهمة وما تعنيه من تبعات خطيرة.

فوجئت بخبر منشور، في صفحتها الأخيرة، يعلن عن أمسية شعرية ستقام بعد يومين (أو ثلاثة) في جمعية الفنانين التشكيليين، لأعثر على اسمي بين المشاركين، فغمرتني موجة عاتية من الفخر والفرح والخوف، إذ لم يبلغني أحد بموعد الأمسية ولم يأخذ رأيي، وإذ أتحرى الخبر علمت أن الراحل سعدي يوسف هو أحد الذين وراء فكرة الأمسية وهو من اقترحني لأكون بين شعراء عراقيين سبقوني خبرة وشهرة، فأنا في بداية عشريناتي، وليس من ريشٍ كافٍ بأجنحتي لأطير شاعراً بين أسماء الكبار الذين سبقوني ولست على معرفة شخصية بأكثرهم، رغم أنني قرأتهم وتأثرت بهم وأعجبت بتجاربهم، وفي مقدمتهم، طبعاً سعدي يوسف الذي صار فيما بعد أقربهم لمزاجي، صديقاً شخصياً وشاعراً شخصياً، منذ بغداد حتى منذ لندن، حيث كان جاري.

"طريق الشعب" مساحة ضوء في مسيرتي، ليست كصحيفة ورقية، بل كمحطة للشعر والصداقات والتغيير.

بعد أن أغلقت "طريق الشعب" ظلت "الفكر الجديد" تصدر!  فعدت إليها متطوعاً مجانياً، عام ١٩٧٨، وهو سنة ظلماء شديدة القسوة على الشيوعيين، فشكلنا لجنة متطوعين سرية، من الشاعر الراحل وليد جمعة وشاعر آخر، وافق على مشركتنا ولكنه لم يسهم في الكتابة، ولا أريد ذكر اسمه، فتناوبنا وليد وأنا على تحرير الصفحة الأخيرة، كانت بعنوان "صفحة المحرر"، يختار محررها نصوصاً عدة، قصائد ومقولات وإشارات، من عصور مختلفة وبلدان متنوعة. كانت صفحة وليد من أجرأ الصفحات في لمز وغمز سلطة البعث.

"طريق الشعب" لم تزل "مساحة ضوء" رغم التعتيم، السابق واللاحق، ورغم الحصار الراهن على الكلمة الحرة والنقد الجريء.