اخر الاخبار

يشير الخطّ الزمني لتطوّر الأحداث في سوريا إلى أن التمرد العسكري سيرافق المرحلة الانتقالية في سوريا لكون أن عملية التغيير لم تأتِ بالانتقال السلمي للسلطة انما عن طريق سطوة مليشيات إسلامية منبثقة من تنظيمات إرهابية أثرت في المنطقة وخصوصا العراق وسوريا، وما يحصل اليوم من تهديد للسلم المجتمعي في سوريا هو رد فعل جداً طبيعي لحكم ولد من رحم الإرهاب لا يعترف بالحوار ونظرته إلى حكم الدولة تتصف بالجهادية بعيدة عن حنكة الإدارة والحكم الرشيد.

أحمد الشرع باع الوهم للجماهير العطاشى والحالمة بوطن أجمل عسى ولعل أن تتغير الأوضاع من حال إلى حال لكون أن الأسد أنهكهم، لكن سرعان ما بزغت الشمس وذاب هذا الوهم وذاب الشرع وكشف محمد الجولاني قناع الشرع بالرغم من خلعه العباءة الجهادية وارتدائه البدلة الرسمية لكن هذا لا يعني تغير معدنه فأن تغيير الخطاب ليس بالضرورة تغيير الفكر.

لا يخفى أن ظاهرة التصحر السياسي لدى المجتمع السوري أفضت إلى عدم وجود بدائل سياسية و خصوصا أن التركة الكبيرة التي خلفها الأسد و التي أبقت سوريا ضمن دول العالم الثالث نتيجة الحروب والاستبداد تعتبر إرثا ثقيلا لا يمكن التعاطي معه بسهولة وأن هذه المؤثرات مكنت الشرع ان يبدو كشر لابد منه لما توصلت اليه سوريا من توحش اجتماعي ولا سيما في مجتمع مستنزف في حرب وقمع وضنك وتوترات من كلّ نوع ممكن (مناطقية، إثنية، دينية، طائفية، إلخ) منذ عقود وسنوات عجاف طويلة، أي أن الشرع تحصيل حاصل لخلطة فواعل خارجية و داخلية عبثت في المنطقة والارهاب والقاعدة كان لها الحصة الاكبر من هذه الفواعل، ولهذا أقدم الشرع منذ بداية الحرب السورية، على مجموعة من التحولات، التي تصب في إطار واحد، هو السعي إلى "الزعامة أولا ثم الحكم. ومع مرور الزمن يزداد تعقيد المشهد فمنطقياً من الصعب تقبل الشرع كرجل دولة لكن الواقعية السياسية طرحته ومسألة زواله تطرح سؤالا ما هو البديل بعد نشر الفوضى والسلاح من الحدود إلى الحدود وخصوصا أن اسرائيل على شفا حفرة من الوصول إلى دمشق.

المقدرات وما آلت اليه الأحداث تدل على أن الشرع لم يقدم نموذج حكم انتقالي حقيقي بل عزَّز هيمنة "هيئة تحرير الشام" على المؤسسات، مُتجاهلا دعوات الدمج، والأغرب غض طرفه عن احتلال إسرائيل للجولان والتدخل العسكري الفاضح في سوريا، في الوقت ذاته أقدمت ميليشياته على التصفية العرقية والطائفية حين تعلق الأمر بالعلويين والأقليات، فهل يا ترى سيتخلص الشرع من الجولاني الذي في داخله أم أن للجولاني كلام آخر.

عرض مقالات: