اخر الاخبار

أسوة بالأثر الكبير الذي تركه التطور التكنولوجي والأتمتة في العديد من جوانب الحياة، كان لابد من أن يصل تأثيرها إلى المعترك الاستثماري والتجاري.

ففي ما يخص العملية الاستثمارية، كما نعلم، بأن ركيزتها الأساسية تتمثل في التحليل المالي وتهيئة الظروف الأفضل، وبالتالي اتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات بالصورة الأمثل. وهنا ظهر دور التقدم التقني، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، في تسهيل هذه العملية من خلال القيام بسرعة تشخيص الوضع المالي للشركة، وجمع وتحليل بيانات هائلة العدد في وقت قصير وتحويلها الى معلومات منظمة بصورة أكثر دقة ووضوح مما في السابق، باستخدام أساليب إحصائية ورقمية حديثة.

فضلاً عن ذلك، فقد أخذ المحور التكنولوجي أبعادًا أخرى، حيث أصبح يأخذ شكل أدوات مالية يمكن توظيفها لتحقيق استثمار ناجح وعوائد مرتفعة. فظهور عملة (البيتكوين *) في مطلع العقد الأخير وغيرها من العملات، ومع نجاح تداولها في الأسواق خصوصًا الإلكترونية، أدى ذلك إلى تغيير نظرة بعض المستثمرين، وبالأخص فئة الشباب منهم، حول جدوى استخدام الأدوات المالية التقليدية كالأسهم والسندات، واللجوء إلى تلك العملات كونها وسيلة أو مصدرًا جديدا لتحقيق الثروة المالية والاستثمار الناجح. مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم توفر غطاء قانوني أو جهة حكومية داعمة لها، وما تواجهه من تقلبات عالية في أسعارها.

أما حقول التجارة، فهي الأخرى قد تأثرت بالمد التكنولوجي، حيث أصبح بمقدور الشركات الترويج لما تقدمه من سلع وخدمات، سواء كانت ضرورية أو كمالية، وتحديد فئة الجمهور التي تريد استهدافها من خلال ما يعرف بالأسواق الرقمية، التي سهلت بشكل واضح التعامل بين الزبون والمنتج. إذ بات ممكنًا إتمام صفقات بيع وشراء منتجات نهائية بشكل غير مباشر بين الطرفين (البائع والمشتري) من خلال تطبيقات رقمية في الهواتف الذكية، دون أن يستغرق ذلك وقتًا طويلًا. مما جعلها اتجاهًا حديثًا ازداد انتشارًا بين الأفراد والشركات.

لكن، بعيدًا عن الميزات والتغيرات الإيجابية فيما يخص المحور التجاري، ستواجه تلك الأسواق كونها إلكترونية مخاطر عدة، من أهمها خطر القرصنة، وسرقة المعلومات الخاصة بها، وتشويه سمعتها من خلال تقديم محتوى سيئ لا يمت لها بصلة. وجراء ذلك، يتكبد السوق خسائر مالية كبرى.

وبالتالي، تحتم على إدارة تلك الأسواق وضع جل اهتماماتها فيما يتعلق بالأمن السيبراني، وما يتضمنه من توفير للحماية والحفاظ على سرية تلك المعلومات، وجعلها صعبة المنال على المخترقين والمقرصنين.

ختامًا، ما استعرضناه مسبقًا حول ما أحدثته التكنولوجيا بكافة أشكالها من تطور وتسهيل للظروف في القطاعين التجاري والاستثماري، موضوع يستحق النقاش. مع ذلك، من الضروري أن يتم تقنينه والسيطرة عليه من قبل الحكومات. حيث إن التعويل المبالغ به على تلك التسهيلات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وغيره من الوسائل التقنية المتطورة، سوف يقلص الفرص المتاحة بالنسبة للطبقة العاملة، وبالتالي تحقق درجة عالية من البطالة، مما يترتب عليه تأثيرات سلبية ضخمة على الاقتصاد الوطني.

وقد يتبادر إلى الذهن تساؤل "كيف يمكننا توظيف حافات التكنولوجيا الجديدة بشكل يعزز من إنتاجيتنا ويحفظ خصوصيتنا في نفس الوقت؟"

ــــــــــــــــــــــ

  • البتكوين: عملة رقمية مشفرة لا تخضع لرقابة الحكومة موجودة بشكل كامل على شبكة الأنترنت وكذلك يمكن شراوءها من البورصات الرقمية حيث انها لا تحتاج الى وسيط لأكمال عمليات البيع وتعتبر احد البدائل للعملات النقدية.
عرض مقالات: