على شرف الذكرى الـ 90 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، احتضنت حدائق مقر اللجنة المركزية للحزب في ساحة الأندلس وسط بغداد، أمس الأول 31 آذار، أمسية حوارية مفتوحة أدارها الإعلامي علي المهنا، وتحدث فيها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب.
وقبل بدء الحوار، رحّب الرفيق مفيد الجزائري بالحاضرين، وقال إن مناسبة يوم 31 آذار 1934 هي حدث كبير في تاريخ الشيوعيين العراقيين وبلادهم، حيث تأسست قبل 90 عاما «لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار». وبعد اقل من عام على ولادتها اختارت لنفسها الاسم الأدق تعبيرا عن طبيعتها وجوهر رسالتها وهو «الحزب الشيوعي العراقي» الذي خاض نضالات كبرى من اجل حقوق الشعب العراقي والاستقلال عن الاستعمار وبناء الوطن.
بعد ذلك بدأت الجلسة الحوارية التي حضرها جمع من ممثلي القوى السياسية العراقية والرفاق والاصدقاء.
حدث كبير في تاريخ العراق
بدأ الاعلامي علي المهنا بمجموعة من الاسئلة التي تناولت بدايات تأسيس الحزب الشيوعي العراقي وصولا الى اللحظة الحالية، وما هي المكتسبات الذي حققه بعد 90 عاما من نضالاتهم، والتغيرات الكبرى التي حصلت في بنية المجتمع.
استهل الرفيق رائد فهمي حديثه بتوجيه التحية الى رفيقات ورفاق واصدقاء الحزب لمناسبة الذكرى التسعينية، مستذكرا نضالات الشهداء وعوائلهم والانصار الشيوعيين الذين قدموا الكثير في سبيل وطنهم، وسطروا بدمائهم اروع البطولات الوطنية وكتبوا صفحات مجيدة في تاريخ حزبهم الناصع.
وقال الرفيق فهمي، أن ما حققه الحزب الشيوعي العراقي على مدار 90 عاما يقر به العدو قبل الصديق، وصار ضمن اهتمامات الباحثين والمؤرخين الذين تناولوا الادوار السياسية والاجتماعية للحزب منذ مطلع تأسيسه وحتى الآن، فضلا عن انخراطه في الصراع الوطني ضد الاستعمار وقواعده العسكرية، وكان مناضلا صلبا من أجل الاستقلال وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي، مشيراً إلى جهد الحزب لتأمين وجود حركة وطنية موحدة وصلبة تجمع ما بين النضال الوطني والنضال الاجتماعي.
وتحدث الرفيق عن المحطات النضالية الكبرى التي خاضها الشيوعيون في سنوات الاستعمار البريطاني والنظام الملكي، وصولا إلى لحظة ثورة 14 تموز 1958 المجيدة التي فتحت الطريق للاستقلال السياسي ومن ثم الاقتصادي، حيث كان للحزب تأثير اجتماعي كبير لرفض التبعية والاستعمار ومظاهر الاستبداد والتخلف التي كان يعيشها العراق آنذاك، مبينا أن الحزب لعب دورا كبيرا في إغناء الحياة الثقافية والتنويرية، وكان في صدارة بناء عملية الحداثة في العراق مقابل القيم المتخلفة والبالية، فضلا عن مواقفه تجاه المرأة والشباب ودوره الثقافي والتعبوي الذي ساهم في تأسيس النقابات والاتحادات، وهذا ما لم يتحقق إلا بتضحيات جسيمة دفع ثمنها الحزب ورفاقه والقوى الوطنية.
تحديات المرحلة الجديدة وتناقضاتها
وتحدث سكرتير اللجنة المركزية عن التغييرات الكبرى التي حصلت بعد اسقاط النظام الدكتاتوري في عام 2003، حيث استطاع الحزب أن يعيد تنظيماته في ظل وجود احتلال أمريكي وقوى لا تحمل جميعها المودة تجاه الحزب.
وأشار إلى وجود مجموعة كبيرة من التعقيدات خلال هذه المرحلة، لكن مواقف الشيوعيين واصرارهم كانت أبرز أسباب عودة الحزب الى نشاطه في ظل لوحة معقدة وتغيرات عميقة طرأت على المجتمع، بدأت منذ الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وصولا الى لحظة التغيير التي أظهرت حجم التراجع القيمي والمجتمعي، نتيجة سياسات النظام والحروب المدمرة والحصار الذي عانى العراق منه.
وعن تلك التغييرات، أوضح الرفيق فهمي أنها كانت ضمن اهتمامات ودراسات الحزب، كون الشيوعيين يخاطبون المجتمع، وكان عليهم أن ينظروا بواقعية للمشهد، والعمل ضمن حدود وابعاد مثمرة تلامس تحديات الخطاب واشكال العمل وكيفية التعامل مع القوى السياسية الاخرى الموجودة والتناقضات والصراعات الاجتماعية التي يحاول البعض تقديمها بغطاء ديني أو عشائري أو طائفي والتعتيم عليها، وتقديم خطاب مؤثر اجتماعيا مقابل كل ذلك.
صراع غير نزيه
وتحدّث الرفيق فهمي عن طريقة ادارة الدولة بعد هذه التجارب المريرة والآمال بأن يكون ما بعد 2003 مرحلة جديدة لبناء العراق وتخليصه من التركات المدمرة.
وأشار إلى أن القوى المتنفذة الحالية لا تملك أي منهج أو برنامج يعالج قضايا بنية وهيكلية النظام السياسي، وكل ما موجود الآن هو صراع على تقاسم السلطة وتغيير موازين القوى من أجل ضمان المصالح، مبينا أن الدورة النيابية الحالية كان يفترض أن تنتهي سريعا وتعاد الانتخابات نظرا لحجم المقاطعة الشعبية الكبيرة لها وانسحاب أكبر كتلة انتخابية منها.
وبشأن الحديث عن الانتخابات المبكرةـ قال بانه يتوجب ان تسبقها إجراءات ملموسة لتعزيز الارداة الشعبية وتصحيح مسارها، ومغادرة نهج المحاصصة.
وعن أبرز التحديات التي واجهت الحزب بعد سقوط النظام الدكتاتوري، بيّن الرفيق فهمي أنها كانت تتعلق بجانبين، الأول هو حول كيفية انهاء الاحتلال الامريكي للبلاد، والثاني معني ببناء عراق آخر مستقر ديمقراطي اتحادي (فيدرالي)، وهنا كان على الشيوعيين مسؤولية اعادة بناء تنظيمات الحزب وتدشين مرحلة جديدة والانخراط في النضال من اجل تحقيق أهدافه بخصوص هذه التحديات وغيرها.
كما تلقى الرفيق رائد فهمي عددا من الأسئلة قدمها الحضور، أجاب عنها في ضوء سياسة ومواقف الحزب.
هذا وستنشر تفاصيل ضافية عن الأمسية الحوارية في الاعداد القادمة من «طريق الشعب».