اخر الاخبار

يواجه الطلبة اليوم، سواء طلبة المدارس أم الجامعات، صعوبة في فهم المناهج الدراسية، سببها إغراق تلك المناهج بالتفاصيل، بالشكل الذي لا يساعد الطالب على المسك بالاطار العام  للموضوع الدراسي وفهمه، وبالتالي تحقيق أكبر فائدة من تعلم هذا العلم أو ذاك، وتطويره.

فعندما يتم إغراق الطالب بالتفاصيل والارقام والقوانين والقواعد النظرية، ينتهي به المطاف إلى حفظ المادة الدراسية، دون أن يفهمها! وهذه الإشكاليات تكون على ثلاثة مستويات متسلسلة ومتداخلة، هي: الوزارة (التربية - التعليم العالي)، المؤسسات التعليمية (المدارس - الجامعات -المعاهد) والأساتذة.

لو أخذنا المناهج الدراسية على سبيل المثال، سنجد انها تحتاج إلى تحديث مستمر. حيث لا يمكن الاستفادة من دراسة مادة طيلة عام دراسي كامل يمكن أن تختصرها التكنولوجيا بضغطة زر!

أما بالنسبة للأساتذة، فقد حدث في العام الماضي ان صدر قرار بتعيين أصحاب الشهادات العليا. وكان صدور القرار في نهاية الفصل الدراسي الأول. ولهذا السبب تم إفراغ الجامعات، وعلى وجه الخصوص الجامعات الأهلية، من الكوادر التدريسية الشابة التي كانت متعاقدة معها، فحدثت فجوة كبيرة وإرباك شديد، ما استدعى من الجامعات التعاقد مع أساتذة متقاعدين كبار في السن، معظمهم لا يزال يتبع الطرائق التقليدية في التدريس ولم يواكب ما حصل من تطور وتحديث في هذا الجانب.

عن ذلك، كتبت العام الماضي، وللتنويه فإن هذا الموضوع سيتكرر هذا الشهر من العام أيضا، وسنواجه المشكلة ذاتها وبصورة أكثر تعقيدا!

ومن الإشكاليات الأخرى التي يواجهها الطالب، هو تأخر بدء العام الدارسي لظروف إدارية، أو كما حدث في السنة الماضية عندما قامت وزارة التعليم العالي بإصدار قرار يقضي بتقديم موعد انتهاء العام الدراسي إلى نصف العام، ما أربك الواقع التعليمي. لذلك اضطر الأساتذة إلى الدخول في سباق مع الزمن وتقديم مادتهم الدراسية بشكل عجول، فأصبحت العملية التعليمية إسقاط فرض!

هذه الإشكالية تتحملها الوزارة والمؤسسة التعليمية، وهي ناتجة عن قصور الرؤية وسوء التقدير. ولا يخلو الأمر من الجنبة السياسية ومساوئ نظام المحاصصة الذي أفرز لنا أصحاب قرار بهذا الشكل وبهذه العقلية والكيفية.

أما الإشكالية الأخرى، فهي عقلية الأستاذ المحاضر وطريقة تقديمه المادة العلمية. إذ نجدها عبارة عن تلقين. اي أن الأستاذ يكون في الأغلب أشبه بكاسيت مسجل يقول فقط ولا يستمع ولا يسمح بالنقاش، فيصبح أشبه بالشيخ أو الملا، كما في القرون القديمة!

هذه الطريقة لا تتيح مساحة للفهم المرجو، ولا تمنح الطالب فرصة ليطرح ما يدور في ذهنه من تساؤلات. وفي النتيجة، نحصل على طالب غير فاهم، وأيضا غير منتج. وهنا أتحدث عن غالبية الأساتذة، واستثني القليل جدا!

لو أردنا تأشير أسباب الإشكاليات آنفة الذكر، سنجدها تتمثل في الأسلوب المتبع في وضع المنهج (المراجعة) من قبل الوزارة، مرورا بتقصير المؤسسات التعليمية، الجامعات والكليات والمعاهد وحتى المدارس، في تطوير الكوادر بما ينسجم مع التطور التكنولوجي الحاصل في العالم والسرعة والاعتماد على طرائق التدريس الحديثة.

كذلك نجد من الأسباب عدم أخذ الوزارة الدور العلمي الحقيقي الذي يفرض تطوير مهارات الأستاذ. إذ يتطلب من الوزارة توفير الإمكانات اللازمة للتطوير حتى يقدم العلم بالطرائق  الحديثة التي تصل بالطالب إلى أعلى فائدة. وهناك الكثير من الطرق التي تعتمد في هذا المجال، منها التعلم القائم على المهارات، الذي من خلاله يتم تعزيز وتطوير المهارات الأساسية مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتواصل الفعال، والابتكار، والتعلم المستمر. فتتم تنمية هذه المهارات من خلال أنشطة تعليمية متنوعة وتحفيزية، وأيضا من خلال التعلم التشاركي والتقويم التشخيصي والتعلم الذاتي والتعلم المبني على المشكلة والتعلم المعكوس والتعلم القائم على الاستقصاء والتعلم الذكي والتعلم النشط والتعلم التعاوني والتعلم القائم على المشروع، وآخرها التكنولوجيا في التعليم. إذ يمكن استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل الحوسبة السحابية، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، في العملية التعليمية. ويمكن أن توفر هذه الأدوات تجارب تعلم تفاعلية بشكل أكبر.

كما يجب على المؤسسة التعليمية والأساتذة اختيار الطرائق التدريسية التي تناسب احتياجات الطالب وتعزز تفاعله ومشاركته في عملية التعلم. كذلك يجب مراعاة استخدام التكنولوجيا المتاحة وتوجيه الطرائق بما يتوافق مع أهداف التعلم واحتياجات الطالب في العصر الحديث.

أما بالنسبة للاختبارات أو الامتحانات وأسلوب وضع الأسئلة، فهذه الأمور تحتاج إلى حديث كثير، لأنها تعاني أزمة متوارثة!

عرض مقالات: