اخر الاخبار

خرجت تظاهرات حاشدة في العاصمة السودانية الخرطوم، يوم أمس، للاحتجاج على الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين العسكريين وقوى سياسية متعددة لتدشين ما يسمونه بـ»مرحلة انتقال سياسي جديدة». وجاءت التظاهرات استجابة لدعوة ناشطي «لجان المقاومة» التي طالما رفضت التفاوض مع العسكريين منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول 2021 ضد قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، التي رأت أنها «انقلاب على السلطة المدنية»، فيما استبقت قوى التغيير الجذري انعقاد المؤتمر ورفضته رفضا قاطعا.

اتفاق إطاري

وجرت مراسيم توقيع الاتفاق الإطاري في القصر الجمهوري بالخرطوم، بحضور قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي يرأس مجلس السيادة الانتقالي ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) وسياسيين ودبلوماسيين من دول عربية وأوروبية.

وتقول بنود الاتفاق ان هناك مرحلة انتقال سياسي سيقودها مدنيون لمدة عامين وتنتهي بإجراء انتخابات.

وأكد البرهان ـ في كلمته خلال مراسيم توقيع الاتفاق ـ التزامه بخروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية نهائيا، كما ردّد هتاف «العسكر للثكنات»، وهو الشعار نفسه الذي رفعه المحتجون المطالبون بخروج الجيش من المشهد السياسي منذ تشرين الأول 2021 وتعرضوا للقتل والملاحقات من قبل قوات البرهان.

وقال قائد الجيش، «أكدنا من قبل أن وجود العسكريين في السلطة مؤقت، وأننا سنعمل على تحويل الجيش إلى مؤسسة دستورية»، داعيا في الوقت نفسه السلطة المدنية إلى «الاعتراف بالمهنية العسكرية وعدم التدخل في الشؤون الفنية العسكرية».

بنود الاتفاق

ويتكون الاتفاق الإطاري من 5 بنود رئيسة هي: المبادئ العامة، وقضايا ومهام الانتقال، وهياكل السلطة الانتقالية، والأجهزة النظامية، وقضايا الاتفاق النهائي.

ويَحُد الاتفاق المبدئي من الدور الرسمي للجيش، وسيضعه في إطار مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء، لكنه يترك قضايا حساسة - منها العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن - لمزيد من المحادثات.

ونص الاتفاق السياسي الإطاري على أن الفترة الانتقالية ستكون مدتها 24 شهرا تبدأ من تاريخ تعيين رئيس للوزراء، على أن يكون رأس الدولة قائدا أعلى للقوات المسلحة.

كما ينص أيضا على تنقية الجيش من أي وجود سياسي حزبي، وعلى أن القوات المسلحة تتخذ عقيدة تلتزم بالقانون والدستور وتقرّ بالنظام الديمقراطي.

بيد أن الاتفاق الموقع هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدّتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، حسب بيان قوى الحرية والتغيير.

قوى التغيير ترفض

في المقابل، رفضت قوى التغيير الجذري هذا الاتفاق بشكل كبير وأكدت انه تحالف سلطوي يقوّض أهداف الثورة.

وذكرت القوى في بيان طالعته «طريق الشعب»: «طالعنا جميعاً البيانات الرسمية من قوى الهبوط الناعم وشركائهم في اللجنة الأمنية والتي أصدرتها باسم مجلس السيادة الذي ما زالت تنتحل صفته رغم سقوط كل المسوِّغات  القانونية والسياسية لوجوده، أعلنت هذه الجهات في بياناتها تحديد يوم الاثنين (أمس) موعدا للتوقيع على ما أسموه (الاتفاق الإطاري) مُدَّعين استكماله لاحقا بوجود شركاءٍ متفقٍ حولهم، أو كما قال بيان مجلس السيادة العسكري. نحن في تحالف قوى التغيير الجذري نعلن ونؤكد مَوقِفنا الثابت، رفضنا المسبق لأي اتفاق مع اللجنة الأمنية التي تتسمى تارة بالمكون العسكري وتارة بمجلس السيادة، وذلك وفق الآتي: أولا: إن تسمية الاتفاق بالإطاري أو النهائي لا تغير من طبيعته شيئا فهو في كل الأحوال شرعنة لسلطة الانقلاب، وهو منحةٌ ممن لا يملك لمن لا يستحق. ثانيا: أن تسمية العملية المستمرة بالتسوية السياسية او العملية السياسية لا تغير من كونه تفاوضا «سياسيا» بين مكونين هما قوى الهبوط الناعم ووكلاء النظام السابق ممثلين في لجنته الامنية مع إضافات جديدة من قوى كانت حليفة للنظام حتى يوم سقوط رأسه بهذه الطبيعة تكون هذه التسوية المبنية على التفاوض المباشر نقيضا «كاملا» لشعار الشارع ( لا تفاوض _ لا مساومة_ لا شرعية_ لا شراكة ) وتكون القوى الموقعة بذلك خارج الكتلة الثورية بل مضادة لها.

ثالثا: لماذا تسعى قوى سياسية كانت محسوبة على الثورة وبجهد من أجل فعلٍ سياسيٍّ نقيضٍ للثورة؟ الإجابة تكمن في أن مصالح هذه القوى تتناسق وتتكامل مع بعضها ضد آمال شعبنا في الحرية والسلام والديمقراطية والعدالة، فمن تتشابك مصالحهم مع الرأسمالية الطفيلية التابعة للخارج، رأسمالية نهب الثروات من ذهب وبترول وأراضٍ وخيرات يسعون لفرض نظام شبيه بالنظام القديم. رابعا: تحتاج هذه السلطة لتجيير عنف الدولة من أجلِ تمرير سياساتها وقمع الرافضين لها وبذلك تتكامل مصالح السياسيين الساعين لورثة النظام السابق مع طموح العسكر لاستمرار سيطرتهم الاقتصادية والسياسية».

هذا وانطلقت تظاهرات تابعة إلى لجان مقاومة الخرطوم نحو القصر الرئاسي، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على متظاهرين في محطة «شروني» بمحيط القصر الجمهوري.